مصر: وزارة العدل تبدأ التحقيق في تلقي جمعيات أهلية تمويلا أجنبيا

البعض اعتبرها طريقة لتكميم الأفواه قبل الانتخابات.. وآخرون يرونها إجراءات طبيعية

TT

أثارت قضية التمويل الأجنبي جدلا كبيرا في مصر في الفترة الماضية، خاصة خلال المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد عقب تخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة في شهر فبراير (شباط) الماضي، وشهدت قلاقل عدة أثارت الاتهامات ضد جهات بعينها تتلقى أموالا من الخارج لتنفيذ أجندات خارجية داخل البلاد، وهو ما دعا الحكومة المصرية لتشكيل لجان لتقصي الحقائق.

وقرر المستشاران أشرف العشماوي وسامح أبو زيد، قاضيا التحقيقات، المنتدبان من وزير العدل للتحقيق في وقائع حصول الجمعيات الأهلية على تمويل خارجي بالمخالفة للقانون، استدعاء مسؤولي 5 جمعيات أهلية للتحقيق في مصادر حصولها على أموال من بعض الجهات الخارجية بدول الاتحاد الأوروبي وأميركا، والتأكد من أن الحصول على هذه الأموال جاء بالموافقة للقانون، والتعرف على مصارف هذه الأموال، والتأكد من إنفاقها طبقا للقانون، وعدم إنفاقها في أعمال «غير معروفة» أو غير التي تمت الموافقة عليها من قبل الحكومة.

جاء ذلك عقب تقرير كانت قد أعدته اللجنة التشريعية بوزارة العدل حول حصول 50 جمعية مرخصة وغير مرخصة على تمويل خارجي عبر شبكات بنكية تحت بند أعمال خيرية، وتبين أنها تلقت هذه الأموال الضخمة خلال فترات وجيزة وصرفتها بشكل عشوائي لا يتناسب مع البرامج الخيرية وأنه تم صرفها على أنشطة تضر بالمصالح العليا القومية للبلاد وتنفيذ مخططات تخريبية بإشاعة الفوضى داخل مصر أثناء وبعد ثورة «25 يناير» بالإضافة إلى أن بعض هذه الجمعيات لم تحصل على ترخيص من وزارة التضامن الاجتماعي يحدد نشاطها.

وكانت جهات التحقيق القضائية المختصة بوزارة العدل قد بدأت تحقيقات موسعة في شأن التمويل الأجنبي الذي تتلقاه الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني المصرية، منذ شهر يوليو (تموز) الماضي حين اتهم اللواء حسن الرويني، قائد المنطقة المركزية العسكرية عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بعض المنظمات الأهلية بتلقي أموال من الخارج بالمخالفة للقانون، وهو الاتهام الذي اعترضت عليه هذه المنظمات وطالبت بالتحقيق معها في هذه الاتهامات لإظهار الحقيقة، بالإضافة إلى جهات عدة تقدمت ببلاغات لنفس الغرض، وكان المستشار محمد عبد العزيز الجندي، وزير العدل المصري، قد أمر بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في هذا الشأن في ضوء تكليف من رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف.

من ناحية أخرى، رفض نشطاء حقوق الإنسان، وممثلو منظمات المجتمع المدني، هذه الاتهامات، مؤكدين أن التحقيق سيظهر نظافة أيدي هذه المنظمات والجمعيات الأهلية.

وقال محمد زارع، رئيس جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، إن أغلب الجمعيات التنموية والحقوقية في مصر هي جمعيات مشهرة ومعلنة ومنها شركات ربحية تشرف الحكومة على أنشطتها وتقوم بدفع الضرائب عن أعمالها المختلفة للحكومة.

وأضاف زارع لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن الأمور لم تتغير كثيرا عن النظام السابق، فبالنسبة لنا كمنظمة حقوقية هناك (مواسم) معينة تظهر فيها مثل هذه الاتهامات بشأن التمويل الأجنبي وطرق صرفها والمراقبة عليها وغالبا ما تكون هذه المواسم قبل الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية أو قبل صدور تقرير دولي عن حالة حقوق الإنسان في مصر أو قبل إجراءات معينة متعلقة بقانون الطوارئ، ولذا فالأمر غير مستغرب».

وقال زارع «هذه الاتهامات تخلق حالة من التشكيك في نزاهة المنظمات الأهلية والحقوقية التي تعمل في مصر حتى لا يكون هناك أي مصداقية لما قد تصدره من تقارير بشأن الانتخابات المقبلة أو بشأن تفعيل قانون الطوارئ، أو ما قد يصدر من أحكام في قضايا رموز النظام السابق».