منظمة «آفاز»: النظام يستهدف مسعفين وأطباء وجرحى.. ويستخدم سيارات الإسعاف لنقل الجنود

متطوعة في الهلال الأحمر: جرحى يدخلون المستشفيات بجرح في الساق ويخرجون منها جثة بداخل كيس

تشييع في باباعمرو بحمص أمس
TT

خلصت دراسة أجرتها منظمة «آفاز»، وهي منظمة عالمية تعرف عن نفسها بأنها «مجتمع مؤلف من مواطنين من كل أنحاء العالم، يقومون بالتحرك في سبيل القضايا الأساسية التي تواجه العالم اليوم»، إلى أن «النظام السوري يتعرض للعاملين في مجال الصحة من مسعفين وأطباء، سواء بقتلهم أو اعتقالهم... وللمتظاهرين السلميين المصابين الذين يلجأون إلى المستشفيات من أجل تلقي العلاج، ويقتلون على أسرة علاجهم داخل المستشفيات».

وتستند الجمعية التي تعرف بالعربية باسم «جماعة الحملات» إلى شهادات عاملين في الهلال الأحمر، وشهادات عدد من الناشطين داخل سوريا، أكدوا جميعهم أن القوى الأمنية السورية استعملت مستشفيات وآليات الهلال الأحمر السوري لاعتقال العشرات من المتظاهرين المطالبين بالتغيير الديمقراطي في سوريا، بالإضافة إلى اعتقال عدد من الأطباء، واستهداف المسعفين، في انتهاك فاضح للقانون الدولي.

وأوردت الدراسة «اختطاف القوى الأمنية 16 مصابا كانوا يتلقون العلاج من داخل مستشفى تابع للهلال الأحمر في مدينة حمص في شهر سبتمبر (أيلول)، و34 شخصا في أوائل شهر أبريل (نيسان) الماضي من المستشفى الوطني في مدينة درعا، و8 أشخاص من داخل سيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر، و6 جرحى في منتصف شهر سبتمبر الفائت من داخل سيارات إسعاف تابعة للهلال الأحمر في مدينة اللاذقية، إضافة إلى اختطافها 7 جرحى من مستشفى الهلال الأحمر في مخيم الرمل للاجئين الفلسطينيين في مدينة اللاذقية». كما أفادت عن اختطاف القوى الأمنية الشهر الفائت «كل من مرزق الحردان وحمدو حميدة من داخل مستشفى الحكمة في مدينة حمص رغم خطورة إصابتهما».

وبينما يتعلق باستخدام سيارات الإسعاف في الاعتداء على المدنيين، ذكرت الدراسة «إصابة 6 مواطنين في أحد شوارع مدينة دوما بعد أن قامت عناصر من ميليشيات الشبيحة بإطلاق النار عليهم من داخل سيارة تابعة للهلال الأحمر»، إضافة إلى «مهاجمة عناصر من الشبيحة في 20 سبتمبر الفائت، مستخدمين سيارة إسعاف، عددا من التلاميذ الذين حاولوا الخروج في مظاهرة من مدرسة محمود عثمان في حي القصور في مدينة حمص، ما أدى إلى إصابة أحد التلامذة نتيجة إطلاق النار».

وفي سياق متصل، تنقل «آفاز» عن متطوعة في الهلال الأحمر تدعى سارة أنه «في أحد أيام شهر سبتمبر المنصرم في حمص جاء ضباط الأمن إلى فرع الإسعافات الأولية وقالوا: إنهم يريدون تولي إدارة غرفة العمليات ووقف المتطوعين عن تقديم المساعدات للمتظاهرين، فوقف حكم وهو أحد المتطوعين وقال لهم إن الهلال الأحمر مستقل ومحايد وإنه لا يمكن التحكم بهم». وتتابع: «قام ضباط الأمن بتهديده هو وزملائه، وقالوا لهم: «سوف تأسفون على ذلك». في اليوم التالي هاجم 5 من أفراد قوات الأمن سيارة الهلال الأحمر بينما كان حكم برفقة زميلين آخرين يركبان السيارة لإسعاف عدد من جرحى إحدى المظاهرات. وأطلق الأمن النار على السيارة 31 مرة مما أسفر عن إصابة جميع المتطوعين في السيارة بجروح، توفي على أثرها حكم بعد أسبوع».

وتشير إلى أن «مسؤولي الهلال الأحمر عمدوا الآن إلى تقليل عدد الموظفين والمتطوعين الذين يذهبون إلى علاج المصابين بأنفسهم، وخصوصا الأطباء الذين يأخذون مستلزمات الجراحة إلى بيوت الناس»، كاشفة عن أن «لدينا حالات كثيرة يذهب فيها شخص إلى المستشفى مصابا برصاصة في ساقه ثم في اليوم التالي يطلب من عائلاتهم المجيء لتسلم الجثة التي أصيبت بعيار ناري في الرأس».

وتوضح روز الحمصي، وهي ممرضة تمكنت من الهرب خارج سوريا، أن «الجرحى من المتظاهرين الذين يدخلون المستشفيات نتيجة جرح في الساق يخرجون من المستشفى جثة بداخل كيس وتتوسط أعينهم طلقات أعيرة نارية»، مشيرة إلى أنه «لا يمكن لمعظم الجرحى من المتظاهرين العلاج وذلك لأن فرق الموت من الشبيحة تبقى حاضرة في المستشفيات لاغتيال الأشخاص المشتبه بهم بانتظام».

وتقول بيسان عثمان، وهي متطوعة في الهلال الأحمر تركت مدينة حمص: «الناس خائفون من الذهاب إلى المستشفيات في مدينة حمص بسبب ما يحدث داخلها. إذا دخل شخص إلى المستشفى وهو يعاني من عيار ناري في يده فإنه سوف يخرج بعيار ناري في رأسه. ليس ذلك فحسب بل يتعرضون للتعذيب والضرب في المستشفيات»، مؤكدة أن «أحد المرضى كان يخضع لعملية جراحية في غرفة العمليات فجاءوا ومزقوا قناع الأكسجين واقتادوه بعيدا ما أدى إلى وفاته، وأخذوا 18 مريضا في ذلك اليوم، توفي اثنان منهما على الفور وتم نقل باقي الجرحى إلى المستشفى العسكري».

وعدا عن عدد كبير من الأطباء الذين تم اعتقالهم بسبب علاجهم للمرضى، أفادت دراسة جمعية «آفاز» بأن «السلطات السورية عمدت إلى محاكمة طبيبة مع شقيقتها في مدينة جبلة، بعدما قدما تقريرا إلى الهلال الأحمر في دمشق، يصفان فيه الوضع المأساوي للجرحى وتدهور الوضع الإنساني بشكل عام في المدينة». كما تم «اغتيال الدكتور حسن عيد، رئيس قسم الجراحة في المستشفى الوطني في مدينة حمص، من قبل عناصر أمنية بينما كان يهم بركوب سيارته، وعثر على جثة طبيب مرمية في أحد شوارع حمص، بعد أن فقئت إحدى عينيه وكانت علامات التعذيب بادية على جسده». وفي 15 سبتمبر، توفي «أحد متطوعي الهلال الأحمر متأثرا بجراحه بعد أسبوع على إصابته واثنين من المتطوعين غيره برصاص القوى الأمنية التي استهدفت سيارة الإسعاف التي كانوا يركبونها في أحد أحياء مدينة حمص، أثناء محاولتهم إخلاء عدد من الجرحى».

وأرفقت جمعية «آفاز» تقريرها بعناوين مقاطع فيديو منشورة على موقع «يوتيوب» يظهر بعضها عناصر أمن ومدنيين وهم يستقلون سيارات الإسعاف مع أسلحتهم، فيما يظهر فيديو آخر تعرض مسعف (عبد الحميد فجر) داخل سيارة الإسعاف لإطلاق رصاص أدى إلى مقتله.