وزير قضاء سابق في إسرائيل يدعو لإطلاق سراح مروان البرغوثي

قال: في الانتخابات المقبلة سينتخب رئيسا فلسطينيا.. وسنضطر لإطلاقه رغم أنوفنا

فدوى البرغوثي تسير خلف ملصق لزوجها الأسير مروان البرغوثي خلال مؤتمر العرب الدولي لنصرة المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

دعا وزير القضاء الأسبق، يوسي بيلين، ووزير الدفاع السابق، عمير بيريتس، رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى التراجع عن موقفه، وإطلاق سراح النائب الفلسطيني مروان البرغوثي، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب، والأمين العام لحركة فتح في الضفة الغربية، المحكوم بالسجن 5 مؤبدات و40 سنة إضافية على دوره في قيادة «كتائب شهداء الأقصى».

وقال بيلين: إن حكومة نتنياهو ارتكبت خطأ فاحشا عندما رفضت طلب حماس ضم البرغوثي إلى الأسرى المحررين في صفقة شاليط، وأضافت بذلك خطأ على خطأ؛ لأنها لم تطلق سراحه بمبادرتها «فهو ليس (إرهابيا) كما تعتبره المؤسسة الإسرائيلية، بل قائد سياسي. العمليات الإرهابية التي حوكم بسببها كانت في إطار الانتفاضة الثانية، ولم يتخلَّ فيها عن الموقف المبدئي للتسوية الدائمة مع إسرائيل على أساس مبدأ (دولتين لشعبين). وفي أسوأ الأحوال، إنه قائد سياسي براغماتي انحرف عن طريقه السوي وله مكان في هذا الطريق».

وأضاف بيلين: إن الدلائل كلها تشير إلى أن البرغوثي سيرشح عن حركة فتح في الانتخابات المقبلة، وسينتخب رئيسا فلسطينيا وهو في السجن، كما انتخب للمجلس التشريعي. وعندها ستدخل إسرائيل في أزمة دبلوماسية عالمية؛ حيث ستتعرض لضغوط دولية شديدة لإطلاق سراحه لكي يمارس حقه الديمقراطي في رئاسة الشعب الفلسطيني، وستضطر إلى إطلاق سراحه على الرغم من أنفها. وعليه، فمن الأسلم لها أن تطلق سراحه من الآن.

وقال بيلين: إن المنطقة شهدت في السنوات الـ20 الأخيرة ضياع فرص كثيرة، ولا يجوز الاستمرار في هذا الضياع. ونفى ما يقال في إسرائيل من أن الفلسطينيين هم المسؤولون عن الإرهاب وعن ضياع الفرص. وقال إن من بدأ الإرهاب هو باروخ غولدشتاين، المستوطن الإسرائيلي في «قريات أربع»، الذي ارتكب مذبحة الخليل سنة 1994، عندما اقتحم الحرم الإبراهيمي في الخليل أثناء صلاة المسلمين في إحدى الليالي الرمضانية. فتلاه الفلسطينيون في عمليتي تفجير في العفولة والخضيرة. وهكذا نجح المتطرفون في الجهتين في جر الشعبين إلى سلسلة صدامات دامية أجهضت أوسلو وقادت إلى جريمة اغتيال (رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق) رابين، ثم إلى فوز بنيامين نتنياهو بالحكم، وهو الذي لم يلغ اتفاقيات أوسلو، لكنه عمل كل ما في وسعه لكي لا يكمل تطبيقها. وأضاف: «لو بقي رابين رئيس حكومة لكان قد أكمل تطبيق اتفاقيات أوسلو، وأنهى الصراع بإقامة دولة فلسطينية تعيش بسلام مع إسرائيل عام 1999».

من جهة ثانية، أكد بيريتس الموقف نفسه بخصوص البرغوثي. وقال إن صفقة شاليط كان من الممكن أن تنفذ بعد أسبوعين من اختطافه إلى قطاع غزة؛ حيث إن الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، توسط بين إسرائيل وحماس وتوصل إلى صفقة بينهما، لكن في اللحظة الأخيرة تراجعت حماس عن التطبيق بشكل مفاجئ.

وكشف بيريتس عن أنه على الرغم من تصريحات رئيس وزرائه في حينه، إيهود أولمرت، بأن إسرائيل لن تتفاوض مع إرهابيين، فقد شكل في نفس ليلة اختطاف شاليط طاقم مفاوضات سريا لغرض مفاوضة حماس بالوساطة المصرية، وتوصل إلى اتفاق مبدئي مع مبارك على ألا تؤدي الصفقة إلى تقوية حماس على حساب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس. فتقرر أن يطلق سراح 450 أسيرا لحماس و550 أسيرا إضافيا يطلق سراحهم احتراما للرئيسين مبارك وأبو مازن. وبموازاة ذلك ولكي لا تفسد سوريا هذه الصفقة من خلال تأثيرها على حماس، بدأت إسرائيل في اتصالات معها، ووصلت عبرها إلى خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للحركة.

يُذكر أن الحلبة السياسية الإسرائيلية تشهد نقاشات حادة حول صفقة شاليط، باعتبار أنها «صفقة إذعان أمام حماس» و«رافعة» لهذه الحركة، في وقت كانت فيه على شفا الهاوية بسبب الأوضاع في سوريا. ويؤكد الدبلوماسيون الإسرائيليون أن الكثير من القادة السياسيين في الغرب يهاجمون إسرائيل على هذه الصفقة، و«يستهجنون الثمن الباهظ الذي دفع فيها» ويتساءلون: «أين المبادئ التي روج لها نتنياهو بأنه لا مفاوضات مع الإرهاب؟!»، ويشيرون إلى أن الدافع الأساسي وراءها كان انتقاما إسرائيليا من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على توجهه إلى الأمم المتحدة ويعتبرونه «خطأ استراتيجيا».

وبعد صمت دام أسابيع، تكلمت رئيسة حزب «كديما» المعارض، تسيبي ليفني، فهاجمت الصفقة واعتبرتها «خنوعا». واعتبرها المحرر السياسي في صحيفة «معريب»، بن كسبيت «إنقاذا ثانيا لخالد مشعل ينفذه نتنياهو في حياته السياسية». ويشير كسبيت إلى أن نتنياهو هو الذي رفع أسهم مشعل عندما حاول اغتياله في عمان خلال دورة حكمه الأولى سنة 1997، واضطر إلى إرسال طبيب يبطل مفعول السم الذي قذفه رجال الموساد في أذنه يومها. فتحول مشعل من إنسان هامشي إلى بطل فلسطيني. وهو الذي أنقذ مشعل اليوم، في الوقت الذي حشر فيه بالزاوية جرَّاء الأوضاع في سوريا. وقال إن الدافع الأساسي هو الانتقام من الرئيس عباس، حتى لو كان ذلك يعني تشجيع الفلسطينيين على خطف مزيد من الجنود الإسرائيليين باعتبار أن «إسرائيل لا تفهم سوى لغة القوة».

ويتواصل زخم اقتراحات قوانين لمنع الحكومات المقبلة من توقيع صفقات كهذه في المستقبل، حتى لو كان ذلك على حساب قتل الآسرين مع المأسورين الإسرائيليين في حالة شبيهة.