تصاعد الاشتباكات بين منشقين والجيش وسقوط عشرات القتلى.. ووصول 19 جثة مجهولة إلى مستشفى بحمص

اعتقال 30 طالبا من الجامعة الأوروبية شاركوا في اعتصام ضد النظام.. ومظاهرة في قلب حي راق بدمشق تطالب بإسقاط الأسد

حرق بيت الناشط فخر فيزو في الهبيط إدلب، بحسب أحد مواقع المعارضة السورية
TT

مع تنامي الضغوط الخارجية على النظام السوري، تتجه الأحداث في سوريا على الأرض نحو مزيد من التصعيد، على عكس ما يرى من أن على النظام عدم تضييع الوقت للوصول إلى حل دبلوماسي للأزمة، إلا أن عدد الضحايا الذين سقطوا أمس وأول من أمس بلغ حدا قياسيا، حيث قال ناشطون إن سبعين شخصا قتلوا أول من أمس في أكثر من منطقة غالبيتهم في محافظتي درعا وحمص، وأمس سقط ما لا يقل عن عشرين قتيلا بينهم 27 مدنيا و34 عسكريا إضافة إلى 12 من الجنود المنشقين.

كما قالت مصادر إعلامية إن المستشفى الوطني في محافظة حمص استقبل أمس 19 جثة مجهولة الهوية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي عبر عن خشيته من أن تكون هذا الجثث لمواطنين اختطفتهم مجموعات من الشبيحة خلال اليومين الماضيين.

وبحسب مصادر محلية، فإن اشتباكات حصلت في مناطق عدة بين الجيش وجنود منشقين عنه. وواصلت قوات الأمن والجيش السوري القصف والدهم والاعتقالات في عدد من المدن رغم ارتفاع معدل الضحايا. وقالت مصادر في حمص إن مدينة الرستن بمحافظة حمص شهدت مساء أول من أمس اشتباكات بين الجيش ومنشقين عنه.

وفي حمص، قال ناشطون إن شخصين قتلا وجرح نحو ثلاثين آخرين جراء قيام قوات الأمن السورية بقصف حي بابا عمرو بمحافظة حمص بنحو خمسين قذيفة على الأقل، وإن أعمدة الدخان تصاعدت في الهواء واشتعلت النيران في عدد من الشقق جراء القصف العنيف، ما أسفر عن مقتل شخصين وجرح نحو 30 آخرين. وقالت مصادر محلية إن قناصة تمركزوا أمس على الأبنية العالية في منطقة سكن الشباب المطلة على بابا عمرو وإنهم راحوا يطلقون النار على أي شيء يتحرك ما أسفر عن إصابة أربعة أشخاص. وفي حي الخالدية، انشقت مصفحة عند حاجز شارع القاهرة وحصلت اشتباكات ومن ثم ملاحقات وإطلاق نار بشكل عشوائي. كما جرى إطلاق نار على تشييع قتلى سقطوا أول من أمس في الخالدية، وكذلك جرى إطلاق نار في حي باب السباع وحي المريجة، وفي حي دير بعلبه وحي البياضة، وفي الأخير فتح الجنود عند الحواجز النار، ما أسفر عن إصابات لم يعرف عددها، وفي حي كرم الزيتون أسفر إطلاق النار من قبل سيارة شبيحة عن إصابة ثلاث أشخاص قرب جامع الأنصار صباح أمس.

كما أعلن ناشطون عن اعتقال الشيخ محمد نورس السميّع من محافظة إدلب، الذي كان مشرفا على قافلة المساعدات الإنسانية التي جاءت إلى حمص أمس من إدلب. وقالت مصادر في حمص إن عملية تمركز جديدة تظهر عند الحواجز العسكرية، داخل المدينة. وشوهد أمس الجنود عند حاجز القلعة في حي باب السباع وهم يحضرون غرف مسبقة الصنع مع وضع براميل ملئت بالتراب، لتبدو الحواجز أقرب إلى نقاط حدودية، منها إلى حواجز تفتيش على مداخل الأحياء.

بالإضافة إلى ذلك، شوهد رتل من الدبابات يقدر بنحو 30 دبابة تتحرك باتجاه حمص تجمعت عند دوار تدم، وكل دبابة تحمل ثمانية عناصر يرتدون الزي العسكري لكنهم عاصبون رؤوسهم بربطات ملونة. وهي المرة الأولى التي يشاهد فيها مثل هذه الربطات على الرؤوس، وفي معلومات غير مؤكدة يتداول البعض أنباء عن دخول عدد من ميلشيات الصدر العراقية، منذ يومين إلى سوريا عن طريق الحدود السورية - العراقية.

وفي درعا، قال ناشطون إن مجزرة وقعت مساء أول من أمس في عملية عسكرية تقوم بها قوات الأمن والجيش وحملة اعتقالات مترافقة بقصف مدفعي في قرى وبلدات حوران على خلفية حدوث انشقاقات في عدد من التشكيلات العسكرية. كما أفاد الناشطون بأن كتيبة أحمد الخلف التابعة للجيش السوري الحر، دمرت مدرعة تابعة للجيش السوري في خربة غزالة بحوران. وتم بث فيديو على موقع «يوتيوب» تظهر فيه آلية عسكرية وهي تحترق قالوا إنها دمرت في قرية خربة غزالة التي تم اقتحامها أمس بالدبابات والجرافات. وفي بلدة الحارة تم نشر كثيف لقوات الجيش والأمن بعد انشقاق حدث هناك، وتمت حملة مداهمات للمنازل واعتقالات واسعة أمس.

وفي مدينة درعا، قامت قوات الجيش بنصب رشاش «500» وقناص على كل متراس في محيط الجامع العمري. وفي إدلب، قال ناشطون حقوقيون إن ثلاثة انفجارات هزت بلدة كفرومة بمحافظة إدلب استهدفت آليات عسكرية للجيش النظامي السوري، مضيفة أن اشتباكات تدور بين الجيش السوري ومنشقين، وأن هناك أنباء عن مقتل وإصابة نحو 14 جنديا نظاميا. كما قالت مصادر في التنسيقيات إن انشقاقا كبيرا حدث في صفوف قوات الجيش السوري في قرية معرة شمشة التابعة لمعرة النعمان في محافظة إدلب، وحدث اشتباك عنيف مع كتائب الأمن. وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من القرية وسط أصوات القذائف والرصاص كثيفة.

وفي ريف دمشق، قامت القوات السورية بإغلاق جميع طرق منطقة الزبداني وجرى منع الدخول والخروج من المدينة نهائيا وتمت إعادة التلاميذ والطلاب لبيوتهم مع انتشار للشبيحة والفرقة الرابعة بكل طرقات المدينة إضافة إلى مدينتي بقين ومضايا. وقال ناشطون إن مصفحات تحمل قاذفات تم نشرها هناك، كما لوحظ انتشار كثيف للسيارات والجنود بكل مكان بالمنطقة، ونشر قناصون على الأسطح، كما نفذت مداهمات للبيوت بشكل عشوائي، وجرى إطلاق نار كثيف عشوائي لترهيب الأهالي.

وفي مدينة حرستا بريف دمشق، شنت قوات الأمن حملة اعتقالات شرسة منذ ساعات الصباح الأولى أمس، حيث قامت قوات الأمن بتكسير أبواب المنازل التي تمت مداهمتها وجرت عمليات تخريب للأثاث ونهب للنقود والذهب، كما تمت مداهمة منشآت صناعية وتم تخريبها مع حملة اعتقالات عشوائية. وشملت الحملة الأمنية بلدات سقبا وزملكا وحمورية وعربين وجرى نصب رشاشات في الساحات الرئيسية.

وفي بلدة داريا بريف دمشق، أعلن عن مقتل الناشط أسامة شيخ يوسف، طالب في كلية الطب البيطري، الذي قضى بعد يومين من اعتقاله من قبل فرع المخابرات الجوية، وسبق أن قتل في هذا الفرع ثلاثة من الناشطين في داريا تحت التعذيب؛ وهم: غياث مطر، وطالب السمرة، وزاهر المبيض.

وفي مدينة المعضمية، انطلقت مظاهرة من مدرسة الأوائل للبنات أثناء انصرافهن من المدرسة في ساحة الحافلات الخاصة بالمدرسة.

وفي مدينة حلب، قامت قوات الأمن بقمع مظاهرة طلابية انطلقت قرب المدينة الجامعية ردا على مسيرة التأييد في كلية الطب، واعتدوا على الطلاب بالضرب بالعصي والسكاكين. وفي مدينة دير الزور، خرجت مظاهرات من العديد من المدارس وقامت قوات الأمن بتفريقها.

وخرجت مظاهرة مساء أمس في قلب العاصمة دمشق قرب نادي الشرق في أبو رمانة، أحد أرقى وأعرق أحياء دمشق، نادت بإسقاط النظام وإعدام الرئيس وطالبت بالحماية الدولية، وتعرضت لهجوم بعض الشبيحة باللباس المدني الذين قاموا بضرب مجموعة من النساء الموجودات في المنطقة. والحي منطقة سوق تجارية وتجمع مطاعم ومقاه غالبيتها مملوك لأبناء المسؤولين. كما أن المنطقة فيها سفارات ومراكز ثقافية غربية ومكاتب شركات أجنبية.

وللمرة الثانية، اعتصم العشرات من طلاب الجامعة الأوروبية ومقرها في ريف دمشق، على طريق دمشق - درعا، وقبل أن ينطلقوا بمظاهرة تطالب الرئيس بشار الأسد بالرحيل وإسقاط النظام، سرعان ما حضرت قوات الأمن والشبيحة إلى الجامعة وقاموا بمحاصرة الطلاب وتعرض بعضهم للضرب الشديد كما تم اعتقال أكثر من ثلاثين طالبا، مع تخريب للقاعات الدراسية وتوجيه إهانات للهيئة التدريسية.

وقال أحد الطلاب المشاركين في المظاهرة: «بعد أن قمنا بالتظاهر لمدة ساعتين في مواجهة مسيرة تأييد لطلاب يحمونهم شبيحة، هجم الأمن والشبيحة على الطلاب المناهضين للنظام بالسكاكين والعصي، كما قام الشبيحة بطرد الشرطة لدى وصولها لأنهم امتنعوا عن معاملة الطلاب بقسوة». وأضاف: «وانهال الشبيحة على الطلاب والطالبات بالضرب مع استخدام الغازات المسيلة للدموع كما قاموا بإجبار الطلاب على الانبطاح أرضا، وراحوا يركلونهم ويدوسون على ظهورهم لإجبارهم على الهتاف للرئيس بشار، وهناك من أغمي عليه من شدة الضرب».

وأشار الطالب إلى أن عناصر الأمن والشبيحة «راحوا بعدها يمنعون الباصات من مغادرة حرم الجامعة، بحثا عن الطلاب. وتم احتجاز جميع الطلاب وتفتيشهم بدقة بحثا عن صور أو مقاطع فيديو، وسط ركل وإهانات وكلمات بذيئة وجهت للطلبة والطالبات قبل أن يعتقلوا نحو ثلاثين طالبا. أما الطلاب من أبناء درعا، فكانت لهم معاملة خاصة، فإضافة إلى احتجاز بطاقات الهوية الخاصة بهم، تعرضوا لضرب مبرح».

وقال ناشطون إن اقتحام الجامعة الأوروبية أمس من قبل قوات الأمن والشبيحة «أسفر عن تكسير أثاث وبعض زجاج مبنى كلية الصيدلة وهجوم على الطلاب والموظفين بالعصي وعصي الكهرباء وبخاخات مسيلة الدموع.. وتوجيه الشتائم البذيئة للبنات. كما تعرض العديد من مسؤولي الجامعة للتهديد والكلام الجارح من عناصر الأمن. وتم تهديد رئيس الجامعة الدكتور عبد الغني ماء البارد بإحراقه، مع إطلاق الرصاص في القسم العلوي من الجامعة واعتقال ما يقارب 30 طالبا».

وفي حين كانت الأحداث تحتدم في الجامعة الأوروبية، سارع طلاب من الجامعة العربية الخاصة التي تقع على مقربة من الجامعة الأولى، إلى التضامن معهم، مما دفع قوات الأمن والشبيحة إلى اقتحامها أيضا. وتعد هذه الأحداث هي الثانية من نوعها في الجامعتين؛ إذ سبق أن شهدت مظاهرات قمعت بشدة مع اعتقالات قبل نحو عشرة أيام تم على أثرها تعليق الدوام في الجامعة إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى، لتعود وتتجدد في الأيام الأولى من بدء الدوام الذي تم تعليقه مرة ثانية.