«ناشط سياسي».. لقب يغزو المجتمع المصري بعد الثورة

أثار جدلا على مواقع الإنترنت وأصبح صفة لبعض مرشحي الانتخابات

TT

سألت ندى (طالبة جامعية) أصدقاءها على صفحتها الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بكل جدية: «يعني إيه ناشط سياسي؟»، واستطردت في إصرار قائلة: «بيدخل كلية إيه علشان يكون ناشط سياسي وبعدين يطلع علينا في كل الفضائيات يتكلم باسم قوى المعارضة؟!»، فرد باسل بسرعة: «أيوه أرجوكم إزاي أكون (ناشط سياسي)؟». وما بين سؤال وجواب في متتالية طويلة، تتوالى الحرب الكلامية ما بين الشباب والفتيات في تعليقات حماسية وارتجالية حول مفهوم وحقيقة هذا اللقب «ناشط سياسي»؛ وهو اللقب الذي بات بطلا لصفحات الجرائد ونشرات الأخبار منذ قيام ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، وأصبح صفة لبعض مرشحي الانتخابات البرلمانية.

الدكتور أحمد القصير، أستاذ علم الاجتماع السياسي، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «كلمة الناشط عموما هي كلمة معربة من الكلمة الإنجليزية (activist)، وتشمل أي فرد يشترك في نشاط يرتبط بقضية ما ويبذل في سبيل هذه القضية أو هذه الأنشطة وقته وجهده، وأحيانا كثيرة ماله، من دون مقابل سوى خدمته لهذه القضية».

ويضيف قائلا: «إن حالة الالتباس التي عند الكثيرين اليوم تجاه هذا اللقب تعود إلى طبيعة اللقب نفسه، الذي أعتقد أن به ميوعة سياسية مقارنة بلفظ (مناضل سياسي) الذي كان متعارفا عليه أيام النضال السياسي في المنعطفات الكبرى في حياة مصر المعاصرة. ولكن كون لقب الناشط أصبح دارجا بكثرة ما بين الناس، فقد بات علينا أن نتقبله كما هو».

لكن ياسمين بشير تتساءل: «هل كل من كتب مدونة على (البلوغرز) (مواقع التدوين) و(تويتر) يصبح ناشطا سياسيا، وهل من حق هذا الناشط أن ينصب نفسه ممثلا للرأي العام المصري ليتحدث بالنيابة عنه في الفضائيات مثلا؟ خصوصا أن بعضهم يتقاضى مبالغ تقدر بآلاف الجنيهات في اللقاءات التلفزيونية التي يتحدثون فيها عن كل شيء وأي شيء».

الدكتور القصير يرد قائلا: «إذا كان الإعلام قدم بعض النماذج غير الجيدة على السطح وفي مواجهة الرأي العام، فهذه ليست مشكلة الناشط السياسي، بل مشكلة الإعلام، لأنه هو من يختار أشخاصا بأعينهم ويقدمهم للرأي العام».

لكن واقع الناشط السياسي في مصر اليوم بات يمثل حالة من الارتباك والغموض لدى البعض، حيث تبدي مروة شاهين (37 عاما) دهشتها قائلة: «أصبحت أعتقد أن كل من يشتم المجلس العسكري اليوم هو ناشط سياسي، بغض النظر عن كونه كان مشاركا في مظاهرات أو احتجاجات شعبية، فكل يوم تخرج علينا مانشيتات الصحف بالقبض على ناشط سياسي قام بكتابة مدونة أو بيان ضد المجلس العسكري من شأنه إثارة الرأي العام؛ على الرغم من كون أحد مطالب ثورة يناير أن تكون حرية الرأي مكفولة للجميع دون ملاحقات أمنية».

أما الدكتور القصير فيرى هذه الملاحقات ضريبة لا بد منها، مضيفا: «الناشط السياسي تعريفه يرتبط بالسعي إلى تحقيق التغيير على المستوى السياسي، مما يؤدي به إلى الاصطدام مع النظام الحاكم أيا كانت تسميته. ويطلق هذا اللقب على كل من يشارك في نشاط ما من أجل إحداث هذا التغيير السياسي، كتنظيم المظاهرات والوقفات الاحتجاجية أو توزيع المنشورات وإقامة الندوات لنشر وجهة نظرهم للرأي العام وإبداء اعتراضهم بشكل صريح، فتكون النتيجة الملاحقة الأمنية ضدهم. ويخلص أستاذ علم الاجتماع السياسي إلى أن «الناشط عموما كان موجودا عبر السنوات والقرون، ويرتبط ارتباطا جوهريا بتقدم المجتمعات وتطورها وتغيرها من حال إلى حال، والنشطاء يتنوعون في مذاهبهم وفي قضاياهم ولكن يكفيهم شرفا أنهم يؤمنون بقضية معينة ويتبنونها ويدافعون عنها».