أسواق المال تكشر عن أنيابها لرئيس الوزراء الإيطالي الجديد

تكلفة التأمين والفائدة على سندات إيطاليا في أعلى مستوياتها واليورو يتراجع

استطاعت إيطاليا بيع سندات جمعت من خلالها 3 مليارات يورو بفائدة 6.29% (أ.ب)
TT

تراجع اليورو وانخفضت أسواق المال الأوروبية، في حين قفزت تكاليف الإقراض لإيطاليا وتأمين سندات الدين الإيطالي ضد التخلف إلى مستويات قياسية، لتمنح مؤشرا على أن المستثمرين غير مقتنعين بأن رئيس الوزراء الجديد سيتمكن من حل أزمة الديون الإيطالية. ويسابق رئيس الوزراء الجديد ماريو مونتي الزمن لتشكيل حكومة جديدة لإبعاد ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو عن حافة كارثة مالية.

وقال وزراء المالية في روما إن متوسط العائد في مزاد على سندات أجل خمس سنوات بقيمة 3 مليارات يورو (4.1 مليار دولار) ارتفع إلى 6.29 في المائة. وذلك حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).

يأتي هذا مع تخوف المستثمرين حيال التحديات الهائلة التي يواجهها رئيس الوزراء الإيطالي المعين ماريو مونتي إذ يحاول تمرير خطة قاسية لخفض الديون بهدف تخفيف الديون الإيطالية البالغة 2.51 تريليون دولار. وارتفعت أمس الفوائد على السندات لأجل خمس سنوات لأعلى مستوى منذ يونيو (حزيران) عام 1997. وجاء هذا العائد المرتفع بعد مزاد مشابه جرى في شهر أكتوبر (تشرين الأول) وبلغ فيه 5.32 في المائة. ومع ذلك، لا يزال الطلب على سندات الدين الإيطالية قويا مع تجاوز الاكتتاب في مزاد اليوم 1.47 مرة حجم المعروض.

وكانت الزيادة الكبيرة في تكاليف الإقراض الإيطالية الأسبوع الماضي، ألقت بظلالها على الأسواق العالمية، وسط قلق المستثمرين من أن روما قد تضطر إلى طلب خطة إنقاذ دولية لمساعدتها في سداد ديونها. وأسهم الإعلان الصادر، أول من أمس (الأحد)، بتولي مونتي مهام رئيس الوزراء من سيلفيو برلسكوني في تخفيف هواجس المستثمرين.

وفي تعاملات ظهر أمس، تراجع العائد على السندات لأجل عشر سنوات إلى 6.35 في المائة، أي أقل من حاجز 7 في المائة الخطير الذي أجبر آيرلندا والبرتغال على طلب حزم إنقاذ دولية.

وفي فرانكفورت، أعلن البنك المركزي الأوروبي أمس انخفاض حجم مشترياته من سندات الخزانة السيادية الأوروبية خلال الأسبوع الماضي، على الرغم من اضطراب أسواق سندات دول منطقة اليورو. وذكر البنك الذي يوجد مقره في مدينة فرانكفورت الألمانية أنه اشترى خلال الأسبوع الماضي سندات بقيمة 4.5 مليار يورو (6.1 مليار دولار)، في إطار برنامج شراء السندات الحكومية المثير للجدل. وكان البنك قد اشترى في الأسبوع قبل الماضي سندات بقيمة 9.5 مليار يورو. وبعد مشتريات الأسبوع الماضي بلغ إجمالي مشتريات البنك من السندات منذ مايو (أيار) 2010 نحو 187 مليار يورو.

من ناحية أخرى، انخفض اليورو بنسبة 0.8 في المائة إلى 1.3673 دولار مع ترقب المستثمرين تفاصيل تشكيل الحكومة الجديدة لمونتي وبرنامجها. وفي الوقت نفسه، تعرضت الأسهم الأوروبية لضغوط من جديد مع بدء تعاملات الأسبوع. وخسر مؤشر «يوروستوكس 50 القياسي»، الذي يقيس أداء أكبر 50 شركة في منطقة اليورو 1.1 في المائة من قيمته، ظهر أمس، ليصل إلى 2300 نقطة بما يعكس حالات هبوط مشابهة لأسواق الأسهم في أكبر اقتصادين في منطقة اليورو؛ فرنسا وألمانيا.

وفتحت الأسهم الأميركية منخفضة، أمس (الاثنين)، مع تحرك إيطاليا واليونان بخطى حثيثة لتشكيل حكومتين بقيادة خبراء في محاولة لحل أزمة الديون في منطقة اليورو ومع صدور بيانات تظهر أن المنطقة تواجه ركودا يلوح في الأفق. وتراجع مؤشر «داو جونز» الصناعي لأسهم الشركات الأميركية الكبرى 22.78 نقطة أو 0.19 في المائة إلى 12130.90 نقطة. وهبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الأوسع نطاقا 5.70 نقطة أو 0.45 في المائة إلى 1258.15 نقطة.

ونزل مؤشر «ناسداك» المجمع، الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 8.40 نقطة أو 0.31 في المائة إلى 2670.35 نقطة. كما تراجعت الأسهم في بورصة ميلانو بنسبة 0.69 في المائة، بعد أن سجلت ارتفاعا بنحو 1.5 في المائة عند افتتاح الجلسة. ونجحت سوق الأسهم في أثينا في تحقيق ارتفاع طفيف نسبته 0.15 في المائة، مع بدء الحكومة المؤقتة الجديدة في اليونان الاتجاه لتنفيذ حزمة إجراءات ضرورية من أجل تأمين الحصول على مساعدة للدولة التي تعاني من أزمة سيولة نقدية.

وفي بروكسل أعلن المفوض الأوروبي لشؤون الأسواق المالية ميشال بارنييه، أمس (الاثنين) أن المفوضية الأوروبية ستقترح تجميد التصنيف المالي لعدد من الدول الأوروبية في حال تلقت مساعدات دولية، أو إذا أسهم تصنيفها في عدم استقرار الأسواق. وقال بارنييه عبر إذاعة «بي إف إم» إن وكالات التصنيف المالية التابعة للسلطة الأوروبية لمراقبة الأسواق المالية «لا يحق لها، إن قررت السلطة ذلك، وضع تصنيف لدول تتلقى برنامج دعم دولي أو من صندوق النقد الدولي أو من الاتحاد الأوروبي، وذلك لفترة محددة».

وتابع أن السلطة المالية الأوروبية «يمكنها أن تجمد مؤقتا لمدة شهرين عملية التصنيف عندما ترى الأمر ضروريا، وإذا أدى التصنيف إلى زيادة عدم استقرار وتقلبات الأسواق».

وسيطرح بارنييه اليوم مقترحاته لتشديد قواعد عمل وكالات التصنيف، وأهمها «ستاندرد آند بورز» و«موديز» و«فيتش»، واحتمال فتح ملاحقات مدنية. ويؤدي تصنيف هذه الوكالات للدول والمنتجات المالية والشركات إلى تغيير اتجاه الأسواق بالكامل، وهي تتعرض للانتقاد منذ فترة طويلة. قالت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، أمس (الاثنين)، إنها لم تقم بأي دور في الضغط لإحداث تغيير للحكومات في اليونان وإيطاليا، أكثر دولتين مثقلتين بالديون في منطقة اليورو.

إلى ذلك، قالت المتحدثة باسم المفوضية، بيا أهرينكيلده، للصحافيين في بروكسل إنه «ليس من سلطات المفوضية، كما تعلمون، تشكيل حكومات سيادية في أي دولة عضو»، مضيفة أن «الدول الأعضاء تحدد حكوماتها».