العراق مبررا امتناعه عن التصويت لتعليق عضوية سوريا: دمشق تستضيف مئات آلاف العراقيين

زيباري: قرارنا لم يكن سهلا لكنه سليم.. ولا ضغوط إيرانية وراءه

TT

على الرغم من تبرئة ساحة وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري من قبل كتلته في البرلمان، التحالف الكردستاني، وذلك على خلفية الموقف الذي اتخذه العراق بالامتناع عن التصويت على قرار مجلس الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا في الجامعة, فإن زيباري وجد نفسه بين ثلاث نيران في آن واحد. فمن جهة، كان عليه التزام الموقف الرسمي للحكومة الاتحادية التي قررت الامتناع عن التصويت دون «اتخاذ خطوات تصعيدية ضد سوريا، مثل سحب السفير العراقي من دمشق»، مثلما أبلغ به المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، علي الدباغ، «الشرق الأوسط»، أول من أمس. ومن جهة ثانية، جاء موقف القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء العراقي الأسبق، إياد علاوي، والتي اعتبرت مجرد الامتناع عن التصويت نوعا من المغازلة لإيران، وهو ما يعني أنها كانت تريد قبول العراق بالقرار العربي وهو نفس ما أكدته كتلة التحالف الكردستاني التي رفضت موقف الحكومة المناوئ للثورة السورية.

ومن جهة ثالثة، فإن مواقف بعض قيادات التحالف الوطني الحاكم مضت إلى ما هو أبعد من الامتناع عن التصويت، وهو ما يعني رفض العراق للقرار، مثلما فعل اليمن ولبنان، وهو ما عبر عنه الدباغ أيضا، عندما قال: إن ما عبرنا عنه في القاهرة كان رفضا بأسلوب دبلوماسي.

وكان وزراء الخارجية العرب قرروا في ختام اجتماع عقد في القاهرة (السبت)، تعليق مشاركة سوريا في اجتماعات الجامعة العربية، ودعوا إلى سحب السفراء العرب من دمشق. وقد تحفظ الوفد العراقي المشارك في الاجتماع عن التصويت على قرار التعليق. زيباري من جهته، وحال عودته إلى بغداد، سعى إلى فك الاشتباك اللغوي والمفاهيمي والسياسي حيال ما جرى في القاهرة، والمبررات التي دعت العراق إلى اتخاذ مثل هذا الموقف. الوزير زيباري قال في مؤتمر صحافي ببغداد إن «موقف العراق خلال بحث الأزمة السورية في اجتماعات الجامعة العربية كان سليما ومستقلا وجريئا في خضم علاقات العراق الدولية والإقليمية والعربية».

وأوضح أن «امتناع العراق عن التصويت على قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة هو قرار بحد ذاته، ولم يتخذ نتيجة خوف أو تردد»، مبينا في الوقت نفسه أن «العراق يتخذ قراراته باستقلالية تامة، وليست هناك أي إملاءات خارجية عليه»، في إشارة إلى ما قيل إنها ضغوط إيرانية.

مع ذلك، رأى وزير الخارجية العراقي أن «امتناع العراق عن التصويت على عزل سوريا لم يكن سهلا، كما يتصوره البعض»، مشيرا إلى أن «جامعة الدولة العربية للمرة الأولى تتخذ سلسلة من الإجراءات العقابية ضد دولة مؤسسة فيها».

واعتبر أن «سوريا دولة شقيقة وجارة مهمة في المنطقة، ولدينا علاقات تاريخية ومتميزة واستضافت عشرات ومئات الآلاف من العراقيين في ظروف صعبة»، مؤكدا أن «هناك التزامات بالنسبة للعراق دوليا وعربيا لا يمكن تجاوزها». وفي إطار استمرار تبريره للقرار قال إن «هناك حسابات دولية وإقليمية، ووضع العراق ليس كوضع دولة في شمال أفريقيا أو الخليج»، مشيرا إلى أن «ما يجري في سوريا سيؤثر على العراق».

وأقر زيباري بأن موقف العراق لم يكن سهلا، وقال إن «الآراء انقسمت بين مؤيد ومعارض (...) تمكنا وبتوجيه من الحكومة من أن نتخذ موقفا مستقلا خارج التكتلات والضغوط وموقفا مبدئيا من هذه المسألة».

وأضاف زيباري: «لسنا مع عملية تجميد عضوية سوريا إطلاقا، القرار أشد من هذا، لأن هذا سيترك سابقة»، وتابع أن «القرار فيه شدة أكثر مما توقعت كثير من الدول والمصادر، وفيه إجراءات شديدة (تهدف) لإجبار النظام السوري على الالتزام بها»، وحذر وزير الخارجية من أبعاد قرارات من هذا النوع. وعن تأثير الموقف العراقي على علاقته مع إيران، قال زيباري: «نحن نراعي علاقاتنا مع الجميع، لكننا لسنا أسرى لأي جهة، ولا لهذه العلاقات». وردا على سؤال عن خشية العراق من نظام سوري جديد، قال زيباري: «لا نخشى من علاقتنا مع نظام سوري (جديد)، فالعلاقات تبقى بين الدول بغض النظر عن الأنظمة والمصالح ثابتة».

وأوضح أن الخطوة التي اتخذها العراق، يجب أن لا تعتبر عدم اكتراث بقتل المدنيين، وقال إنها لا تعني أن العراق يؤيد هذا الجانب أو ذلك، أو أنه يؤيد قتل الأبرياء ويرفض الإرادة الحرة للشعب السوري في اختيار النظام الذي يريده، لكنه أضاف أن هناك أيضا اعتبارات إقليمية ودولية.