مسؤول محلي بطرابلس: إرجاء محاكمة سبعة آلاف معتقل ليبي إلى ما بعد تأسيس النظام الجديد

تمديد فترة الاحتجاز يسري على المتهمين بالقتل والاغتصاب والموالين للقذافي

TT

قال محمد المجبر، القيادي في ثورة 17 فبراير ببنغازي، إنه تقرر إرجاء محاكمة أكثر من سبعة آلاف معتقل ليبي إلى ما بعد تأسيس النظام القضائي الجديد قبل منتصف العام المقبل.. لكنه أوضح أن تمديد فترة الاحتجاز يسري فقط على المتهمين بالقتل والاغتصاب والموالين للقذافي.

وذكرت منظمات حقوقية أن نحو سبعة آلاف سجين حرب تكتظ بهم سجون حقيرة ومؤقتة في أنحاء ليبيا، ويعانون لأسابيع دون توجيه اتهامات، ويواجهون انتهاكات، وفي بعض الأحيان عمليات تعذيب.

وحتى الآن، لم تحدد حكومة تسيير الأعمال في ليبيا، التي شكلها المجلس الانتقالي، ما إذا كانت ستطبق قوانين فترة العقيد معمر القذافي في مقاضاة تلك القوات الموالية له. وأعلن أحد مستشاري المجلس الوطني لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أن الحكومة الوطنية المؤقتة تعتزم إصدار عفو عام عن مقاتلي القذافي الذين لم يرتكبوا جرائم حرب، والذين يوافقون على التعاون مع السلطات الجديدة. لكن الصحيفة استدركت قائلة إنه «لم يتضح بعد إذا ما كان هذا الاقتراح سيلقى قبولا في أماكن مثل مصراتة، التي تَحَمّل سكانها هجمات دموية بصورة خاصة من جانب قوات موالية للقذافي».

وينتشر آلاف المساجين الذين لم يجر حصر لهم بعد في الكثير من المدن الليبية، خاصة طرابلس ومصراتة وسرت ومناطق بالجبل الغربي. وقال مصدر في مجلس محلي مصراتة، يدعى محمد المصراتي، إن من بين المساجين في سجون المدينة من قيادات القذافي: أحمد إبراهيم ومنصور ضو وأبناء أبو بكر يونس (شابان: أسامة وسامي). وهناك من الأسماء المقربة من القذافي أيضا أسامة الجروشي، واللواء الهواري (وكان مسؤولا عسكريا في النظام البائد)، وخالد تنتوش الذي كان داعية وإماما مواليا للقذافي.

وتعد مدينة مصراتة من المدن ذات الكلمة المسموعة في فضاء الثورة الليبية، حيث يوجد فيها حاليا جثامين القذافي ووزير دفاعه أبو بكر يونس ونجله المعتصم الذي عمل كمسؤول للأمن القومي. وسُئل مصدر من ثوار المدينة، الذي يوجد في العاصمة طرابلس، حول ما ذكر عن أن عدد المساجين الليبيين من دون محاكمة يبلغ نحو سبعة آلاف، فقال إن العدد يفوق ذلك بكثير.

وقال إن غالبية السجون التي يحتجز فيها المعتقلون حاليا، ليس جميعها سجونا بالمعنى المفهوم، ولكن هي عبارة عن «مبان ضخمة تتكون من غرف ودورات مياه ومطابخ.. مثل السكن الجماعي.. وهم يعاملون معاملة لائقة، والزيارات مفتوحة. ومن بين هؤلاء المساجين توجد مجموعة من المرتزقة الأجانب ممن حاربوا الشعب مع القذافي، لكن عددهم ليس كبيرا، حيث إن أغلب المرتزقة قتلوا في الاشتباكات أو فروا خارج ليبيا».

وأضاف محمد المجبر أن غالبية المساجين ليبيون، ومن بينهم عدد كبير ممن يشتبه في أنهم اشتركوا مع النظام السابق في سفك دماء الليبيين أو سرقة أموال الشعب، لكنه أضاف أن عمليات احتجاز المتهمين إلى أن يتم إحالتهم إلى المحاكم بعد تأسيس نظام الحكم الجديد، يشمل المتهمين بالقتل والسرقة والاغتصاب.

وذكرت «واشنطن بوست» أمس أن السجناء سيشكلون اختبارا مبكرا لقدرة الحكومة الليبية الجديد على كبح جماح الثوار المسلحين الأقوياء، والتخلص من الإرث القاسي للقذافي، مشيرة إلى أن كثيرا من السجون المؤقتة في ليبيا تديرها جماعات من المسلحين المحليين، الذين تضرروا جراء حرب استمرت لثمانية أشهر، وغاضبون من السجناء، وبينهم مقاتلون موالون للقذافي وأنصار له.

وأضافت أنه يتعين على الحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها في غضون الأسابيع المقبلة، بعد إعلان مقرر لتحرير ليبيا اليوم (أمس الأحد)، التعامل مع كل من المسلحين ونظام العدالة الوطني المصاب بالشلل.

وقالت منى رشماوي، وهي مسؤولة بارزة في الأمم المتحدة معنية بحقوق الإنسان، بعد زيارة ليبيا هذا الشهر، إن ما يصل إلى سبعة آلاف سجين محتجزون دون إجراءات قانونية، وقالت للصحافيين إن «هذا بالطبع أسلوب انتهاك».

ووثقت منظمة «العفو الدولية» ومنظمة «هيومان رايتس ووتش» حالات كثيرة من سوء المعاملة للمحتجزين. وتقول المنظمات الحقوقية إن ليبيين من أصحاب البشرة السمراء وأفارقة من الصحراء الكبرى كانوا بصورة خاصة عرضة لعمليات ضرب وتعذيب، من خلال الصعق بالكهرباء. ويشتبه كثير من الليبيين في أن أصحاب البشرة السمراء هم مرتزقة أفارقة أو موالون للقذافي.

وقال فريد أبراهامز، وهو مستشار خاص لمنظمة «هيومان رايتس ووتش»، إنه «في الوقت الحالي، هناك مئات من الجماعات المسلحة المحلية التي تطبق القانون بيديها في أحيائها». وأضاف أن المنظمة عثرت على أدلة عن احتضار سجينين جراء عمليات ضرب تعرضوا لها خلال الاحتجاز.

وقال الكثير من السجناء في مصراتة خلال مقابلات معهم إنهم تعرضوا للضرب بعد اعتقالهم من أجل الإدلاء باعترافات. ونقلت تقارير إن سجن الجديدة بطرابلس الذي كان يغص بالمساجين المناوئين لحكم القذافي حتى أسابيع قليلة مضت، أصبح في الوقت الحالي ممتلئا بمساجين مشتبه بصلتهم بنظام القذافي، حيث يديره مجموعة من الثوار بعد سيطرتهم على العاصمة أواخر شهر أغسطس (آب) الماضي.

وأشار تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية أن نحو 800 سجين، بينهم أربعون امرأة، يقبعون في السجن «بسبب جرائم حق عام أو للاشتباه في تعاملهم مع نظام القذافي». ونقلت الوكالة عن مسؤول العدل في الجهاز التنفيذي الليبي (حكومة تسيير الأعمال) محمد العلاقي أن «تشريعات انتقالية جديدة» سيتم تبنيها «في غضون عشرة أيام»، مما يتيح «التحقيق في الجرائم المرتكبة في ظل العهد السابق».. وذلك في إطار «احترام حقوق الإنسان».