الأسد يطمئن زواره المتضامنين معه: الإصلاحات تلقى تجاوبا شعبيا.. ونركز على محورين

النظام يروج إلى أن آخر ما يشغل بال الرئيس الحديث عن تدخل عسكري أجنبي.. وناشطون سوريون: كلما اشتدت الضغوط على النظام أطلق حملات «خلصت»

صورة بثتها مواقع سورية معارضة، أمس، لطلاب يتظاهرون في القامشلي للتنديد بالنظام
TT

في الوقت الذي تلتهب فيه المناطق الشمالية الشرقية من البلاد، حيث تتركز الأغلبية الكردية من السوريين، على خلفية اغتيال المعارض القيادي الكردي مشعل تمو، قال الرئيس السوري بشار الأسد، إن الإصلاحات التي أطلقها «لاقت تجاوبا كبيرا من الشعب السوري، وإن الهجمة الخارجية على سوريا اشتدت عندما بدأت الأحوال في الداخل بالتحسن، لأن المطلوب من قبلهم ليس تنفيذ إصلاحات، بل إن سوريا تدفع ثمن مواقفها وتصديها للمخططات الخارجية للمنطقة». كما أكد لوفد من دول مجموعة الألبا الذي يزور دمشق حاليا، أن «الخطوات التي تقوم بها سوريا ترتكز على محورين أولهما.. الإصلاح السياسي وثانيهما إنهاء المظاهر المسلحة».

وقال بيان رسمي، إن الحديث تناول «تطورات الأحداث في سوريا». وأعرب الأسد عن «تقديره الكبير لموقف دول الألبا إزاء هذه التطورات». وأكد الأسد للوفد، أن «عملية الإصلاح مستمرة، وهي تتم بناء على قرار سيادي غير مرتبط بأي إملاءات خارجية ومن أي جهة كانت». وأضاف البيان أن أعضاء الوفد نقلوا إلى الرئيس الأسد «تضامن ودعم رؤساء وشعوب دولهم لسوريا»، وعبروا عن «استنكارهم للحملة السياسية والإعلامية التي تتعرض لها بسبب مواقفها»، مؤكدين أن «دولهم ستبقى دائما تقف إلى جانب سوريا في جميع المجالات وفي المحافل الدولية».

وأشار أعضاء الوفد إلى أنهم «لمسوا من خلال هذه الزيارة الفرق الكبير بين ما تبثه وسائل الإعلام حول الأحداث في سوريا وبين الواقع الحقيقي على الأرض»، مؤكدين «رفض بلدانهم الكامل لأي شكل من أشكال التدخل الخارجي في شؤون سوريا الداخلية».

ويضم «التحالف البوليفاري»، (الألبا)، إضافة إلى كوبا وفنزويلا، بوليفيا والإكوادور ونيكاراغوا وثلاث دول من الكاريبي هي الدومينيكان وسانت فنسنت أي لي غرينادين وأنتيغوا وباربودا.

وضم الوفد وزير خارجية فنزويلا نيكولاس مادورو ووزير خارجية كوبا برونوادواردا رودريغيز ووزير الاتصالات والإعلام البوليفي إيبان كانيلاس ووزير الداخلية الفنزويلي طارق العيسمي ونائب وزير الخارجية الفنزويلي تيمير بوراس ونائب وزير الخارجية الإكوادوري بابلو فيا غوميز ونائبة وزير خارجية نيكاراغوا ماريا روبيليس.

من جانبهم، اعتبر ناشطون كلام الرئيس الأسد حول الإصلاحات وعن بدء تحسن الأوضاع في الداخل، أنها تأتي ضمن دعايات يقوم بها النظام بين فترة وأخرى، وقال أحد الناشطين الشباب ورفض الإفصاح عن اسمه «كلما اشتدت الضغوط على النظام السوري وتعذر الوصول إلى حلول، عمد الرئيس الأسد إلى طمأنة ضيوفه بالقول إن (صفحة الأحداث قد طويت) وأن المدن السورية التي شهدت أحداثا بدأت (تستعيد استقرارها)، في إشارة إلى بيان صدر عن مكتب رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سليم الحص عقب لقائه الأسد الشهر الماضي». واعتبر الناشط كلام الأسد ضمن «حملة دعاية موجهة للدول المتعاطفة معه لكسب مزيد من الوقت على أمل تحقيق نجاح في سحق الثورة على لنظامه بقوة السلاح»، لافتا إلى أن بعض وسائل الإعلام اللبنانية التي تعود ملكيتها لحلفاء النظام السوري في لبنان والمحللين العاملين فيها يتولون مهمة ترويج هذه الدعايات التي بات يتعارف عليها في سوريا تحت اسم حملة (خلصت) وبحسب الناشط تعد هذه الحملة هي الرابعة من نوعها خلال سبعة أشهر منذ بدأت الأحداث، «فكلما علت أصوات دولية تطالب الأسد بالتنحي أو بتنفيذ إصلاحات جدية انطلقت حملة (خلصت) تعقبها حملات عسكرية وأمنية واسعة وشرسة»، تم هذا قبل اقتحام جسر الشغور، وقبل اقتحام حماه ودير الزور قبيل شهر رمضان، وقبل اقتحام حمص وريفها ونشر الدبابات في كل بؤر التوتر، والآن هناك استعداد لاقتحام مناطق الأكراد شمال شرقي البلاد.

ويشار إلى أن مواقع إلكترونية سورية تشرف عليها الأجهزة الأمنية السورية نشرت أمس تقارير صحافية حول «نقل أحد السياسيين اللبنانيين الذين التقوا الرئيس الأسد مؤخرا تأكيده أن سوريا تخطت الخطر الذي يهدد أمنها القومي، حيث كان المخطط يقتضي إقامة رؤوس جسور صلبة من المخربين يجري تقويتها مع الزمن وبالتالي تتوحد مستقبلا لإحداث انفجار شامل في البلد». وتنقل تلك التقارير عن الأسد قوله إن «سوريا انتقلت لمرحلة معالجة البؤر الإرهابية المحدودة»، فالأجهزة الأمنية السورية أصبحت تمتلك زمام المبادرة بعد أن استطاعت أن تحدد بدقة قوّة المخربين وقدراتهم وكيفية استخدامها عند تلقيهم الأوامر الخارجية. وأن «الأمر الوحيد» الذي يقلق الرئيس الأسد اليوم، هو «الخطر الذي يستهدف المواطنين الأبرياء جراء استخدام العبوات الناسفة في أماكن الازدحام السكاني، مما دفعه إلى إعطاء أوامر مباشرة للأجهزة الأمنية السورية للحذر وبذل أقصى الجهود لمنع وقوع هذه الأحداث» وأن ما يريح الأسد هو أن «الأجهزة الأمنية السورية معتادة على هذا النوع من الحروب وتستطيع السيطرة على هذا الموضوع». لكنه أي الأسد يشير إلى أن «هذه العملية ليست قصيرة المدى ولا نستطيع أن نضع لها فترة زمنية محددة فهي تتطور بحسب الأوضاع السياسية الإقليمية والدولية ولكن مكافحتها تجري على قدم وساق».

وفيما يتعلق بالوضع المتوتر في الرستن وحمص وغيرها من المناطق التي يتكرر ذكرها يوميا في وسائل الإعلام، فتؤكد التقارير نقلا عن الرئيس الأسد أن السبب الوحيد لعدم عودة الهدوء بشكل كلي إلى هذه المناطق فهو «حرص الجيش السوري على ألا يتسبب بخسائر في أرواح المدنيين، فهدفه مركز على عمليات دقيقة وموضعية ومحددة ضد المخربين وهذا ما يؤخر عملية الحسم»، إلا أن هذا الأسلوب في التعامل مع الأزمة أدى بحسب الرئيس السوري إلى «رد فعل إيجابي لدى الشعب فأراحته وجعلته متيقنا بأن هؤلاء ليسوا سوى مخربين يأتمرون بالخارج، وكلما ازدادت هذه القناعة لدى الشعب كلما سهل عمل الأجهزة الأمنية».

أما بالنسبة للواقع الإقليمي وبشكل خاص فيما يتعلق بالدور التركي، يرى الرئيس الأسد الوضع التركي يتطلب مراقبة وحذر، إنما مفاعيله وتأثيراته ليست كبيرة ولا تشكل تهديدا مباشرا للداخل السوري، وإن «حاول أحد استغلال مشكلاتنا فمصيبته ستكون أكبر لأنه سيتأثر حتما وستنتقل العدوى إليه». كما أن الأسد المطمئن للدور العراقي، لديه عتب أخوي على لبنان بسبب تهريب بعض الجهات فيه للأسلحة والأموال إلى المخربين نتيجة التدخل الأجنبي المباشر على الساحة اللبنانية، هذا بالإضافة إلى موضوع التحريض المذهبي الخطير الذي تمارسه بعض الأطراف، لكنه يشيد بتعاون بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية وبشكل خاص الجيش ومخابراته في مكافحة هذه الظاهرة.

وآخر ما يشغل بال الرئيس الأسد هو الحديث عن تدخل عسكري أجنبي ضد النظام، فهو لا يفكر به بالمطلق، وكذلك هاجس العقوبات الاقتصادية التي يتعرض لها، فبالنسبة لهذه العقوبات يؤكد الرئيس الأسد بحسب التقارير، أن «سوريا لديها اكتفاء ذاتي وتستطيع تأمين المواد الأساسية لشعبها»، مشيرا إلى أن الحالة الشعبية والعلاقة بين شعوب المنطقة كسوريا وتركيا والعراق تفرض تلقائيا النمو الاقتصادي وإن اهتزت سوريا فالجميع سيتأثر».

الناشطون قرأوا تلك التقارير على أنها رسائل حول الخطة الأمنية القادمة إذ سيعمد النظام إلى زرع عبوات ناسفة في أماكن التجمعات السكنية المزدحمة، وكتب أحد الناشطون على موقع «فيس بوك» أن وسائل الإعلام الرسمية «بدأت تروج تقارير مصورة لعناصر أمن يقومون بتفكيك عبوات ناسفة عثر عليها في بعض المناطق». واعتبر ذلك «محض مسرحيات الهدف منها ترهيب الناس»، ودليله على أنها مفبركة هي أن «المناطق التي يتم فيها العثور على تلك العبوات هي مناطق تحت السيطرة الأمنية الشديدة»، وليس بإمكان كائن من كان الوصول إليها دون أن تراه عناصر الأمن والجيش، هذا عدا عن «سرعة حضور مراسلي التلفزيون السوري أو القنوات شبه الرسمية التي تتولى تصوير عملية تفكيك العبوات». وردا على ما يقال عن كشف الأجهزة الأمنية «بدقة قوة المخربين وقدراتهم وكيفية استخدامها عند تلقيهم الأوامر الخارجية»، قال الناشط إن «الحراك الشعبي في سوريا لا يمكن السيطرة عليه لأنه حركة متشظية نشطة ومتحركة بقوة الدم الذي يريقه النظام وكل منطقة صار لها من الأسباب ما يكفي للاستمرار في الثورة وهي أسباب تختلف من منطقة إلى أخرى»، لافتا إلى أن النظام يخطئ عندما «يعالج الحراك الشعبي على أنه مجموعات منظمة إلا إذا كان يقول ذلك كدعايات للتضليل على ما يجري في البلاد».