قيادة إقليم كردستان العراق تحسم ترددها وتعلن وقوفها إلى جانب الاحتجاجات في سوريا

أدانت في سلسلة بيانات شديدة اللهجة اغتيال القيادي الكردي تمو واستخدام العنف ضد المتظاهرين

TT

بعد وقت طويل من تردد قيادات إقليم كردستان من إعلان موقف واضح وصريح تجاه الحركة الشعبية السلمية التي تطالب بالتغيير الديمقراطي في سوريا، بسبب التزام الحكومة العراقية بموقف سياسي داعم للنظام السوري الذي يقوده الرئيس بشار الأسد لأسباب يعتبرها الكثيرون «طائفية» أو بضغط من طهران، خرجت القيادة الكردية عن صمتها تجاه الأحداث التي تجري في سوريا من خلال إصدار بيانات إدانة شديدة اللهجة ضد النظام السوري على خلفية اغتيال السياسي الكردي البارز مشعل تمو، المتحدث الرسمي باسم تيار المستقبل الكردي، واعتبرت استخدام العنف ضد المتظاهرين «غير مبرر»، معلنة دعمها الكامل للاحتجاجات.

ففي سلسلة بيانات تعبر عن تحدٍّ واضح للموقف العراقي الرسمي من الاحتجاجات الشعبية السورية، أدانت رئاسة إقليم كردستان عملية الاغتيال، واعتبرت لأول مرة استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين المدنيين غير مقبول، وأنه سيعقد الأوضاع الأمنية والسياسية المتأزمة أصلا في سوريا، مؤكدة أن الشعب الكردي يريد تحقيق مطالبه القومية المشروعة في الإطار الديمقراطي، بينما أبدت حكومة الإقليم دعمها الكامل للحراك المدني للشعب السوري، واعتبر البرلمان الكردستاني أن اغتيال تمو سيوسع من نطاق الاحتجاجات الشعبية، وسيقود سوريا إلى نفق مظلم.

وقال متحدث باسم رئاسة إقليم كردستان، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نصه: «إن سياسة العنف التي يمارسها النظام السوري وصلت للأسف إلى حد الهجوم على الشخصيات الوطنية والنشطاء السياسيين واغتيالهم في وضح النهار، ومن هذه الشخصيات مشعل تمو الذي اغتيل على يد مسلحين في مدينة القامشلي، ونحن في رئاسة إقليم كردستان ندين بشدة تلك العملية، ونؤكد أن الشعب الكردي في سوريا ما زال متمسكا، حتى الآن، بسياسة ضبط النفس، ويطالب بحقوقه المشروعة في الإطار السلمي والديمقراطي على الرغم مما يواجهه من القتل والترهيب والعنف، وفي الوقت الذي تتجه فيه الأحداث في سوريا إلى مرحلة سياسية جديدة، فإن الشعب الكردي، كمكون أساسي في هذا البلد، ما زال يحاول الحصول على حقوقه في إطار نظام ديمقراطي يحقق الشراكة الوطنية الحقيقية؛ لذلك فإن اغتيال الشخصيات الوطنية وتوجيه الرصاص إلى صدور المواطنين المدنيين وممارسة سياسة الحديد والنار ستعقد الأوضاع المتأزمة أكثر من ذلك وستجر معها مزيدا من التعقيدات».

من جهتها، أصدرت حكومة إقليم كردستان بيانا أدانت فيه، بشدة، اغتيال تمو، واعتبرته «محاولة من النظام السوري لكبت الأصوات الداعية إلى تحقيق المطالب المشروعة للشعب السوري عموما والشعب الكردي على وجه الخصوص». ودعا البيان السلطات السورية إلى «تغيير سياساتها باتجاه التعامل بشكل حضاري ومدني مع مطالب الأحرار» وأدانت حكومة الإقليم عملية الاغتيال وقالت في بيانها: «نحن نعتبر أن اغتيال تمو وملاحقة بقية الشخصيات الوطنية السورية لن يحققا أي نتيجة عدا تعقيد الأوضاع أكثر من ذلك، وبهذه المناسبة نؤكد دعمنا الكامل لجميع المطالب المدنية والتحررية للشعب السوري».

وأشار بيان برلمان كردستان إلى أنه «في الوقت الذي هبت فيه رياح التغيير الديمقراطي على المنطقة، وتتعرض أركان الأنظمة الشمولية إلى هزات عنيفة، وتتجه الأحداث نحو تحقيق أماني الشعوب الحرة، نجد أن السلطات السورية تتعامل مع تلك الأحداث بمزيد من العنف والقمع بهدف إسكات صوت الأحرار، حتى وصل الأمر إلى الاعتداء على الشخصيات الوطنية واغتيالها، ونحن في برلمان كردستان نعتبر أن اغتيال مشعل تمو، المتحدث الرسمي باسم تيار المستقبل، لن يخدم أي طرف، بل سيزيد من رقعة الاحتجاجات الشعبية، وسيقود مصير الشعب السوري إلى نفق مظلم، وستنتج هذه العملية مزيدا من ردود الفعل العنيفة».

وأضاف البيان: «إن الشعب الكردي في سوريا طوال تاريخه في هذا البلد هو أحد المكونات الأساسية، وكان له دوره الفاعل في بناء سوريا وإعمارها، واليوم بعد تأزم الأوضاع في سوريا فإن الشعب الكردي ما زال يتعامل بشكل سلمي وهادئ مع الأحداث وينأى بنفسه، حتى الآن، عن الرد بالعنف، ويسعى إلى جانب بقية مكونات الشعب السوري إلى تحقيق مستقبل أفضل، وأن يكون له دور في التطورات الجارية على الساحة السورية باتجاه التغيير، وفي الوقت الذي نجدد فيه إدانتنا الشديدة لاغتيال تمو، ندعو النظام السوري إلى وقف العنف ضد المتظاهرين والمحتجين، وأن يلجأ إلى الحلول الديمقراطية التي تحترم إرادة الشعب من أجل بناء مستقبل أفضل للشعب السوري».

في غضون ذلك، انطلقت مظاهرة شعبية للجالية الكردية السورية في أربيل عقب وصول نبأ اغتيال السياسي الكردي مشعل تمو، ودعا المحتجون برلمان كردستان إلى ممارسة الضغط على الحكومة الفيدرالية في بغداد لإدانة تلك العملية، ومطالبة الحكومة العراقية ببيان موقفها الواضح من الثورة السورية ووقف دعمها للنظام القمعي للرئيس بشار الأسد، وإغلاق السفارة السورية في بغداد وطرد جميع دبلوماسييها من العراق، وقطع جميع أشكال العلاقة بين بغداد ودمشق.

يُذكر أن قوة مسلحة، يعتقد أنها من شبيحة النظام السوري، قد أطلقت النار على السياسي الكردي البارز مشعل تمو، متحدث تيار المستقبل الكردي، فأصابته بإصابات بليغة توفي إثرها في المستشفى يوم الجمعة الماضي.

كانت القيادة الكردية قد أبدت تعاطفها الضمني مع الحركة الشعبية السورية، خصوصا دعم المطالب الكردية من خلال عدة لقاءات سرية جرت بين عدد من الأحزاب الكردية السورية وقيادات في الإقليم، لكن السياسة الرسمية للحكومة العراقية التي انفردت من بين معظم دول المنطقة بإبداء تأييدها للنظام السوري والسكوت عن ممارساته القمعية اليومية ضد المحتجين، حالت دون إعلان موقف واضح من القيادة الكردية تجاه التصعيد الخطير الذي تشهده الساحة السورية باعتبار إقليم كردستان جزءا من العراق، لكن اغتيال السياسي الكردي مشعل تمو فجَّر غضب قيادة الإقليم التي أدانت تلك العملية بشدة.