واشنطن ترحب بدعوة روسيا للأسد بالرحيل أو الإصلاح وتدعوها للضغط اقتصاديا على النظام السوري

وفد المعارضة السورية يصل إلى موسكو غدا.. ومسؤول روسي: القول إن الأسد فقد شرعيته يدفع البلاد إلى حرب أهلية

TT

رحبت واشنطن أمس بدعوة روسيا إلى الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإصلاح أو الرحيل، إلا أنها طالبتها بالانتقال من «الضغط الخطابي إلى الضغط الاقتصادي والعسكري». وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تعليقا على التصريحات التي أدلى بها الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف حول سوريا أول من أمس: «إنه أمر إيجابي جدا، إذا كانت الحكومة الروسية في الواقع تدعو نظام الأسد لوقف العنف». وأضافت نولاند: «إننا نريد أن نرى مزيدا من الدول تنضم إلينا، ليس فقط لزيادة الضغط السياسي والخطابي على النظام، ولكن أيضا لتشديد الضغط الاقتصادي». وأشارت إلى أن «هناك المزيد من الخطوات التي يمكن أن تتخذها دول مثل روسيا لزيادة الضغط على الأسد، بما في ذلك الانضمام إلينا في حظر إرسال أسلحة إلى الأسد».

وفي الوقت نفسه، رحبت نولاند بتصريحات مسؤولين أتراك كبار بأن الحكومة التركية بصدد زيادة الضغط والعقوبات على نظام الأسد. وقالت في المؤتمر الصحافي اليومي في الخارجية الأميركية: «أعتقد أنكم تعلمون أنه في كل محادثاتنا مع الأتراك على مدى الأشهر القليلة الماضية.. تكلمنا على نطاق واسع عن قلقنا المشترك حيال الوضع في سوريا. لقد كنا شفافين جدا حول خططنا الخاصة بالعقوبات، وكان الأتراك شفافين أيضا حول الكيفية التي يمكن أن يساهموا فيها في الضغط». وأضافت: «نعم، نتحدث عن هذه الخطوات، وعن كيف يمكننا العمل معا لتشجيع مزيد من الدول لاتخاذ خطوات مماثلة».

وردا على سؤال حول ما نقلته وكالة أنباء «فارس» الإيرانية عن أن الأسد هدد بأنه قادر على إشعال «حريق» في الشرق الأوسط، بإطلاق صواريخ على إسرائيل بالاشتراك مع حزب الله وإيران، قالت نولاند: «مثل هذه التصريحات تتماشى مع مواقف نظام الأسد القاسي الذي يهتم بتحويل الاهتمام الدولي بعيدا عن مشكلته الداخلية». وأضافت: «أفضل للأسد بكثير الاستماع إلى شعبه، والتخلي عن الحكم».

من جهته، كشف ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسية المسؤول عن ملف البلدان العربية والشرق الأوسط، عن أن موسكو «لم تكن من حيث المبدأ» ضد صدور القرار الذي طرحت البلدان الغربية مشروعه في مجلس الأمن حول سوريا، لكنها «اضطرت مع الأصدقاء الصينيين إلى استخدام حق الفيتو ضده نظرا لخلوه من تأكيد استبعاد استخدام القوة العسكرية». وأشار إلى أن موسكو كانت وضعت بالتعاون مع بكين مشروع قرار يتضمن هذا المعنى، «إلا أن البلدان الغربية سارعت بطرح مشروعها على التصويت».

وقال بوغدانوف في تصريحات أدلى بها لوكالة «أنباء إيتار تاس» على هامش مؤتمر «حوار الحضارات»، الذي بدأ أعماله في جزيرة رودس أمس، عن إمكانية التعاون لاحقا مع البلدان الغربية لإصدار قرار يتضمن ملاحظات موسكو وهو ما يمكن أن توافق موسكو عليه. وأضاف أن محاولة تأكيد عدم مشروعية استمرار الأسد كرئيس لسوريا، مسألة لا آفاق لها وتتسم بطابع تخريبي «لأنها تدفع البلاد إلى شفا الحرب الأهلية». وقال إن «طرح مطالب الإصلاحات الديمقراطية على السلطة شيء والإصرار على الإطاحة بالسلطة شيء آخر». وأشار إلى أن التأكيد على أن «الأسد فقد شرعيته يتسم بطابع غير بناء، لأن ذلك يعني مطالبة الزعماء غير الشرعيين بالقيام بعمليات مشروعة في نفس الوقت الذي تبدو فيه كأنك تطالب معارضي النظام بإجراء الحوار مع قيادة غير مشروعة، وهو ما يعني الزج بالقضية إلى توجهات تخريبية لا آفاق لها تؤدي بالمجتمع عمليا إلى شفا الحرب الأهلية».

وكشف بوغدانوف عن استعدادات وزارة الخارجية الروسية لاستقبال اثنين من وفود المعارضة السورية، بدعوة من اتحاد جمعيات الصداقة والتعاون مع الشعوب الأفروآسيوية، مشيرا إلى أن الوفد الأول يمثل المعارضة الداخلية ومن المقرر أن يصل إلى موسكو غدا، بينما يصل الوفد الثاني الذي يمثل المعارضة في الخارج ممن أعلنوا في إسطنبول عن تشكيل «المجلس الوطني السوري» في وقت لاحق من الشهر نفسه، لإجراء حوار حول مجريات الأوضاع في سوريا.

وكشف المسؤول الروسي الكبير عن أنه قد يجتمع مع وفد المعارضة السورية الداخلية التي يمثلها خمسة أو ستة من موفدي مختلف الأحزاب المعارضة في مقر وزارة الخارجية الروسية بعد غد الثلاثاء. وإذ أكد بوغدانوف في حديثه إلى وكالة «تاس» على «عدالة المطالب الشعبية التي تطرحها قوى المعارضة السورية»، قال إن «القيادة السياسية السورية اعترفت صراحة بأنها تأخرت كثيرا في إجراء الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية». وأعلن بوغدانوف عن دعوة موسكو إلى السلطات السورية والمعارضة بالابتعاد عن اللجوء عن العنف، مشيرا إلى أن سوريا «تشكل حجر الزاوية للبنية السياسية الشرق أوسطية، وأن الوضع فيها يؤثر على عدد من الجوانب الإقليمية الأخرى». وأضاف أن موسكو تنطلق في دعوتها إلى المعارضة من جدوى إجراء مثل هذه الاتصالات للاطلاع على وجهات نظر المعارضة من جانب، وإطلاع ممثلي المعارضة على تقديرات موسكو وتنبؤاتها من جانب آخر، بعيدا عن الاستعانة بأي وساطات.

وأكد بوغدانوف أن سياسات موسكو تعتمد على ضرورة الحوار سبيلا لحل المشاكل القائمة بين المعارضة والسلطة، بعيدا عن استخدام العنف بما يمكن أن يحول دون نشوب الحرب الأهلية واحتمالات وقوع عمليات مدمرة سواء في الداخل أو الخارج. وتأتي هذه الجولات من الحوار بعد إعلان الرئيس ديمتري ميدفيديف أول من أمس ولأول مرة حول مطالبة الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي في حال عدم قدرته على سرعة تنفيذ الإصلاحات في البلاد. وكان ميدفيديف قال أيضا إن موسكو لم تكن لتستخدم حق الفيتو ضد مشروع القرار المقدم من الدول الغربية لو أنه تضمن النص على استبعاد استخدام القوة العسكرية على غرار السيناريو الليبي الذي استند إلى إغفال القرار 1973 الصادر عن مجلس الأمن لمثل هذا الاحتمال.