السعودية: مؤشر بنكي يؤكد عودة التفاؤل في قطاع الأعمال بعد انحسار الأزمات المؤثرة

الشيخ كبير اقتصاديي البنك الأهلي: التوظيف مستمر في المملكة على الرغم من الآفاق السلبية للاقتصاد العالمي

الدكتور سعيد الشيخ خلال المؤتمر الصحافي أمس للإعلان عن مؤشر تفاؤل الأعمال («الشرق الأوسط»)
TT

أظهر مؤشر بنكي صدر أمس في السعودية، عودة التفاؤل إلى قطاع الأعمال في الربع الرابع بشكل أكبر من الربع الثالث، والذي كان مؤشر التفاؤل فيه أقل بسبب حدة الاضطرابات العربية وتأثيرها على قطاع الأعمال في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام.

وقال الدكتور سعيد الشيخ، نائب أول الرئيس وكبير الاقتصاديين لمجموعة الأهلي، إن الربع الثالث شهد هبوطا في التفاؤل، وذلك نتيجة للأزمات الإقليمية، حيث لم تكن هناك مؤشرات سلبية بما يتعلق بالربع الثالث، وإنما شهدت انخفاضا، في الوقت الذي عادت مرة أخرى للارتفاع نتيجة انحسار تلك الأزمات، والتي تتمثل في أزمتي تونس ومصر، على الرغم من وجود أزمة سوريا واليمن، إلا أن تأثيرها لا يصل إلى حد تأثير تونس ومصر.

وبين تقرير مؤشر تفاؤل الأعمال الذي يصدر عن البنك الأهلي التجاري، أن الفترة الحالية اتسمت بضعف في الطلب العالمي والتجارة الدولية، فضلا عن تدهور في ثقة الأعمال والمستهلكين، كما أن انتعاش الاقتصاد الأميركي اتجه إلى الركود، في حين أظهر نمو اقتصاديات الأسواق الناشئة اعتدالا.

وأضاف التقرير «ازدادت حدة مشكلات الديون السيادية في منطقة اليورو، وبالنتيجة اعترى أوضاع الأسواق المالية المزيد من الضعف الواضح، وأن سيناريو الضعف الذي توقعه المحللون في الربيع قد أصبح من المرجح أن يزداد عمقا».

وكان صندوق النقد الدولي قد خفض توقعات في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2011، لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي لكل من عامي 2011 و2012 إلى 4 في المائة من مستوى 4.3 في المائة و4.5 في المائة في شهر يونيو (حزيران) الماضي على التوالي.

ولفت إلى أن هذا التغيير جاء أساسا بسبب اقتصاديات الأسواق المتقدمة، حيث قدر صندوق النقد الدولي أن اقتصاديات الدول المتقدمة كمجموعة ستنمو بمعدلي 1.6 في المائة و1.9 في المائة خلال عامي 2011 و2012 على التوالي، منخفضة عن التقديرات السابقة في شهر يونيو الماضي، والتي كانت 2.2 في المائة و2.6 في المائة على التوالي، مؤكدا أن هذا يقل بأكثر من نقطة مئوية عن معدل نموه الذي بلغ 3.1 في المائة في عام 2010، أول عام كامل للانتعاش عقب الأزمة العالمية. غير أن النمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة يظل مرنا. أيضا خفض صندوق النقد الدولي من توقعات النمو للأسواق الناشئة، وإن كان التخفيض بدرجة أقل.

وأضاف الدكتور الشيخ «قطاع الأعمال في السعودية يخطط للاستمرار في التوظيف على الرغم من الآفاق السلبية للاقتصاد العالمي للشهور المتبقية من السنة، ومن الشركات التي تم مسحها في القطاع غير النفطي فإن 53 في المائة يخططون لزيادة التوظيف خلال الربع الرابع، في حين أن 45 في المائة لا يتوقعون زيادة في أعداد الموظفين. وأن الصورة أكثر وضوحا في قطاع النفط، إذ إن 75 في المائة من المشاركين في المسح يتوقعون زيادة في التوظيف، بينما 25 في المائة لا يتوقعون أي تغيير». وبين كبير اقتصاديي مجموعة الأهلي أن «استمرار التحسن في الإقراض إلى جانب الاستثمار الحكومي الكبير في البنية التحتية قد ترك أثرا إيجابيا على نشاط الإنشاء، حيث ارتفع مؤشر التفاؤل لقطاع الإنشاء إلى أعلى مستوياته عند 74 نقطة، إضافة إلى ذلك فإن 70 في المائة من الشركات التي تم مسحها أشارت إلى توقعاتها بزيادة صافي الربح في الربع الرابع ليصل مؤشر التفاؤل الصافي الربح إلى 67 نقطة». وزاد «في دلالة على استمرار تحسن التفاؤل، فإن 51 في المائة من الشركات العاملة في القطاع غير النفطي تخطط للاستثمار في توسعة نشاطها في الربع الرابع من 2011، مقارنة مع 37 في المائة للربع الرابع من 2010».

من جانبه، علق مانجيت شابرا، المدير العام لـ«دان أند برادس تريت» لجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط المحدودة على نتائج المسح قائلا: «ظلت الشركات السعودية متفائلة جدا حول آفاق الأعمال للربع الرابع من السنة؛ وبلغ مؤشر التفاؤل بالأعمال المركب لقطاع النفط والغاز أعلى مستوياته عند 63 نقطة، بينما بلغ مؤشر التفاؤل للقطاع غير النفط والغاز60 نقطة، وهي مستويات جيدة. وفي القطاعات غير قطاع النفط تميزت قطاعات الإنشاء والتجارة والضيافة بالتفاؤل البالغ في المدى القصير».

وتابع «تعكس التوقعات المتفائلة في قطاع الإنشاء تعزز الثقة جراء الإنفاق المخطط له من جانب الحكومة في الإسكان وغيره من مشاريع البنية التحتية. بيد أنه لوحظ بعض الاعتدال في مؤشرات قطاعي الصناعة والنقل والاتصالات، أيضا ظل القطاع النفطي متسما بالتفاؤل البالغ، عاكسا زيادة إنتاج النفط الخام وارتفاع أسعاره خلال الشهور الماضية. كما توقع معظم المشاركين في المسح من قطاع النفط أسعار بيع أعلى خلال ربع السنة القادم، على الرغم من الدلائل الواضحة التي تشير إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي. وأيضا يبقى التضخم يشكل مصدر قلق للمشاركين في المسح في شهر سبتمبر».

وأوضح مسح مؤشر التفاؤل بالأعمال الصادر من البنك الأهلي التجاري الذي شارك فيه نحو 500 مشارك من كبار رجال الأعمال في السعودية، إلى أن تفاؤل قطاع النفط والغاز السعودي ظل متسما بالقوة للربع الرابع من عام 2011، وبلغت القراءة للمؤشر المركب للقطاع ككل 63 نقطة، وهي نفس القراءة المسجلة في ربع السنة الثالث؛ وذلك بفضل مستوى أعلى لمؤشر تفاؤل الأعمال للتوظيف في القطاع، والذي عوض القراءات المنخفضة لمؤشري صافي الأرباح ومستوى الأسعار.

وفيما يخص مؤشر مستوى أسعار البيع، توقع 63 في المائة من المشاركين أن تشهد الأسعار المزيد من الارتفاع، في حين توقع 34 في المائة منهم أن تبقى الأسعار دون تغيير خلال الربع الرابع من السنة، في حين توقع 3 في المائة فقط من المشاركين أن تهبط الأسعار في الربع الرابع، وهذا أمر مثير للدهشة، بالنظر إلى سيناريو النمو الاقتصادي العالمي الواهن. وبلغ مستوى مؤشر تفاؤل الأعمال لمستوى أسعار البيع 60 نقطة في الربع الرابع، مقارنة مع 65 نقطة في الربع السابق، وأبدت التوقعات لصافي أرباح الشركات العاملة في القطاع اعتدالا عن مستواها في ربع السنة الماضي، حيث سجل مؤشر تفاؤلها 58 نقطة، مقارنة مع 65 نقطة في ربع السنة الثالث.

في حين ارتفع مؤشر تفاؤل الأعمال للتوظيف إلى 75 نقطة في الربع الرابع من عام 2011، من مستوى 55 نقطة في الربع الثالث من عام 2011، والتي تأتي ربما نتيجة للتوسعات الضخمة المخطط لها في هذا القطاع.

في حين أوضح مسح مؤشر التفاؤل بالأعمال في قطاع غير النفط والغاز ارتفاعا في المؤشر المركب، على الرغم من الآفاق والتوقعات المتشائمة للاقتصاد العالمي في العام الحالي، وتعود الزيادة في المؤشر المركب إلى ارتفاع في قيم مؤشر التفاؤل بالأعمال لخمسة من المكونات، وكان الاستثناء الوحيد هو مكون الطلبات الجديدة.

وسجل مؤشر تفاؤل الأعمال لحجم المبيعات 70 نقطة، مقارنة مع 61 نقطة في ربع السنة الثالث، في حين أن مؤشر التفاؤل للطلبات الجديدة تراجع بنقطة واحدة إلى 61 نقطة، كما ارتفع مؤشر مستوى أسعار البيع إلى 52 نقطة في الربع الرابع من 34 نقطة في ربع السنة السابق. وبحسب ما ذكره المؤشر فإن المعدل السنوي للتضخم بالسعودية بلغ 4.7 في المائة في الربع الثاني من عام 2011، وذلك أساسا لزيادة في معدلات التضخم لمجموعات الترميم والإيجارات، وسلع وخدمات أخرى، والمواد الغذائية، كما أسهم التحسن في التوقعات للطلب والأسعار في ارتفاع التوقعات للأرباح ومستويات المخزون، وسجل مؤشر التفاؤل لصافي الأرباح 67 نقطة في الربع الرابع من العام، مرتفعا من 57 نقطة في الربع الثالث.

وأبدى المشاركون في المسح تفاؤلا أكبر فيما يخص مستويات المخزون مقارنة بالربع الثالث من العام، حيث بلغ مؤشر تفاؤل الأعمال لمستويات المخزون 43 نقطة في الربع الرابع من عام 2011، مرتفعا من 36 نقطة في ربع العام السابق. أما مؤشر التفاؤل للتوظيف، فقد زاد هو الآخر، مرتفعا بمقدار سبعة نقاط من 44 نقطة في الربع الثالث من العام. وأكد التقرير أن الآفاق الخاصة بالعوامل التي يمكن أن تؤثر سلبا على الأعمال في الربع الرابع من عام 2011، تنبئ عن بيئة أعمال مواتية، أبدى 46 في المائة من المشاركين في المسح أنهم لا يتوقعون ظهور أي عوامل سالبة خلال الربع الرابع من عام 2011.

ولا يزال توفر العمالة الماهرة يشكل أهم مصدر قلق لنسبة 25 في المائة من منشآت الأعمال، في حين توقع 11 في المائة من المشاركين أن الحصول على التمويل قد يؤثر على أداء الأعمال في الربع الرابع من عام 2011. وتخوف 14 في المائة من منشآت الأعمال من العوامل التضخمية في المدى القصير. وأبدى 51 في المائة من الشركات عزمهم على الاستثمار في توسيع أعمالهم في الربع الرابع من عام 2011، مقارنة مع 48 في المائة في الربع الماضي.