محللون: خطاب الرئيس اليمني حول الاستقالة غامض

صالح يتمسك بنقل السلطة خلال العملية الانتخابية

TT

قال محللون إنه رغم أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أعلن إنه سيتخلى عن السلطة خلال أيام، فإن هذه خطة أخرى للمماطلة. وقال مسؤول حكومي إن صالح كان يشير إلى مجرد استعداده للتوصل إلى صفقة لإنهاء أشهر من الاضطرابات.

والتقى وزير الخارجية اليمني، أبو بكر عبد الله القربي، بالسفير الأميركي لإجراء محادثات اليوم في إطار ما يتوقع كثيرون أن تكون حملة دبلوماسية للحيلولة دون اتخاذ أي إجراء من مجلس الأمن الدولي عندما يجري اطلاعه على الوضع في اليمن، خلال الأيام المقبلة.

ويخضع صالح، الذي تولى السلطة في 1978 لضغوط من حلفاء دوليين ونشطاء في الشارع وخصوم مسلحين وأحزاب معارضة ليفي بوعوده بتسليم السلطة وإنهاء أزمة أثارت شبح دولة عربية فاشلة يديرها متشددون. وظل التخبط بشأن نوايا صالح أمرا معتادا في صراع طال أمده منذ يناير (كانون الثاني)، عندما خرج المحتجون لأول مرة إلى الشوارع للمطالبة بالإصلاح وبإنهاء استحواذ صالح وعائلته على السلطة الممتدة منذ 33 عاما. وقال صالح في كلمة أذاعها التلفزيون اليمني «أنا أرفض السلطة.. وسأرفضها في الأيام الجاية (المقبلة).. سأتخلى عنها».

وتراجع صالح بالفعل ثلاث مرات عن التوقيع على مبادرة السلام الخليجية، التي كان من شأنها تشكيل حكومة تتزعمها المعارضة، ثم نقل السلطة لنائبه قبل انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة. وكثيرا ما قال مسؤولون خلال قضائه فترة نقاهة في الرياض بعد محاولة اغتيال في يونيو (حزيران) إنه سيعود في غضون أيام أو قريبا. وعاد صالح بشكل مفاجئ في أواخر سبتمبر (أيلول). وقال عبده الجندي، نائب وزير الإعلام اليمني، لـ«رويترز»، إن صالح قال إن هذا يظهر التزامه بالخطة، لكن لا توجد نية للاستقالة أو نقل الصلاحيات قبل الموافقة على اتفاق والتوقيع عليه حتى لا تسقط البلاد في حالة من الفوضى أو حتى الحرب. وقال إن الرئيس اليمني مستعد لترك السلطة خلال أيام، لكن هل سيحدث هذا في الأيام أو الأشهر المقبلة.. هذا سيعتمد على نجاح المفاوضات في التوصل إلى اتفاق. وأدت الاحتجاجات ضد صالح إلى إصابة اليمن بالشلل، وإضعاف سيطرة الحكومة على قطاعات من أراضي اليمن، وأثارت مخاوف من أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب سيستغل الاضطرابات لتوسيع نطاق نفوذه قرب طرق شحن النفط عبر البحر الأحمر. وربما استهدفت تصريحات صالح إجهاض الصعوبات التي قد تعترض طريقه نتيجة الاجتماع المقبل لمجلس الأمن في نيويورك.

ويقول دبلوماسيون إنهم أوشكوا على الحصول على إجماع دولي لاستصدار قرار في مجلس الأمن ربما يأتي خلال أيام يطالب الحكومة بتنفيذ الخطة الخليجية التي تدعمها الولايات المتحدة.

وغادر جمال بن عمر، مبعوث الأمم المتحدة اليمن لإطلاع المجلس على نتائج مباحثاته، الأسبوع الماضي، بعد أسبوعين غير مثمرين، حاول فيهما التوسط بين حكومة صالح والمعارضة. وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن السفير الأميركي جيرالد فايرستاين التقى بالقربي أمس وبحث خطة نقل السلطة. وفي كلمته، أمس، كرر صالح شرطه بأنه لن يتخلى عن السلطة لمنافسيه من أحزاب المعارضة الذين يقول إنهم اختطفوا احتجاج نشطاء الشباب ويهدفون إلى هدم العملية الدستورية.

وتنتهي فترة صالح الرئاسية في 2013، وقال إنه لن يخوض انتخابات الرئاسة مجددا، لكن محللين يشكون في أنه يريد أن يطيل الأزمة حتى ذلك الحين. وقال محمد الصبري، المتحدث باسم أحزاب اللقاء المشترك، للمعارضة اليمنية، إن هذه دعاية جديد من صالح قبل مناقشة اليمن في مجلس الأمن.

وأضاف أن أربعة أشهر مرت منذ إعلانه قبول صفقة الانتقال الخليجية، وتساءل عما يمنعه من فعل ذلك، مضيفا أنه لا يحتاج حتى إلى أيام قلائل لعمل ذلك. وجاء ضغط جديد من جانب غير متوقع يوم الجمعة، عندما منحت جائزة نوبل للسلام لتوكل كرمان، وهي واحدة من الناشطات الرائدات الموجودة في الشارع في ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء منذ فبراير (شباط). والاعتراف بناشطة ديمقراطية يمنية من شأنه أن يجذب من جديد الانتباه العالمي إلى الصراع في اليمن، وهو دولة فقيرة يبلغ تعداد سكانها 23 مليون نسمة، وبه مشكلات تمتد من تدهور موارد المياه إلى متشددي «القاعدة»، الذين يستفيدون من حالة الفوضى في العاصمة.

ووصف المحلل السياسي اليمني عبد الغني الإرياني كلمة صالح بأنها لا تعدو أن تكون استمرارا لموقفه، قائلا لا أعتقد أنها تأتي بأي جديد.. أتذكر أنه قال ذات مرة إنه مستعد للرحيل في أي يوم.. ولهذا لا أعتقد أنه يعني حقا ما قاله. وهناك افتقار إلى الضغط العلني الأميركي حتى مع تعاونه مع واشنطن في حربها السرية على المتشددين في اليمن.

وقتلت طائرة من دون طيار تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية أنور العولقي في اليمن، الشهر الماضي، في ما يعتبر ضربة كبرى للرئيس الأميركي، باراك أوباما، في المعركة ضد «القاعدة».

وتشارك السعودية والولايات المتحدة المخاوف بشأن «القاعدة»، كما تحرص، مثل صالح، على السيطرة على عملية الخلافة.

ويقول محللون إن انتقال السلطة، بما في ذلك تنحي صالح وإجراء انتخابات مبكرة، لن تكون ذات جدوى، في حين أن العاصمة والكثير من البلاد تحت القيادة العسكرية والأمنية لأقاربه. وقال السياسي المعارض، علي سيف حسن، إن صالح كان يهدد المعارضة في كلمته بأنها إذا لم تتوصل لاتفاق معه فسيلجأ إلى انتخابات بشروطه» وفي كلمته، أشار صالح إلى دعمه الكامل لنائبه، عبد ربه منصور هادي. وفي لقطات مصورة بثت بعد الكلمة، ظهر نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي وهو يحيي أعضاء البرلمان الذين تجمعوا في القصر الرئاسي.