خارطة طريق أوروبية لرسملة المصارف.. وترحيب ألماني بمقترح هولندي بتعيين مفوض لليورو

دبلوماسي أوروبي: لم تعد اليونان المشكلة الكبرى

TT

ظهرت مقترحات من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، ومنها هولندا، تتعلق بحلول للمشاكل التي تعانيها منطقة اليورو، وتنعكس بالتالي على التكتل الموحد بشكل عام، وتتعدى ذلك بالتأثير على الاقتصاد العالمي.

جاء ذلك عشية اجتماع قمة بين أكبر الاقتصادات الأوروبية، وهما ألمانيا وفرنسا، التي تأتي قبل أسبوع من انعقاد القمة الأوروبية المقررة في بروكسل في السابع عشر من الشهر الحالي، ومن بين تلك المقترحات وجود مفوض لليورو أو قسم خاص في الاتحاد الأوروبي يشرف على استقرار منطقة اليورو.

ولاقى المقترح تأييد دول في التكتل الموحد، وأعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن تأييدها لتعيين مفوض أوروبي لشؤون العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) وذلك في خطوة ترمي إلى دعم الجهود الرامية إلى الخروج من أزمة الديون الأوروبية، والتصدي لأزمات لاحقة محتملة. وقالت المستشارة، بعد لقاء مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روتا في برلين: إن فكرة الجانب الهولندي «تستحق الاهتمام»، مطالبة بمواصلة تقديم الأفكار التي تصب في مصلحة الحفاظ على اليورو كعملة أوروبية موحدة وقوية. وعزت ميركل تأييدها لفكرة تعيين مفوض اليورو بأن هذا المنصب سيتيح للاتحاد الأوروبي فرصة التدخل إذا أخفقت دولة ما من دول منطقة اليورو في الوفاء بتعهداتها إذا دار الحديث عن المحافظة على استقرار اليورو أو عن عدم قدرة اقتصاد هذه الدولة على تحقيق النمو المطلوب. كانت الحكومة الهولندية قد اقترحت، قبل شهر، تعيين مفوض أوروبي لليورو يأخذ على عاتقه مهمات تتعلق بالحيلولة دون انزلاق دولة ما في مشكلة المديونية كما هو الحال الآن في اليونان.

وقال رئيس الوزراء الهولندي من جانبه: إن قيام قسم يشرف على استقرار اليورو لمساعدة الدول الأوروبية التي تعاني أزمات مالية يأتي من أجل تحسين وضعية اقتصاد هذه الدول بدلا من الفكرة التي يثيرها بعض زعماء الاتحاد الأوروبي حول قيام حكومة اقتصادية في منطقة اليورو، مبينا أن مثل هذه الحكومة ستسهم في إحداث بلبلة بالسياسة الأوروبية. وعشية القمة الألمانية - الفرنسية، المقررة الأحد في برلين، أعلنت وزارة المال الفرنسية أن باريس تؤيد تنسيقا أوروبيا لإعادة رسملة المصارف الأوروبية بهدف تحديد قيمة الرأسمال اللازم والجدول الزمني لبلوغه والأدوات المطلوبة لتنفيذ العملية.

وأكدت الوزارة عدم وجود أي اختلاف فرنسي - ألماني في وجهات النظر. وأوضحت وزارة المال الفرنسية أن برلين وباريس متفقتان على أن رساميل المصارف يجب أن تكون أكبر، بما فيها المصارف الفرنسية، مؤكدة أن هذا الأمر يتفق والمعايير الدولية الجديدة لـ«بازل 3». وكثَّف المسؤولون الأوروبيون والنقديون الدوليون من اتصالاتهم وتحركاتهم في سعي إضافي لاحتواء أزمة منطقة اليورو التي باتت تتحول إلى أزمة تطال المؤسسات المصرفية بالدرجة الأولى وتتجاوز إشكالية إدارة أزمة ديون اليونان السيادية.

وقال مصدر دبلوماسي أوروبي في بروكسل: إن القادة الأوروبيين بدأوا مشاورات بالفعل لوضع خريطة طريق مشتركة لرسملة المصارف الأوروبية في أول تحرك من نوعه منذ اندلاع الأزمة المالية عام 2008.

ويتعرض زعماء الاتحاد الأوروبي، الذين يجتمعون على مستوى القمة في بروكسل يومي 17 و18 أكتوبر (تشرين الأول)، إلى ضغوط علنية متصاعدة من قبل عدد من الأطراف الدولية لجرهم إلى حسم تعاملهم مع التهديدات المحدقة بالمصارف الأوروبية المتورطة في تمويل سندات سالمة مرتبطة مباشرة بديون عدد من الدول. وباتت المؤسسات المصرفية الأوروبية في الواجهة الأمامية من إدارة أزمة منطقة اليورو بسبب الأصول الضخمة التي قامت هذه المؤسسات بتعبئتها في السابق في تمويل ديون دول مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا. وقال دبلوماسي أوروبي: إن اليونان لم تعد تمثل المعضلة الأولى للأوروبيين ولكن المصارف أيضا.

وأقر المجلس الوزاري الاقتصادي والمالي الأوروبي، الأسبوع الماضي، ما يُعرف بـ«حزمة التشريعات الـ6» للإدارة الاقتصادية التي أقرها البرلمان الأوروبي في الثامن والعشرين من الشهر الماضي، بعد اتفاق جرى التوصل إليه بين الرئاسة البولندية الحالية للاتحاد، والبرلمان الأوروبي، في العشرين من الشهر نفسه، لم يتخذ أي قرار بشأن مساعدة مالية جديدة لليونان بسبب تعطل الـ«ترويكا» في مهمتها بأثينا، وبالتالي تأخر تقديم تقريرها حول محادثاتها مع المسؤولين اليونانيين، وتوقعت المصادر الأوروبية ببروكسل أن يتم اتخاذ قرار حول هذا الصدد خلال اجتماع لقادة منطقة اليورو، على هامش انعقاد القمة الأوروبية السابع عشر والثامن عشر من الشهر الحالي، وقال بيان صدر في ختام اجتماعات لوزراء المال والاقتصاد، انعقدت في لوكسمبورغ: إن المجلس الوزاري أقر 6 مقترحات تشريعية في الإدارة الاقتصادية تهدف إلى تعزيز الإدارة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي، وتحديدا في منطقة اليورو، كجزء من استجابة التكتل الأوروبي الموحد للاضطراب في الأسواق، الناجم عن أزمة الديون السيادية. وأشار البيان إلى أن التدابير المنصوص عليها تضمن التنسيق اللازم لتفادي تراكم الاختلالات وضمان التمويل العام المستدام، وتضمن التدابير تعزيز الانضباط في الميزانية في إطار وثيقة الاستقرار والنمو، كما أوصى المجلس بترشيح الألماني يورغ أسموسن لعضوية المجلس التنفيذي للمركزي الأوروبي لخلافة يورغن ستارك الذي استقال في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي. وقال بيان أوروبي: إن التوصية ستقدم للمجلس الأوروبي لاعتمادها بعد التشاور مع البرلمان الأوروبي ومجلس محافظي المركزي الأوروبي، ويعتبر الأخير هو المسؤول عن تنفيذ السياسة النقدية على النحو المنصوص عليه.

جاء ذلك بعد أن اتفق وزراء المال والاقتصاد في منطقة اليورو على مطالبة اليونان باتخاذ «إجراءات تدعيم إضافية لسد أي عجز مالي بالنسبة لعامي 2013 و2014»، والإسراع في خطط الخصخصة. وأعرب الوزراء عن ارتياح منطقة اليورو للإجراءات الأخيرة التي أعلنت عنها اليونان، مشيرين إلى أن تطبيق أي خطط تقشف إضافية يجب أن يتم بالاتفاق مع الـ«ترويكا» (المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي). وقالت مصادر أوروبية: إنه خلال الاجتماعات درس وزراء مالية واقتصاد الاتحاد الأوروبي قدرة دول تتمتع بوضع اقتصادي أكثر قوة، مثل ألمانيا، على استغلال هامش المناورة في ميزانياتها للإبقاء على إجراءات التحفيز وبالتالي الإسهام في نمو الاقتصاد الأوروبي ككل.