معلومات عن موقف لبناني جديد في اجتماعات الرباط بعد اتساع «خيبة الأمل الغربية» من التصويت في القاهرة

فتفت لـ«الشرق الأوسط»: نترقب وعود ميقاتي ومدى التزام منصور بتوجيهاته

TT

تفاعلت «خيبة الأمل» الغربية من موقف لبنان لدى التصويت على مقررات الجامعة العربية حول سوريا، فيما ترددت معلومات في بيروت عن «تغيير في الموقف» سيتم التعبير عنه في اجتماع الرباط اليوم، وهو ما لم تؤكده مصادر رسمية لبنانية. وأوضحت مصادر في وزارة الخارجية اللبنانية لـ«الشرق الأوسط» ردا على هذه المعلومات أن موقف لبنان في اجتماع الرباط غير واضح مسبقا وهو مرتبط بما سيطرح في المداولات وما من تصور مسبق لما ستؤول إليه المسألة لجهة التحول في الموقف المعلن يوم السبت الماضي في القاهرة. لكنها قالت إن الإطار العام لن يتخطى ما سبق وأعلنه رئيس الجمهورية ميشال سليمان عن رفض لبنان لعزل أي بلد، مشددة على أنه من الصعب أن يتخذ لبنان موقفا معاكسا أو مناقضا لما أعلنه في مصر، فيما أكدت مصادر في رئاسة الحكومة أن القرار سيتخذ في مجلس الوزراء.

فقد كشف النائب في تيار «المستقبل» أحمد فتفت عن أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أعطى توجيهاته إلى وزير الخارجية عدنان منصور لكي يأتي موقف لبنان في اجتماع وزراء الخارجية العرب في الرباط، متمايزا عن موقفه في اجتماع القاهرة. وأكد النائب فتفت لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس الحكومة الذي أطلق تحركا في الأيام الماضية لاحتواء تداعيات الرفض اللبناني لقرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا، يعمل لإدخال تعديلات على هذا الموقف مما يفسح المجال أمام عدم إدخال لبنان في مواجهة مع الدول العربية. كما أكد أن قوى المعارضة تترقب الموقف المرتقب في الرباط لجهة ما إذا كان رئيس الحكومة سينجح في توجهه هذا، أو إذا كانت الحكومة لا تزال مصرة على قرار المواجهة المتخذ في اجتماع القاهرة.

واستدرك النائب فتفت أن المجتمع الدولي يدرك أن جزءا كبيرا من الشعب اللبناني يعارض قرار الحكومة بالتضامن مع النظام السوري، وهذا الأمر أدى إلى توازن في الموقف، وخفف من التداعيات السلبية لرفض لبنان القرار العربي. وتخوف من أن يكون لبنان قد ربط مصيره بمصير النظام السوري وأن يطاوله العزل العربي، معتبرا أنه كان من الواجب أن ينأى لبنان بنفسه عن النظام السوري، وأن يمتنع عن التصويت في اجتماع القاهرة، إذا كانت هناك خصوصية معينة سياسية أو أمنية تحول دون موافقته على تعليق عضوية سوريا.

وإزاء ما تردد عن تفهم عربي لهذه الخصوصية، قال النائب فتفت إن الارتباط الوثيق بالأزمة السورية يدل على ارتباطها بدمشق، خصوصا أن القرار الأخير لم يتخذ داخل مجلس الوزراء، ولم يناقشه أي من الوزراء، بل صدر عن جهات معروفة تسيطر على الحكومة ولم تحسب أي حساب للأثمان التي قد يدفعها لبنان بعد هذه الخطوة المتهورة.

وحظي الموقف الذي أدلت به مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس، والتي عبرت عن خيبة أملها من موقف لبنان في جامعة الدول العربية، وحذرته من خطر العزلة الدولية، بمتابعة واهتمام الأوساط السياسية اللبنانية، لا سيما لدى فريق المعارضة المتمثل بفريق «14 آذار» المتوجس من تداعيات موقف الحكومة من القرار العربي حول الأزمة في سوريا. وكان لافتا ما أعلنه السفير البريطاني في لبنان طوم فلتشر من السرايا الحكومي إثر زيارته رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن «المملكة المتحدة ترحب بالإجراءات القوية المتخذة من قبل جامعة الدول العربية لجهة تجميد عضوية سوريا، وتأمل أن تؤدي إلى الحرية والاستقرار واحترام حقوق الإنسان كما يطلبه الشعب السوري بنفسه». وقال «لقد عبرت للرئيس ميقاتي عن خيبة أملنا من موقف لبنان خلال اجتماع جامعة الدول العربية». ورأى أنه «في ظل المرحلة المجهولة المقبلة يجب علينا جميعا أن نعمل لأجل الاستقرار والتعايش في لبنان». وأضاف السفير البريطاني «لقد شرح الرئيس ميقاتي الضغوط الاستثنائية التي يواجهها لبنان في هذا الموضوع وعلى الرغم من ذلك، أعربت عن خيبة أملنا من الموقف اللبناني في الجامعة العربية».

وتعليقا على المواقف الدبلوماسية الغربية، أعلن عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر، أن «الموقف الذي اتخذه لبنان في اجتماع الجامعة العربية، ترك أثرا بالغ الخطورة على علاقات لبنان العربية والدولية». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومة بدأت تتلمس الآثار السلبية والخطيرة لما ذهبت إليه في اجتماع وزراء الخارجية العرب، ولذلك سارع الرئيس نجيب ميقاتي إلى الاجتماع بالسفراء العرب والأجانب وراح يبرر لهم ما حصل، ويحاول تخفيف وطأته وانعكاساته السلبية على لبنان، التي بدأت تظهر في تصريحات دبلوماسية غربية ومن بينها كلام السفير البريطاني لدى لبنان». وقال الجسر «إن موقف لبنان لم يغير أي شيء في قرار الجامعة العربية، ولو كان موقفه مشابها لموقف العراق لكان أقل وطأة، بحيث لا يبدو عدائيا تجاه النظام السوري، ولم يظهر بهذه العدائية تجاه الشعب السوري»، معتبرا أن «موقف وزير الخارجية (اللبناني) في الجامعة العربية، يتنكر لتاريخ لبنان وتراثه كواحة للحرية والديمقراطية ويقف ضد الإرادة العربية والدولية».

أما النائب علي خريس عضو كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، فرأى أن «المواقف الدبلوماسية ما هي إلا تكرار للتهديدات الغربية التي تعود عليها لبنان». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «لبنان منذ عام 1948 وحتى اليوم يدفع ثمن مواقفه ومطالبته بحقه وأرضه، وما اتخذه لبنان في الجامعة العربية هو موقف الحكومة اللبنانية وليس موقف وزير الخارجية، وقد أظهر لبنان أنه منسجم مع نفسه، لأن القضية ليست قضية حرية وديمقراطية». وقال «إن الجامعة العربية لم تعط لمبادرتها أي وقت لتنفيذها، لكنها خضعت للإملاءات الخارجية فكان قرارها متسرعا». وذكر بأن «المجتمع الدولي لم يقف يوما مع الشعوب المضطهدة في هذه المنطقة إنما يدعم العدو الإسرائيلي فقط، وهذه التحذيرات الدبلوماسية تأتي في نفس السياق».