أوغاسبيان لـ «الشرق الأوسط»: ميقاتي سيجد نفسه أمام احتمال الاستقالة إذا عارضته الأكثرية في مجلس الوزراء

رفض حزب الله تمويل المحكمة الدولية يضع الحكومة اللبنانية في «مهب الريح»

TT

تترقب الساحة اللبنانية كيفية تعامل الحكومة مع مسألة تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ويتساءل البعض عما إذا كان إصرار حزب الله على رفض تمويل المحكمة سيدفع برئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، إلى الاستقالة، خصوصا بعد المواقف التي أعلنها في نيويورك من ناحية التزام لبنان بالقرارات الدولية، وما تبع هذا الموقف من ردود فعل قوى بارزة في فريق «8 آذار»، دعت ميقاتي إلى تمويل حصة لبنان من المحكمة من أمواله الخاصة، على حد تعبير رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»، النائب ميشال عون.

ومع اتساع الخلاف بين هذا الفريق ورئيس جبهة النضال الوطني، النائب وليد جنبلاط، عادت إلى الواجهة معادلة الأكثرية والأقلية النيابيتين، التي سقطت منذ إعادة جنبلاط تموضعه داخل قوى «8 آذار»، مرجحا كفة الأكثرية لمصلحتها داخل المجلس النيابي.

ويخفي موقف جنبلاط في طياته مؤشرات على تمايز وزرائه عن وزراء «8 آذار» لدى مناقشة ملف تمويل المحكمة، لجهة الموافقة على ذلك، على الرغم من رفض حزب الله الصريح، خصوصا أن انتقادا لافتا كان وجهه جنبلاط إلى النظام السوري في الفترة الأخيرة، لم يبق من دون أصداء سلبية لدى حلفائه في الأكثرية، ولدى القيادة السورية، وهو ما عبر عنه بوضوح السفير السوري لدى لبنان، علي عبد الكريم علي.

وعلى الرغم من رفض المقربين من رئيس الحكومة التعليق على ما يثار حول الضغط الذي يحيط بملف التمويل، فإن أوساطا دبلوماسية غربية في بيروت كشفت لـ«الشرق الأوسط» عن أن المواجهة باتت حتمية بين الرئيس ميقاتي وحزب الله في قضية المحكمة الدولية، خصوصا أن سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري، الذي أدى إلى وصول حكومة ميقاتي إلى السلطة، كان بسبب المحكمة الدولية وإعلان الحزب عدم اعترافه بها ووصفها بـ«الإسرائيلية». ومع مداهمة استحقاق التمويل بفعل الطلب الدولي الرسمي من الحكومة اللبنانية الوفاء بالتزامات لبنان المالية، وتمويل حصته قبل نهاية عام 2011 الحالي، لفتت الأوساط عينها إلى أن الأكثرية الحالية، سواء داخل مجلس الوزراء أو في مجلس النواب، ستصوت ضد تمويل المحكمة لدى مناقشة الموضوع في الحكومة قريبا. وبالتالي سيكون رئيس الحكومة والنائب جنبلاط وحيدين في مواجهة هذه الأكثرية، ولكن من دون أن ينجحا في التأثير على الموقف العام.

وكان وزير العدل، شكيب قرطباوي، أعلن أمس أنه لم ترده بعد «أي رسالة من الأمم المتحدة عبر وزارة الخارجية اللبنانية بشأن تمويل المحكمة»، وأعرب عن أمله في «التوصل إلى اتفاق ضمن الحكومة حول التمويل»، لافتا إلى أن «التكهنات كثيرة بشأن سقوط الحكومة، ولكن بعرض موضوع التمويل على الحكومة كل شيء سيظهر، وليس هناك من شيء تحت الطاولة، والحكومة ستتخذ القرار مجتمعة». وفي موازاة تأكيد النائب جنبلاط صراحة تأييده تمويل المحكمة الدولية، وإشارته إلى احتمال تعرض لبنان لعقوبات دولية في حال رفض التمويل، فتحت المعركة بمرحلتها الأولى بين حزب الله وجنبلاط، على أن تليها مواجهة أخرى في مرحلة لاحقة بين رئيس الحكومة وفريق «8 آذار». وفي هذا السياق، اعتبر النائب في كتلة المستقبل، جان أوغاسبيان، أن «اقتراب موعد تجديد التزام لبنان بتمويل حصته في المحكمة الدولية، سيحسم بصورة نهائية موقف الرئيس ميقاتي في هذا الاستحقاق، نظرا للتناقض الواضح بين ما أعلنه ميقاتي في نيويورك، وبين ما أعلنه السيد حسن نصر الله في بيروت».

واعتبر أن مصلحة ميقاتي تقضي بتسجيل موقف بطولي عبر التلويح بالاستقالة، لكنه لم يصل بعد إلى هذه المرحلة؛ كونه يترقب فرصة سياسية إقليمية مرتبطة بجملة معطيات في المنطقة، مرتبطة بالوضع السوري، وهو يعمل على تمرير الوقت من خلال السعي للحصول على عطف وثقة المجتمع الدولي، عبر التواصل مع سفراء الدول الكبرى المعتمدين في بيروت، لتصوير حكومته بأنها قادرة على الإمساك بالوضع اللبناني، وتمتلك هامشا معينا للتحرك خارج محور دول الممانعة في المنطقة.

وأشار إلى أن «حزب الله كلف العماد عون بعرقلة عملية التمويل بصورة خاصة، والمحكمة الدولية بصورة عامة، وبدأ يروج لبدعة جديدة هي إعادة النظر في نظام هذه المحكمة.