الخرطوم وجوبا تشكلان لجانا مشتركة لحل القضايا العالقة مع سقف زمني محدد

سلفا كير يزور الشمال ويبحث المجالات الأمنية والاقتصادية والحدود وقضية أبيي النفطية

TT

أعلن الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، أمس، أن السودان والسودان الجنوبي اتفقا على تشكيل لجان مشتركة لحل القضايا العالقة بين البلدين، وحددا سقفا زمنيا لعمل هذه اللجان.

وقال البشير في تصريح صحافي أدلى به في ختام أول زيارة يقوم بها رئيس جمهورية جنوب السودان، سلفا كير، للخرطوم: «تم الاتفاق على تكوين لجان مشتركة وإعطائها سقفا زمنيا للوصول إلى حل للقضايا العالقة، على أن يتم توقيع اتفاق بعد التوصل إلى حل».

من جهته، قال رئيس جمهورية السودان الجنوبي، سلفا كير، قبل مغادرته الخرطوم: «حكومتي جاهزة للتفاوض والوصول لحل في القضايا العالقة في المجالات الأمنية والاقتصادية ومسائل الحدود وقضية أبيي».

وانتهت زيارة كير إلى الخرطوم من دون الإعلان عن التوصل إلى اتفاق على أي من النقاط الخلافية، مع أن الأجواء التي رافقت الزيارة كانت ودية.

وكان كير وصل أول من أمس (السبت) إلى الخرطوم، للبحث في المشكلات العالقة بين البلدين، التي تتمثل خاصة في خلافات على جزء من الحدود بينهما، ومنطقة أبيي التي تزعم كل دولة أنها تتبع لها، وتقاسم عائدات النفط الذي يتركز إنتاجه في جنوب السودان، بينما توجد أنابيب النقل والموانئ والمصافي في شمال السودان، كما لم تحل بعد مشكلة الديون الخارجية لدولة السودان قبل انفصال الجنوب، وأصول الدولة. وكان الطرفان يتفاوضان بشأنها بوساطة من الاتحاد الأفريقي، عبر لجنة يترأسها رئيس جنوب أفريقيا السابق، ثابو مبيكي. وتشدد الخرطوم على ضرورة إجراء تفاوض بين الطرفين لحل المشكلات العالقة من دون وسيط خارجي.

غير أن أيا من الجانبين لم يظهر حتى الآن أي نية لتغيير مواقفه الرئيسية؛ سواء على صعيد أبيي والنفط أو على صعيد اتفاقات مهمة أخرى تتعلق بترسيم الحدود بين البلدين، وأخرى تتعلق بالتجارة والديون العامة.

ويتزايد الارتياب في العلاقات بين البلدين مع تبادل الاتهامات بين مسؤولين كبار من جوبا والخرطوم.

فالخرطوم لم تسحب قواتها من أبيي بحلول الثلاثين من سبتمبر (أيلول) مخالفة اتفاقا بذلك، مما حدا بمسؤول كبير بالسودان الجنوبي لاتهام النظام السوداني بأنه لا ينوي إنهاء احتلاله، ومن ثم يعمد لمنع عودة المشردين من الجنوبيين منذ اجتياح الجيش الشمالي للمنطقة.

وعلى صعيد منفصل، سبق وأوقفت الخرطوم صادرات النفط الجنوبي عبر أراضيها منذ يوليو (تموز)، بسبب رفض الجنوب دفع الرسوم التي حددتها مقابل مرور نفطه عبر شبكة النقل الشمالية، وهي الرسوم التي وصفها السودان الجنوبي بأنها «أشبه بسرقة في وضح النهار».

أما في جنوب كردفان الحدودية، التي باتت واقعة في شمال السودان، فيدور قتال منذ شهور بين الجيش السوداني والمتمردين الذين قاتلوا يوما إلى جانب الحركة الشعبية الجنوبية! وقد امتد القتال الشهر الماضي إلى ولاية النيل الأزرق الحدودية التي تربطها صلات سياسية قوية أيضا بالسودان الجنوبي.

وقالت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الجمعة إن القتال في النيل الأزرق أجبر أكثر من 27 ألفا وخمسمائة شخص على الفرار من السودان إلى إثيوبيا وجنوب السودان خلال الشهر الماضي.

وقالت الوكالة إنها افتتحت مخيما جديدا للاجئين في غرب إثيوبيا لاستقبال سيل اللاجئين، بعد أن بلغ المخيم الآخر الرئيسي في المنطقة الكائنة في شيركولي سعته القصوى الممثلة في 8700 لاجئ.

ومن جهة أخرى، غادر القاهرة أمس 70 مصريا من قوات حفظ السلام بدارفور لبدء مهمتهم في حفظ السلم والأمن بالإقليم السوداني، حيث تشارك مصر في القوات التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. وقالت مصادر أمنية بمطار القاهرة: «غادر الجنود المصريون على طائرة إسبانية خاصة إلى مطار الفاشر في دارفور».

واصطحب الجنود والضباط كمية كبيرة من الأدوية لمواجهة بعض الأمراض والأوبئة المتوطنة في الإقليم، خاصة أن جنديا مصريا توفي الشهر الماضي متأثرا بإصابته بالملاريا.

وكانت طائرة خاصة قد وصلت، أول من أمس (السبت) مقبلة من إقليم الفاشر، بعد نقل 70 مصريا عقب انتهاء فترة عملهم في القوات الدولية بدارفور.

يذكر أن الجنود المصريين كانوا من أول الجنود المشاركين في قوات حفظ السلام في إقليم دارفور بداية من أغسطس (آب) 2004، حيث أرسلت مصر 34 مراقبا عسكريا وثلاثة ضباط هيئة قادة، وذلك ضمن قوات الحماية التابعة للاتحاد الأفريقي بدارفور، بخلاف المشاركة ببعثة الأمم المتحدة بالسودان، وتقدر بـ1507 أفراد يضاف إليهم 2375 فردا من بعثة حفظ السلام المهيمنة في دارفور، بالإضافة إلى وحدة شرطة قوامها 140 فردا.