تاريخ الهواتف الجوالة منذ ظهورها وحتى الآن

7 مليارات هاتف جوال في العالم بحلول فبراير القادم

TT

باعت شركة «أبل» للكومبيوتر في اليوم الأول لإطلاق الهاتف الجديد أو المعدل «آي فون4 إس» في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية مليون نسخة، محققة بذلك رقما قياسيا في مبيعات الهاتف «آي فون»، بل وفي مبيعات الهواتف الجوالة. ويختصر ظهور الآي فون رحلة الهواتف الجوالة التي قطعتها منذ عام 1983 وحتى الآن حيث تحولت من أداة للإتصال بين الأفراد إلى مكتب شخصي متكامل تقدم آخر ما توصلت اليه التكنولوجيا. التطور شمل الشكل الذي تنافست الشركات على تطويره والتفنن في إختيار أحجامه، فمن الهواتف الضخمة إلى الهواتف الصغيرة الحجم والتي يمكن وضعها في الجيب كان السباق بين الشركات المنتجة على الفوز برضى الجمهور وأيضا التفوق في استنتاج حاجة المستهلك وذوقه. ولم يفت الشركات أيضا الاستفادة من عالم الأزياء والموضة في التصاميم الحديثة واستخدام الألوان وأيضا إطلاق الاكسسوارات المكملة للأجهزة.

لم يكن أحد يتصور عندما أطلقت شركة «موتورولا» الأميركية في عام 1983 أول هاتف جوال في عام 1983 أن هذا الجهاز الجديد سينتشر بهذه الصورة. كان من يحمل هذا الجهاز في أوروبا يلفت الانتباه عندما يشاهده الناس يتحدث إلى نفسه، كما كان يثير الاستياء في الأماكن العامة عندما يدق الهاتف. فما قصة الهاتف الجوال؟ ومتى ظهر؟ وما مدى انتشاره اليوم؟

دخلت شركة «موتورولا» الأميركية التاريخ بطرحها - في عام 1983 - أول هاتف جوال في العالم من طراز «دايناتاك 8000 إكس» (DynaTAC 8000X) بعد 15 عاما من التطوير وبكلفة 100 مليون دولار. كان وزنه 1.3 كيلوغرام ويوضع في السيارة، لتتطور الهواتف الجوالة بعد ذلك بشكل كبير وتنتقل من السيارات إلى الأيدي بشكل متسارع. ومن المتوقع أن يصبح عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت مساويا لعدد سكان العالم (نحو 7 مليارات) في 21 فبراير (شباط) 2012 (لا يعني هذا الأمر أن جميع سكان العالم متصلون بالإنترنت، لكن الكثير منهم يقتني أكثر من جهاز)، وبمعدل 25.72 جهاز جديد متصل بالإنترنت في كل ثانية.

وتغيرت تصاميم وقدرات الأجهزة من إجراء المحادثات البسيطة إلى القيام بالأعمال المكتبية والاتصال بالإنترنت والتقاط ومشاهدة عروض الفيديو، وغيرها. مع وجود مخاطر صحية واجتماعية مختلفة لهذه الأجهزة.

* أجيال الهواتف الجوالة

* لقد تطورت الهواتف من مجرد أدوات للتحدث بين طرفين إلى شاشات رقمية باللونين الأبيض والأسود، ومن ثم إلى أدوات لتبادل الرسائل النصية، واستخدام الشاشات الملونة، ودخلت الألعاب الإلكترونية ووسائل الترفيه الأخرى إليها، مثل القدرة على الاستماع إلى بث الراديو «إف إم» والتقاط ومشاهدة الصور ومشاركتها مع الآخرين من خلال الرسائل متعددة الوسائط «إم إم إس»، وتسجيل ومشاهدة عروض الفيديو المختلفة، والاستماع إلى الموسيقى الرقمية عالية الوضوح، بالإضافة إلى تقديم لوحات مفاتيح بأشكال مختلفة. وانتقلت بعدها الهواتف الجوالة لتأخذ مكان المساعدات الشخصية الرقمية «بي دي إيه» (Personal Digital Assistants PDA) بطرح البرامج المكتبية المتطورة. وتطورت الشاشات لتصبح تعمل باللمس، وظهرت طرز تعتمد على شاشات اللمس بشكل رئيسي، وأخرى هجينة تقدم لوحات مفاتيح إضافية، مع توفير أقلام خاصة للكتابة على الشاشات التي تستطيع التعرف على خط يد المستخدم وتحويله إلى نص يمكن تعديله.

ودعمت الهواتف الجوالة تقنيات التواصل اللاسلكي، مثل الأشعة تحت الحمراء و«بلوتوث» و«واي فاي» لتبادل الملفات مع الهواتف الأخرى، وأصبحت تستطيع التعرف على موقعها الجغرافي بسهولة ودقة كبيرة، مع توفير برامج متخصصة لتحرير عروض الفيديو والصور ومشاركتها مع الآخرين عبر الشبكات الاجتماعية أو البريد الإلكتروني، ليصبح بإمكانها بعد ذلك التفاعل مع المستخدم صوتيا من دون استخدام أوامر خاصة، بل باللغة المستخدمة يوميا (مثل تقنية «سيري - Siri» في الإصدار الجديد لنظام التشغيل «آي أو إس 5» لهواتف «آي فون»).

وبالنسبة لتصاميمها فقد تطورت منذ طرح أول هاتف لغاية الآن، إذ كانت أحجامها وأوزانها كبيرة، ولم يكن التصميم الجميل مهمّا في بداية الطريق. وتطورت لتصبح أصغر حجما وأقل وزنا، وتم إزالة الهوائي منها تماما، لتبدأ التصاميم النسائية ورجال الأعمال وتصاميم الأطفال بالظهور في الأسواق، مع توفير القدرة على استبدال الهياكل الخارجية للكثير من الأجهزة لتتناسب وذوق المستخدم. وطرحت هواتف جوالة بـ10 أزرار للأرقام وزران للرموز الخاصة، لتليها أجهزة بلوحات مفاتيح كاملة وبتصاميم مختلفة تماما، مثل لوحات مدمجة أسفل الشاشة، وأخرى تنزلق إلى الأسفل أو إلى الجانب، مع تقديم أزرار خاصة للكاميرا الرقمية والتفاعل مع المشغل الموسيقي، وغيرها. وازداد قطر الشاشة مع مرور السنوات، وأطلقت الكثير من الشركات إصدارات فاخرة من هواتفها للأثرياء تحتوي على أحجار كريمة وهياكل ذهبية، مع ظهور شركات متخصصة في هذا المجال يرسل لها المستخدم هاتفه ويختار تصميما فاخرا، لقاء مبالغ قد تصل إلى مئات الألوف من الدولارات! ومن التصاميم المميزة للهواتف الجوالة: «نوكيا 5510»، و«نوكيا إن غيج»، و«نوكيا 7600»، و«نوكيا 7280»، و«إتش تي سي يونيفيرسال»، و«إل جي تشيكوليت كيه جي 800»، و«آي فون»، و«موتورولا رازر2 في 9»، و«نوكيا إن 96»، و«بلاك بيري بولد»، و«نوكيا إن 97»، و«توشيبا تي 001».

وبالنسبة لأجهزة الجيل الأول التي بدأها هاتف «موتورولا» (دايناتاك 8000 إكس) كانت شبكات الاتصالات تستطيع نقل المستخدم بين مراكز الاتصالات اللاسلكية أثناء تنقله. وكانت هواتف هذا الجيل تتميز بحجمها الضخم ووزنها الكبير. وبدأ الجيل الثاني بتحول شبكات الاتصالات إلى الشكل الرقمي في عام 1990 في الولايات المتحدة وفي 1991 في أوروبا، وكانت تستطيع الاتصال مع الكثير من أنواع الشبكات. وكانت الأجهزة صغيرة الحجم، وكان وزنها يتراوح بين 100 و200 غرام، وأصبحت أشكالها مقبولة لدى المستخدمين. وأرسلت أول رسالة نصية في العالم في عام 1992. وقدم هذا الجيل القدرة على تحميل المحتوى إلى الجهاز، حيث بيعت أول نغمة رنين في العالم عام 1998 في فنلندا، لتبدأ الإعلانات المدفوعة بالظهور في الرسائل النصية في عام 2000. وتم تجربة نظم دفع إلكتروني من خلال الهاتف الجوال في عام 1998 أيضا. هذا، وأطلقت خدمات الإنترنت بشكل كامل على الهواتف الجوالة في اليابان في عام 1999.

أما أجهزة الجيل الثالث فهي تسمح للمستخدم الاتصال بالإنترنت وتبادل الرسائل الإلكترونية بسرعات جيدة، وكانت اليابان هي البلد الأول الذي قدم هذه الشبكات في عام 2001، مع طرح شبكات الجيل الرابع مؤخرا، التي تسمح نقل البيانات من وإلى الهاتف والاتصال بالإنترنت بسرعات كبيرة جدا مقارنة بالسابق (10 أضعاف)، الأمر الذي سيفتح المجال أمام المزيد من الخدمات والقدرات الإبداعية، مثل مشاهدة عروض الفيديو والتلفزيون بشكل مباشر وبوضوح مرتفع من دون انقطاع، وبأسعار منخفضة.

* تطور الشبكات

* وتستخدم الهواتف الجوالة تقنية موجات الراديو التي تم تطويرها في الأربعينات من القرن العشرين. ولكن الهواتف الجوالة القديمة في تلك الفترة لم تستطع إجراء أكثر من 6 مكالمات قبل أن تنفد بطاريتها التي يصل وزنها إلى نحو 20 كيلوغراما (كانت توضع في الحقيبة الخلفية للسيارة). ويمكن القول بأن الهواتف الجوالة التي نستخدمها اليوم أصبحت واسعة الانتشار بفضل تقنية البطاريات السداسية التي تم تصميمها في مختبرات شركة «بيل» (Bell) الأميركية التي تم تطويرها في عام 1947، مع إنشاء أبراج اتصالات ثلاثية الاتجاهات في فترة 1960، لتصبح التقنية متوفرة في عام 1967. ولكن كان يجب على المستخدم البقاء في منطقة البرج للتحدث وعدم الانتقال إلى منطقة أخرى قبل عام 1970، حيث تم تطوير تقنية انتقال المستخدمين من منطقة لأخرى دون أن ينقطع الاتصال. وطرحت أول شبكة اتصالات جوالة تجارية في عام 1982.

* نظم تشغيل الهواتف الجوالة

* وبغض النظر عن مواصفات الهاتف الجوال أو شكله أو وزنه، فلنظام التشغيل الأثر الأكبر في تعزيز تجربة الاستخدام. وتطورت نظم التشغيل بتطور الأجهزة والشبكات لتسمح باستخدام الكثير من المزايا الجديدة. وفي العام الحالي فإن حصة نظم التشغيل في الأسواق هي على الشكل الآتي: «آندرويد» بنسبة 38.9 في المائة، و14.2 في المائة لنظام «بلاك بيري أو إس»، يليه «سيمبيان» (Symbian) بنسبة 20.6 في المائة ثم 18.2 في المائة لـ«آي أو إس» من «أبل»، و3.8 في المائة لـ«ويندوز فون» و«ويندوز موبايل»، و4.3في المائة لنظم التشغيل الأخرى. ويتوقع خبراء التقنية أنه في عام 2015 سترتفع حصة أسواق نظم التشغيل «آندرويد» إلى 43.8 في المائة و«ويندوز فون» إلى 20.3 في المائة ونظم التشغيل الأخرى إلى 5.5 في المائة مع انخفاض حصص نظم «بلاك بيري» إلى 13.4 في المائة و«سيمبيان» إلى 0.1في المائة (ستتبنى شركة «نوكيا»، أكبر الداعمين لنظام «سيمبيان» في السابق، نظام التشغيل «ويندوز فون»)، و«آي أو إس» إلى 16.9 في المائة.

* مخاطر مختلفة

* ومع التقدم التقني الكبير الذي تشهده الهواتف الجوالة، وجدت منظمة الصحة العالمية في 31 مايو (أيار) 2011 مخاطر صحية للاستخدام المطول للهواتف وارتفاعا ملحوظا في نسبة الإصابة بسرطان الدماغ (40 في المائة) وأن استخدام الهاتف الجوال لمدة 10 أعوام يضاعف احتمال الإصابة بسرطان دماغي في جهة الاستخدام. وخلصت بعض الدراسات إلى أن ما نسبته 40 في المائة من الهواتف الجوالة الخاصة بالمرضى تحتوي على بكتيريا معدية، وكذلك 20 في المائة من هواتف طاقم عمل المستشفى.

ومن المخاطر الأخرى استخدام الهاتف أثناء قيادة السيارة، إذ إن ذلك يعني أن المستخدم سيقود بيد واحدة، وبالتالي انخفاض قدرته على التحكم بالسيارة في حالات المفاجآت أثناء القيادة، وضعف تركيزه على ما يحدث من حوله. أضف إلى ذلك الحوادث الكثيرة بسبب قراءة أو كتابة الرسائل النصية أثناء القيادة التي تجبر السائق على استخدام يده وترك النظر إلى الطريق لفترات متقطعة.

ويتخوف الكثيرون من انتهاك الهواتف الجوالة لخصوصياتهم، وخصوصا أن هيئات الاستخبارات في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا تستطيع تفعيل المايكروفون المدمج في الهاتف من دون أن يشغله المستخدم، وذلك للتنصت على أهداف محددة. وتعاني أيضا بعض نظم تشغيل الهواتف الجوالة من وجود فيروسات تسرق معلومات المستخدم الشخصية وصوره ومعلومات دفتر عناوينه وبريده الإلكتروني وكلمات السر الخاصة به لمواقع الإنترنت المختلفة، وتستطيع إرسال الرسائل وإجراء المكالمات عن بُعد وعلى نفقة المستخدم من دون موافقته على الإطلاق. وتنتقل غالبية هذه الفيروسات عبر شبكات «بلوتوث» اللاسلكية، أو عن طريق تحميل برامج مشبوهة.

ومن المخاطر الأخرى المخفية في الهواتف الجوالة قدرتها على تسجيل المحادثات (بين الأطراف المتصلة أو الذين يتحدثون مباشرة معا بالقرب من المستخدم) والتقاط الصور وتسجيل عروض الفيديو، ذلك أن الأفراد معتادون على مشاهدة الآخرين يحملون هواتف جوالة، ولكنهم لم يعتادوا على مشاهدة شخص يحمل كاميرا خاصة يقوم بتصويرهم أو آخر يحمل جهاز تسجيل.