الاحتجاجات تحول محامية متدربة إلى «ناشطة سرية داهية» تحرك المظاهرات

رزان زيتونة واصلت نشاطها رغم اعتقال زوجها وتعذيبه.. وأصبحت صوت الثورة للخارج

TT

لم تجد المحامية السورية رزان زيتونة سوى الاختباء بعد اعتقال أفراد عائلتها وسجن زملائها من النشطاء أو قتلهم أو اضطرارهم إلى الفرار من البلاد بسبب أنشطتهم الداعية للديمقراطية. لكن زيتونة (34 عاما) تقول إن الانتفاضة على حكم الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن تظل سلمية.

وتصر زيتونة التي حصلت على جائزة انا بوليتكوفسكايا في مقابلة بالهاتف من مكان غير معلوم بسوريا على أن الحفاظ على سلمية الانتفاضة أفضل ضمان لانتصارها، وأضافت أن من الطبيعي بعد سبعة أشهر من القمع الدموي والافتقار إلى الوحدة بين المعارضة وعدم اتخاذ إجراء دولي أن يظهر على السطح اتجاه عسكرة الثورة، مؤكدة أن دور النشطاء هو العمل على منع حدوث هذا.

وسميت جائزة انا بوليتكوفسكايا التي تمنح للنساء المدافعات عن حقوق الإنسان بمناطق الصراع باسم صحافية روسية كانت تغطي أخبار قتل المدنيين في الشيشان على أيدي القوات الروسية وحلفائها المحليين، وقُتلت.

وحسب تقرير لوكالة «رويترز» فإن في مارس (آذار) كانت زيتونة ضمن حشد من 200، أغلبيته من النساء، رفع صور سجناء سياسيين وأطفال معتقلين تعرضوا للضرب واقتلعت أظافر بعضهم لأنهم كتبوا على الجدران «يسقط النظام»، وهو الهتاف الذي ردده المتظاهرون في الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها مصر وتونس.

وضم الحشد الذي تجمع سرا في ساحة المرجا بدمشق رنا جوابره، الناشطة من درعا، والمعارضة سهير الأتاسي، والمحامية كاترين التلي.

وهذه أسماء لشخصيات بارزة في جيل جديد من النساء العلمانيات في الأغلب المدافعات عن حقوق الإنسان اللاتي سعين إلى ملء الفراغ بعد أن سجن الأسد مئات الشخصيات المستقلة والمعارضة للقضاء على المعارضة لحكمه في الأعوام الأربعة الماضية.

وهاجمت الشرطة السرية في ملابس مدنية الحشد بالهراوات ما إن رفعت الصور وجرت النساء من شعورهن واعتقل العشرات، مما أدى إلى خروج احتجاجات في درعا وأجزاء أخرى من البلاد. ومنذ ذلك الحين واجه كثيرون السجن أو القتل أو التهديد أو اضطروا إلى الهرب من سوريا أو انضموا إلى آلاف المختفين.

وتفادت زيتونة الاعتقال لكنها اختبأت، واحتجز زوجها وائل حمادة بمعزل عن العالم الخارجي في مكان غير معلوم منذ قرابة ثلاثة أشهر، كما اعتُقل أخوه عبد الرحمن، وهو طالب في العشرين من عمره. وقالت جماعة «آر إيه دابليو» التي تمنح جائزة انا بوليتكوفسكايا في بيان: «الرجلان محتجزان في ما يبدو كرهن لإجبار رزان زيتونة على تسليم نفسها للحكومة ولمعاقبتها على نشاطها في مجال حقوق الإنسان»، مضيفة أن زوج زيتونة تم تعذيبه خلال احتجازه.

ومنذ ذلك الحين كونت زيتونة قاعدة شعبية تدعم المظاهرات التي تطالب برحيل الأسد وهي توثق انتهاكات لحقوق الإنسان تقول إنها تتجسد في قتل 20 مدنيا في اليوم. ووصفتها وسائل الإعلام الحكومية بأنها عميلة أجنبية بسبب انتقاداتها للقمع.

ويقول أصدقاء لها إن الاحتجاجات الشعبية حولتها من محامية تدربت على يد المحامي المخضرم هيثم المالح الذي قضى تسع سنوات كسجين سياسي إلى ناشطة سرية داهية، ويقولون إنها تتحرك متنكرة وتظهر فجأة بعد مقتل محتجين وتلقي خطبا تلهب المشاعر مما يزيد خطر قتلها في ظل تزايد اغتيالات النشطاء.

ويقول الكاتب السوري المعارض حكم البابا إنها شجاعة جدا واختفت منذ بداية الانتفاضة، لكنها تلعب دور المحرك، وهي تجمع ملفات السجناء والقتلى والمختفين بلا كلل وتوصل صوت الثورة إلى العالم الخارجي.

وقالت ناشطة أخرى: «كان زوجها يعذب وواصلت العمل على توثيق القتل والاغتصاب والتعذيب والاعتقال. لا تزال مثالية وتعتقد أن مرتكبي هذه الأفعال سيواجهون العدالة وأن حشود السوريين في الشوارع ستسقط النظام».

وقلّت أعداد المظاهرات في المناطق التي انتشرت فيها الدبابات والجنود، في حين بدأ بعض معارضي الأسد يحملون السلاح. وظهرت بعض التوترات الطائفية بين الأغلبية السنية والعلويين، خصوصا في حمص، ثالث أكبر مدينة سورية.

وقالت زيتونة إنه بمجرد أن تنسحب الدبابات والجنود من منطقة، تندلع الاحتجاجات مجددا، لكنها اعترفت بأن استمرار القمع دون بدائل من المعارضة أو المجتمع الدولي قد يحرك الشارع أيضا في اتجاه العنف. وأضافت أنه حتى الآن هناك وعي كبير بين الناس، مشيرة إلى أن العنف الطائفي اقتصر على حوادث فردية. ومضت تقول إنه «منذ اللحظة الأولى للثورة» يضغط النظام ليلجأ الناس إلى العنف ويتحول الأمر إلى قضية طائفية لعلمه أن هذا سيقضي على الانتفاضة.