رئيسة لجنة تحكيم مهرجان الإسكندرية تهدد بالانسحاب

الفيلم التونسي «النخيل الجريح» يعيد إلى الأذهان واقعة منسية جرت في مدينة بنزرت

TT

يأبى مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي أن تتم فعالياته بلا مشاكل مثيرة للجدل حول جدية المهرجان وجدواه؛ ففي دورته الحالية، الـ27، هددت رئيسة لجنة التحكيم، المخرجة الإسبانية هيلينا تايرنا بانسحابها من المهرجان، وذلك في أعقاب تأخر عرض الفيلم الإسباني «خطط للغد» لمدة ساعة كاملة، مما وضع إدارة المهرجان في موقف لا تحسد عليه.

واعترضت تايرنا، من جانب آخر، على مخالفة المهرجان للوائح والقوانين المتعارف عليها دوليا في المهرجانات، التي تمنع عرض الأفلام المشاركة بنسخ على أسطوانات مدمجة (دي في دي)؛ حيث عرض المهرجان 4 أفلام بهذه الطريقة، مبررا ذلك بتأخر نسخ الأفلام 35 ملل في المطار.

أقيمت على هامش مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي ندوة «السينما.. هل تدفع إلى الثورات أم هي إلهام لها؟»، التي أدارها الناقد السينمائي رؤوف توفيق، بحضور المخرج التونسي عبد اللطيف بن عمار، والمخرج السوري محمد عبد العزيز، والفنان هشام عبد الحميد، والفنانة اللبنانية كارمن لبس.

وأكد المخرج السوري محمد بن عبد العزيز أن مصر هي بوصلة السينما العربية؛ فإذا حدث تغير في السينما المصرية فإنه سينعكس بطبيعة الحال على سائر الدول العربية، مشيرا إلى عدم تفاؤله بالسينما العربية، خاصة مع انحصار عدد الأفلام الجادة. بينما ذهبت الفنانة اللبنانية كارمن لبس إلى ضرورة تضافر جهود الكتاب والمخرجين وصناع السينما من أجل التوثيق السينمائي للثورات العربية من خلال عمل ضخم يطرح جميع وجهات النظر.

وانتقد الفنان هشام عبد الحميد، الذي يعرض المهرجان له فيلم «لا»، سيطرة رجال الأعمال على الإعلام بمليارات الجنيهات في هذه المرحلة المهمة من تاريخ مصر، التي تتبعها السيطرة على السينما وصناعتها، وطالب بمحاولة التصدي لسطوة المال والسلطة على صناعة السينما في العالم العربي.

من جانبه، قال السيناريست ممدوح الليثي إن السينما كانت دائما ترصد الثورات في البداية والنهاية فقط، مشيرا إلى أهمية أن يتناول العمل التتابع الزمني للثورات من بدايتها ومرورا بتفاصيلها الدرامية وحتى نهايتها، سواء نجاحها أو فشلها.

وحاز الفيلم التونسي «النخيل الجريح» إعجابا واسعا في عرضه الأول ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الإسكندرية لسينما دول حوض البحر المتوسط، وأشاد معظم من حضروا العرض بالمستوى الفني المتميز للفيلم.

ورشح عدد من السينمائيين والنقاد الفيلم لجائزة مهمة في المهرجان عقب عرضه الأول مساء أول من أمس السبت، خاصة أن أحداثه تدور حول فترة تاريخية مهمة في حياة المنطقة العربية كلها. وقال مخرج الفيلم، عبد اللطيف بن عمار، في ندوة تلت العرض، إنه يتعامل مع اختيار أعماله كمواطن أولا قبل أن يكون مخرجا، مضيفا أنه يختار الموضوع المناسب للجمهور بعد أن يضع نفسه في مقاعد المتفرجين حتى تصل هذه الأعمال إلى المتلقي بالشكل الأمثل.

وأضاف بن عمار، في الندوة التي أدارتها الناقدة خيرية البشلاوي بحضور بطلة الفيلم ليلى أوز، أن السينما في تونس تحرص في المقام الأول على إرضاء المشاهد الغربي باعتباره المتلقي الأهم، وكأن صناع الأفلام نسوا دورهم الرئيسي وواجبهم تجاه جمهورهم المحلي المفترض فيهم أن يتوجهوا له بأعمالهم ويتناولوا قضاياه. وأوضح أن فيلمه يناقش بالأساس دور المثقف في تضليل العامة من خلال تأريخ للأحداث يخالف الواقع.

ويحكي الفيلم واقعة جرت في مدينة بنزرت التونسية عام 1961 وصفت في التاريخ بحرب بنزرت؛ حيث استمر إطلاق الرصاص من جانب المحتل الفرنسي على المواطنين يومين ونصف اليوم ليسقط أكثر من 8 آلاف شهيد دُفن معظمهم في مقابر جماعية دون أن يسلموا إلى ذويهم.

وقال: إن الواقعة تم تزييفها بالكامل والإصرار على إخفائها بشكل متعمد من قبل النظام التونسي؛ حيث منعت وسائل الإعلام كلها من الحديث عنها بعد أقل من أسبوع على وقوعها فباتت وكأنها لم تحدث وراحت دماء آلاف الشهداء هدرا. وحكى المخرج عن أصل الواقعة، قائلا: إن الرئيس التونسي الأسبق، الحبيب بورقيبة، كان قد اتفق مع الفرنسيين عقب إعلان استقلال تونس أن تبقى بنزرت قاعدة عسكرية لهم، الأمر الذي أغضب الشارع التونسي الذي خرج منددا بالاتفاق ومطالبا بالتحرر الكامل من الاستعمار ليطلق الجيش الفرنسي النار على المحتجين التوانسة في بنزرت بوحشية. وأشار إلى أنه اختار أن يقدم فيلما سينمائيا عن حرب مجهولة بالنسبة لقطاع عريض من الشعب التونسي، خاصة الأجيال الجديدة التي لا تعرف عنها أي شيء على الإطلاق بسبب تجاهلها لسنوات طوال.