مذكرة دبلوماسية أميركية سرية من 50 صفحة تسمح بقتل المواطنين من دون محاكمات

فتحت الباب لقتل العولقي بصاروخ طائرة من دون طيار في اليمن

TT

تم الكشف عن وجود مذكرة قانونية سرية صادرة عن إدارة أوباما، التي فتحت الباب لقتل أنور العولقي، رجل الدين المسلم المتشدد، أميركي المولد المختبئ في اليمن، والتي تنص على قانونية قتل مواطنين أميركيين في حالة عدم إمكانية إلقاء القبض عليهم أحياء، بحسب أفراد اطلعوا على الوثيقة.

وجاءت المذكرة، التي كتبت العام الماضي، بعد أشهر من المناقشات بين الجهات المعنية، وهي تسلط الضوء على الجدل القانوني الذي قاد إلى أحد أهم القرارات التي اتخذها الرئيس أوباما، وهو المضي قدما في تنفيذ خطوة قتل مواطن أميركي دون محاكمة.

وقدمت الوثيقة السرية تبريرا لقتل أي مواطن أميركي على الرغم من وجود مرسوم بقانون يحظر الاغتيالات، وقانون فيدرالي ضد جرائم القتل، وبنود في قانون حقوق الإنسان، وقيود كثيرة في قوانين الحرب الدولية الاغتيالات، بحسب مصادر مطلعة على التحليل. ومع ذلك، كانت المذكرة منصبة على وجه الخصوص على تفاصيل قضية العولقي، ولم تؤسس لمنهجية قانونية جديدة واسعة النطاق للسماح بقتل أي مواطنين أميركيين يفترض أنهم يشكلون تهديدا إرهابيا.

وقد رفضت إدارة أوباما الاعتراف أو مناقشة الدور الذي اضطلعت به في الغارة التي جرت بطائرة من دون طيار، التي راح ضحيتها العولقي الشهر الماضي، والتي ما زالت تعتبر عملية سرية من الناحية الفنية. وقد عارضت الحكومة أيضا المطالب المتزايدة بتقديم تفسير عام مفصل لسبب اعتبار المسؤولين أن قتل مواطن أميركي إجراء قانوني، فيما يعد سابقة يرى باحثون ونشطاء حقوقيون وآخرون أنها قد أثارت مخاوف متعلقة بدور القانون والحريات المدنية.

غير أن الوثيقة التي عرضت تبرير الإدارة – مذكرة مؤلفة من 50 صفحة كتبها مكتب الاستشارات القانونية التابع لوزارة العدل، وتم الانتهاء من صياغتها في يونيو (حزيران) 2010 – وصفت من قبل الأفراد الذين اطلعوا عليها مشترطين عدم الكشف عن هويتهم.

وخلص التحليل القانوني، بالأساس، إلى أن قتل العولقي ربما يكون قد تم بشكل قانوني، في حالة كون إلقاء القبض عليه أمرا متعذرا، لأن وكالات الاستخبارات ذكرت أنه كان يلعب دورا في الحرب الدائرة بين الولايات المتحدة وتنظيم القاعدة، وشكل تهديدا بالنسبة للأميركيين، إضافة إلى أن السلطات اليمنية لم تكن قادرة على كبح جماحه، أو لم تكن عازمة على ذلك. والوثيقة، التي كتبت قبل أكثر من عام من مقتل العولقي، لم تحلل بشكل مستقل مدى صحة الأدلة ضده.

ولم تستجب الإدارة الأميركية لمطالب بالتعليق على هذا المقال.

وشملت المشاورات من أجل صياغة المذكرة اجتماعات في غرفة العمليات التابعة للبيت الأبيض تضمنت محامين كبار بالبنتاغون ووزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي وأجهزة الاستخبارات. وقد صاغها بالأساس ديفيد بارون ومارتن ليدرمان، اللذان كانا محاميين في مكتب الاستشارات القانونية في ذلك الوقت، ووقع عليها بارون. ربما يكون المكتب قد منح تصديقا شفهيا على شن هجوم على العولقي قبل إتمام مذكرته المفصلة.

وأوردت تقارير إخبارية كثيرة، صدرت قبل يونيو (حزيران) 2010، آراء مسؤولين في مجال مكافحة الإرهاب، يشيرون فيها إلى أن العولقي قد وضع على قائمة القتل أو الاعتقال خلال فترة محاولة تفجير طائرة أميركية متجهة إلى ديترويت في 25 ديسمبر (كانون الأول) 2009. يذكر أن العولقي كان قد اتهم بأنه لعب دورا محوريا في استئجار منفذ هذا الهجوم.

واتهم العولقي، الذي ولد في نيومكسيكو، بالضلوع في محاولة فاشلة لتفجير طائرتي بضائع العام الماضي، جزء من نمط من الأنشطة أظهر، على حد ذكر مسؤولين في مكافحة الإرهاب، أنه تحول من مجرد داعية – في الخطب التي يبرر فيها العنف من قبل المسلمين ضد الولايات المتحدة – إلى زعيم صاحب دور بارز في جهود تنظيم القاعدة المستمرة في جزيرة العرب لتنفيذ هجمات إرهابية.

وشملت تهم أخرى مرتبطة بالعولقي كونه قائدا للجماعة، التي قد أصبحت «حليفة» لـ«القاعدة»، وكان يدفعها للتركيز على محاولة شن هجوم على الولايات المتحدة مجددا. كما علم المحامون أيضا أن القبض عليه حيا من بين قوات التحالف المسلحة المعادية ربما يكون متعذرا، متى تم تحديد موقعه. وبناء على تلك المقدمات المنطقية، استنتجت وزارة العدل أن العولقي كان ينطبق عليه قرار استخدام القوة العسكرية ضد «القاعدة»، الذي سنه الكونغرس على الفور عقب وقوع هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 الإرهابية – مما يعني أنه كان هدفا قانونيا في النزاع المسلح، ما لم يعرقل أي حظر قانوني آخر هذا القرار. بعدها، نظرت في معوقات محتملة ورفضت كلا منها في المقابل، وكان من بينها مرسوم بقرار يحظر الاغتيالات. ووجد القضاة أن ذلك المرسوم، حظر الاغتيالات غير القانونية لقادة سياسيين خارج نطاق الحرب، ولكنه لم يقف حائلا دون قتل شخص مستهدف بشكل قانوني في نزاع مسلح.

وكتب المحامون أن مرسوما فيدراليا يحظر على الأميركيين قتل أميركيين آخرين بالخارج، لم ينطبق أيضا على حالة العولقي، لأنها ليست «جريمة» قتل عدو في وقت الحرب بما يتوافق مع قوانين الحرب.

*خدمة «نيويورك تايمز»