نجل شارون في كتاب جديد: والدي قال لنتنياهو.. كنت كذابا ولم تزل كذلك

ادعى أن «أبو مازن» وبيريس كانا يجريان اتصالات سرية تنسيقية من وراء ظهر عرفات

رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

كشف نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، جلعاد أريئيل شارون، أن والده رأى في بنيامين نتنياهو، رئيس حزب الليكود ورئيس الوزراء الحالي، «كذابا محترفا». وأنه لم يثق به في يوم من الأيام.

جاءت هذه الشهادة، في الكتاب الذي سيصدر قريبا بعنوان «شارون - سيرة حياة قائد»، الذي كتبه جلعاد شارون، وقال إنه يعتمد فيه على وثائق ورسائل ومحاضر جلسات جمعها والده وأرشفها في منزله. ويتناول الكتاب أهم المحطات في حياة شارون العسكرية والسياسية، بدأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أمس، نشر مقتطفات منه.

ويكرس جلعاد شارون، حيزا واسعا للتحدث عن الشلل الدماغي الذي أصاب والده، وبسببه لا يزال طريح الفراش في المستشفى، في حالة «كوما» (موت سريري) لا يتكلم ولا يتحرك، منذ سنة 2005 وحتى يومنا هذا. فيقول إنه يخاطب والده باستمرار. وعندما يطلب منه أن يعطي إشارة تدل على أنه يسمع ما يقوله، «يحرك والدي إصبعه». ويضيف: «من يعيش على الزندة يصاب بنحولة الجسم عادة، ولكن وزن والدي قد زاد خلال مكوثه في المستشفى». ويقول إنه قبل سنوات كثيرة، عندما كان والده ما زال سليما معافى «حلمت في إحدى الليالي بأن والدي أصيب بشلل دماغي، وأنني أحطت به مع طاقم من الأطباء، الذين أعربوا عن يأسهم من حالته. وأنا الوحيد الذي لم يصب باليأس».

ويدعي جلعاد أنه هو الذي كان قد اقترح على والده مشروع الانسحاب من قطاع غزة بالكامل لإجهاض «مبادرة جنيف»، التي احتوت يومها مشروعا تفصيليا للسلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، على أساس إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. وقال إنه عرض الاقتراح خلال تناولهما العشاء، في أكتوبر 2003: «قلت له إنني لا أفهم سبب تمسكه بقطاع غزة في هذا الظرف بالذات، حيث الحياة لا تطاق، والحل الوحيد الممكن هو أن لا تبقى هناك إسرائيل أو لا يبقى الفلسطينيون، واقترحت عليه الانسحاب من طرف واحد من هناك، فطلب مني أن أكتب له الاقتراح على ورقة».

ويروي جلعاد أن والده اتخذ موقفا انتقاديا حادا من نتنياهو، الذي كان وزيرا للمالية في حكومة شارون واستقال منها احتجاجا على الانسحاب من غزة، إذ طالب أولا، أن يجرى استفتاء شعبي حول الموضوع. ويضيف أن نتنياهو كان ينتقد شارون والعرق يتصبب من وجهه أمام عدسات الكاميرا، بينما والده (شارون) بدا بارد الأعصاب هادئا. وقد غير نتنياهو رأيه فيما بعد، لينجلي لوالدي على أنه ليس فقط سياسيا مخادعا ويطعن في الظهر، بل أيضا جبان. ويضيف أن نتنياهو عندما تسلم رئاسة الحكومة في سنة 1996، وعد شارون بوزارة المالية، ولكنه نكث بوعده، وقد غضب شارون، فدعاه نتنياهو إلى مكتبه ليرضيه، فقال له شارون، في ختام الجلسة القصيرة: «كنت كذابا وما زلت كذابا».

ويروي جلعاد أن والده شارون شعر بأن مناحيم بيغن أيضا خانه وطعنه من الخلف، وذلك عندما وافق على تشكيل لجنة تحقيق في مذابح صبرا وشاتيلا، إذ إن اللجنة حملت شارون مسؤولية غير مباشرة عن هذه المذابح، التي نفذتها مجموعة من حزب الكتائب اللبناني، عندما كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يرابط على أبواب بيروت وفي بعض أحيائها، على بعد أمتار قليلة من المخيمات. ويقول إن والده التقى بيغن وقال له: «أنت وشيت بي».

وينقل جلعاد شارون في الكتاب رسالة سرية بخط يد وزير الخارجية في حكومة والده حينذاك، شمعون بيريس. وتوصف الرسالة في الكتاب بأنها «الرسالة التي تحرج أبو مازن»، وتتضمن «محضر جلسة سرية» عقدت بين بيريس والرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، عندما كان مرشحا لتسلم رئاسة الوزراء في عهد الرئيس الراحل، ياسر عرفات. وحسب الكتاب فإن أبو مازن وبيريس كانا يجريان اتصالات سرية تنسيقية من وراء ظهر الرئيس عرفات.

وتشير الرسالة، حسب جلعاد، إلى أن أبو مازن حذر بيريس من أنه إذا انكشف أمر اللقاء فإن حياته ستكون في خطر: «إذا انكشف أمر اللقاء سأكون في عداد الأموات». وحسب الرسالة، قال أبو مازن لبيريس: «ينبغي أن تتوقف إسرائيل عن الثناء علي كي لا تمس بفرص تعييني رئيسا للحكومة». ويصف أبو مازن الراحل عرفات، بحسب الرسالة، بأنه «إنسان غير واقعي». كما طلب أبو مازن بعد انتخابه، مساعدة إسرائيل في إقناع الولايات المتحدة بمنح معونات مالية للفلسطينيين، ويقول بيريس في الرسالة إنه ناقش مع أبو مازن في جلسة سابقة الإطاحة بعرفات.

المعروف أن جلعاد شارون يعتبر «الجناح اليميني المتطرف» في عائلة شارون، مقابل الابن الأصغر، عومري شارون، الذي كان عضوا في الكنيست وينسب إليه تأثير شديد على والده باتجاه السلام. وما يتجاهله جلعاد شارون في كتابه، أن والده لم يكن يثق تماما بوزير خارجيته بيريس، وكان يتهمه هو أيضا بالتلون وعدم قول الحقيقة.