الجامعة العربية تعلق عضوية دمشق.. وتدعو المعارضة للتشاور حول صيغة المرحلة الانتقالية في سوريا

هددت بعقوبات اقتصادية وسياسية ضد نظام الأسد.. وأمهلته 4 أيام لوقف العنف ضد المدنيين فاتحة الباب أمام تدويل الأزمة

الشيخ حمد والعربي يتبادلان الحديث في اجتماع الجامعة العربية أمس (رويترز)
TT

في خطوة مفاجئة تزيد من حدة الضغط السياسي والعزلة على الرئيس السوري بشار الأسد، قررت الجامعة العربية أمس تعليق عضوية سوريا من خلال تعليق مشاركة الوفود السورية في اجتماعات الجامعة إلى حين تنفيذ المبادرة العربية التي أقرت مطلع هذا الشهر بوقف أعمال العنف ضد المدنيين في البلاد. كما دعت الدول الأعضاء في الجامعة إلى سحب سفرائها من دمشق، مهددة في الوقت نفسه بالاعتراف بالمجلس الوطني السوري المعارض. ودعت الجامعة المجلس المعارض إلى الاجتماع خلال ثلاثة أيام للاتفاق على صيغة لمرحلة انتقالية في سوريا.

ودعت الجامعة العربية الجيش العربي السوري أيضا إلى «الامتناع عن المشاركة في قتل المدنيين»، وقررت فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على الحكومة السورية. وقالت الجامعة إن قرار تعليق عضوية سوريا سيسري اعتبارا من 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. واعترض على قرار الجامعة أمس كل من لبنان واليمن، وامتنع العراق عن التصويت.

ومنحت الجامعة العربية سوريا 4 أيام لوقف العنف ضد المدنيين، ومهدت الطريق أمام تفويض دولي للتدخل في سوريا عبر البند الثاني من القرار الذي دعا لتوفير الحماية للمدنيين السوريين وذلك بالاتصال الفوري بالمنظمات العربية المعنية «وفي حال عدم توقف أعمال العنف والقتل يقوم الأمين العام بالاتصال بالمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بما فيها الأمم المتحدة، بالتشاور مع أطياف المعارضة السورية، لوضع تصور بالإجراءات المناسبة لوقف هذا النزيف، وعرضها على مجلس الجامعة الوزاري للبت فيها»، في اجتماعه المقرر يوم الأربعاء المقبل.

وجاءت قرارات أمس عقب بدء أعمال الاجتماع غير العادي على مستوى وزراء الخارجية العرب في دورته المستأنفة برئاسة رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، وبحضور الأمين العام للجامعة الدكتور نبيل العربي، ومشاركة عربية واسعة، وسط غياب متواصل لوزير الخارجية السوري وليد المعلم، وتكليف السفير يوسف الأحمد مندوب سوريا لدى الجامعة بحضور الاجتماعات. وقال الشيخ حمد للصحافيين بالقاهرة إن أعضاء الجامعة تعرضوا لانتقادات لتأخرهم في التحرك نظرا «لأهمية الموضوع وأهمية سوريا»، لكن الجامعة كانت في حاجة للحصول على أغلبية لإقرار هذه القرارات.

وقبيل انطلاق أعمال الاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، أجرى العربي محادثات مع الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي. وكان الفيصل حاضرا في اجتماع اللجنة الوزارية العربية المعنية بسوريا، الذي رأسه الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء وزير خارجية قطر. وتضم اللجنة في عضويتها كلا من مصر والجزائر وسلطنة عمان والسودان والأمين العام للجامعة العربية.

وكان مجلس الجامعة العربية قد استهل أعماله ظهر أمس بجلسة مغلقة، استمع فيها الوزراء إلى تقرير من رئيس الوفد السوري يوسف الأحمد حول مدى التزام سوريا بخطة الحل العربية، وما تعتزم سوريا تقديمه من تسهيلات لإنجاح الحل العربي. كما عرض العربي عددا من التقارير التي تتعلق بنتائج لقاءاته واتصالاته على مدار الأيام العشرة الماضية، وعرض كذلك جميع مطالب المعارضة التي تتعلق بتجميد عضوية سوريا والحوار حول تسليم السلطة ووقف العنف وتوفير حماية للمدنين وإعطاء الشعب السوري الحق في التظاهر بحرية.

وبعد ساعتين من الاجتماع المغلق، علق وزراء الخارجية الاجتماع، وذهبت اللجنة الوزارية لعقد اجتماع تشاوري لبلورة بنود للقرارات التي يجب أن تراعي معادلة صعبة تمتص الأجواء الساخنة التي وصلت إلى درجة الغليان من عموم الشعب السوري. وكان المجلس الانتقالي السوري قد حذر اللجنة الوزارية خلال اللقاء معها من وصول الانتفاضة السورية إلى مرحلة التسلح التي يعد لها الشعب السوري حاليا، ومن ثم كانت الخيارات إما قرارات تساند الشعب السوري وتشعره بتضامن الجامعة، وإما الفوضى والحرب الأهلية داخل سوريا. وفي مؤتمر صحافي مشترك للأمين العام للجامعة والشيخ حمد، أكدا حرص الجامعة العربية على أن يكون حل الأزمة في سوريا عربيا خالصا. وقال الشيخ حمد ردا على سؤال حول لماذا لا يتم الذهاب للأمم المتحدة مباشرة «لا نرغب في التدخل الأجنبي، وحريصون على سوريا، وسوف نراقب الوضع في الأيام القادمة، بحيث تتخذ الجامعة العربية الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب». وتابع «نأمل ألا تكون هناك زيادة في القتل، وأن تتخذ الحكومة السورية مبادرة، ووقف القتل وإطلاق المعتقلين وبدء إصلاح في سوريا بشكل جدي وسريع».

وحول تأخر الجامعة العربية في إصدار هذا القرار قال الشيخ حمد «كان مطلوبا أن يكون هناك إجماع عربي، ومطلوبا إعطاء الوقت الكافي لإتاحة الفرصة لدمشق للالتزام بالمبادرة العربية، نظرا لأهمية سوريا، ونعطيهم فرصة حتى يوم 16 من الشهر الحالي حتى يلتزموا، ونستطيع أن نساعدهم ونساعد أنفسنا». وأضاف الشيخ حمد «كنا حريصين على أن تقبل أكثر الدول العربية ما يصدر من قرارات، وتجنب التصويت». وأضاف في ما يتعلق بالخطوات القادمة أن الأمر يرجع لمجلس الجامعة العربية.

وحول الانتقادات السورية التي كانت دائمة لدول الخليج ودولة قطر في التصعيد، وهل هذا الموقف خليجي أم عربي، قال إنه «لا توجد رغبة خليجية، فنحن نعمل تحت مظلة الجامعة العربية، والموافقة تدل على أن كل الدول العربية متفقة في هذا الموضوع». ولفت إلى أن اجتماع وزراء الخارجية العرب في الرباط يوم 16 من الشهر سيتابع هذا الموضوع، وأن الأمانة العامة للجامعة ستعرض عليه رؤيتها بشأن آلية المراقبة والتنفيذ للقرار، مشيرا إلى أن هذا الاجتماع يعقد في الرباط لأن هناك اجتماعا لوزراء الخارجية العرب وتركيا.

وحذر الشيخ حمد من أنه إذا لم تلتزم دمشق بالمبادرة فسوف يتعقد الوضع، وقال «نحن لا نرغب في ذلك، وليس صحيحا أن البعض يريد تعقيد الوضع في سوريا، وصبرنا كل هذه الأشهر لأننا نريد معالجة الوضع في سوريا في إطار الجامعة العربية»، مشيرا إلى أنه سمع هتافات المتظاهرين «عندما اتهمونا بالخيانة.. القضية قضية إجماع عربي، وهناك بعض الإخوان كانوا غير مقتنعين والآن أصبحوا مقتنعين». وحول وجود آلية لتسليح المدنيين وفرض حظر جوي، قال الشيخ حمد «لم يتحدث أحد في الجامعة عن الحظر الجوي أو أمور أخرى». وفي ما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية أضاف أن الجامعة العربية ستبحث موضوع الإجراءات الاقتصادية.

وعما إذا كانت هناك اتصالات تجريها اللجنة الوزارية مع الجانب السوري، قال الشيخ حمد «نحن منتظرون لأي اتصال من الجانب السوري بشأن تنفيذ المبادرة العربية». وردا على سؤال حول التهديدات الغربية لإيران (حليفة نظام الأسد)، قال الشيخ حمد إن «إيران جارة لقطر ولدول مجلس التعاون الخليجي، ونأمل أن يحل هذا الموضوع بالحوار وعدم استخدام التهديد لإيران لأنه يؤجج الوضع في المنطقة ونحن غير جاهزين للتأجيج».

من جانبه، قال العربي إن الجامعة بدأت الاتصال بالحكومة السورية منذ أربعة أشهر لوقف العنف ولم يحدث، معربا عن الأمل بأن يتم وقف العنف في الأيام الأربعة القادمة. ولفت العربي إلى توفير الحماية للمدنيين السوريين، من خلال المنظمات العربية، والأمم المتحدة في إطار حقوق الإنسان وليس في أي إطار آخر، مشيرا إلى أنه وفقا للنظام الداخلي فإن قرارا مثل التجميد أو الفصل يستلزم أغلبية الثلثين ويستخدم في فصل أو تجميد عضوية أي دولة عربية.

وقال العربي «إننا نتحرك في إطار الأغلبية، لأنه لو لزم التوافق ما صدر قرار من الجامعة»، مضيفا أنه «مطلوب من الأمانة العامة وضع تصور لها بعد الاتصال بالجهات المعنية عربيا وهي كثيرة، ودوليا وهي المعنية بحقوق الإنسان، وسوف يتم تقديمها يوم 16 من الشهر الحالي». وبدأ وزراء الخارجية العرب اجتماعا غير عادي أمس حول الوضع في سوريا بعد فشل اتفاق بين حكومة الرئيس بشار الأسد ومجلس وزراء الخارجية العرب على وقف العنف وإزالة المظاهر المسلحة قبل أكثر من أسبوعين. وقال معارضون سوريون بعد اجتماع للجنة الوزارية العربية الخاصة بسوريا في القاهرة ليل أول من أمس، إنهم يتوقعون صدور قرار من الاجتماع الوزاري غير العادي بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية.