الحكومة المصرية تجري تعديلات على وثيقة مبادئ الدستور لإرضاء القوى السياسية

أهمها تقليص صلاحيات المجلس العسكري.. وجعلها «استرشادية» غير ملزمة

TT

في ما يعد انفراجة نسبية لأزمة وثيقة المبادئ الدستورية، عقد الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء المصري، أمس لقاء مع الأحزاب الرافضة للوثيقة، التي هددت باتخاذ إجراءات تصعيدية ما لم تتم الاستجابة لمطالبها. واتفق الجانبان على مراجعة صياغة المواد المتعلقة بسلطات المؤسسة العسكرية ومعايير تشكيل لجنة المائة المكلفة بوضع الدستور الجديد بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، في استجابة مباشرة لمطالب القوى التي اعترضت على الوثيقة.

ويعقد مجلس الوزراء اجتماعا مهمّا اليوم (الأربعاء) لحسم الموقف من التعديلات الجديدة، وقد يصدر قرارا بشأنها؛ وفقا لمصادر داخل المجلس. وقال الدكتور مصطفى النجار، القيادي بحزب العدل لـ«الشرق الأوسط» بعد مشاركته في الاجتماع، إنه تم الاتفاق على إصدار الوثيقة بعد التعديلات بوصفها «ميثاق شرف»، وأن لا تكون ملزمة، كما أنها ستصدر في شكل بيان وليس إعلان دستوري، مشيرا إلى أن الموقف النهائي للأحزاب سيكون بعد بيان مجلس الوزراء.

وهدد عدد من الأحزاب والقوى السياسة المصرية، في مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، بالخروج في مظاهرة مليونية الجمعة المقبل في حال لم يتم تعديل وثيقة المبادئ الدستورية التي أعلن عنها السلمي. وأمهلت هذه القوى المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة المصرية حتى اليوم (الأربعاء)، لتعديل الوثيقة واعتبارها غير ملزمة للجنة كتابة الدستور الجديد، باعتبار أنها بوضعها الحالي تعد مصادرة لإرادة الشعب.

وقال رئيس لجنة المتابعة المكلفة من أحزاب التحالف الديمقراطي، الدكتور وحيد عبد المجيد، إن الاجتماع توصل لتقدم كبير بشأن الوثيقة، حيث تم إدخال تعديلات مرضية لكل القوى السياسية، موضحا أن التعديلات تناولت المادتين التاسعة والعاشرة المتعلقتين بسلطات المؤسسة العسكرية وميزانيتها، حيث تم الاتفاق على مبدأ عام ينص على أن «القوات المسلحة لها خصوصية في إدارة شؤونها، خاصة التي تتعلق بالأمن القومي المصري، ويجب أن تراعى تلك الخصوصية عند مناقشة ميزانية القوات المسلحة».

وفسر عبد المجيد تلك التعديلات بالقول إن «لجنة وضع الدستور ستترجم هذا المبدأ بتفاصيله عند كتابة الدستور، كما سيتم مراعاة مناقشة ميزانية الجيش داخل البرلمان بأن تناقش داخل لجنة الأمن القومي أو بأي صيغة أخرى».

وحول البند الخاص بمعايير تشكيل لجنة وضع الدستور، قال عبد المجيد: «تم الاتفاق على مبدأ عام أيضا يقضي بأن تكون الجمعية معبرة عن توافق وطني وليس الأغلبية البرلمانية، بحيث يتم تشكيلها من داخل البرلمان وخارجه لتضم ممثلين عن الهيئات القضائية وأساتذة الجامعات والنقابات واتحادات الطلبة».

وشدد عبد المجيد على أن الوثيقة ستكون استرشادية وليست إلزامية للجنة كتابة الدستور، وأن تصدر في سياق الوثائق السابقة التي صدرت منذ ثورة «25 يناير (كانون الثاني)»، وفى مقدمتها وثيقة الأزهر، وأن تمثل التزاما أدبيا للقوى والأحزاب الموقعة عليها. موضحا أنه سيتم خلال الساعات المقبلة عرض ما تم التوصل إليه مع الأحزاب والقوى السياسية وتقديمه للسلمي قبل اجتماع مجلس الوزراء، وإذا وافق المجلس عليها، فسيعلن أنه تم التوافق على الوثيقة، وسيدعى لمؤتمر وطني يحضره رؤساء الأحزاب والقوى السياسية للتوقيع عليها.

وتمسكت جماعة الإخوان المسلمين والسلفيون بتنظيم مظاهرة مليونية يوم الجمعة المقبل ضد الوثيقة وضد المجلس العسكري، وللمطالبة أيضا بوضع جدول زمني لتسليم السلطة وموعد للانتخابات الرئاسية. وقال المتحدث باسم حزب النور السلفي يسرى حماد إنهم «مصرون على التظاهر الجمعة المقبل لرفض الوصاية التي تحاول أن تفرضها الحكومة على الشعب بوثيقة المبادئ الدستورية، ولوضع جدول زمني لتسليم السلطة».

واعتبر رئيس اللجنة القانونية لحزب الحرية والعدالة (التابع لجماعة الإخوان المسلمين) الدكتور أحمد أبو بركة أنه «لم يتم إلغاء مليونية الجمعة. ستتم مناقشة التعديلات الأخيرة على الوثيقة».

وكانت اللجنة الوزارية المكلفة بالحوار بين الأحزاب والقوى السياسية حول الوثيقة الدستورية قد عقدت اجتماعا آخر أول من أمس، بحضور وزير السياحة منير فخري عبد النور ووزير الثقافة عماد أبو غازي. ولاقت المادتان التاسعة والعاشرة اعتراضات من غالبية القوى المشاركة، خاصة ائتلافات الثورة. ووعد عبد النور بإلغاء المادة الثالثة التي تنص على أنه «إذا لم تنته الجمعية التأسيسية من إعداد مشروع الدستور خلال الستة أشهر المنصوص عليها في الإعلان الدستوري لأي سبب من الأسباب، يكون للمجلس الأعلى للقوات المسلحة - بما له من سلطات رئيس الجمهورية - تشكيل جمعية تأسيسية جديدة، وفقا للمعايير المتوافق عليها لإعداد مشروع الدستور، خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها. ثم يعرض المشروع على الشعب لاستفتائه عليه خلال خمسة عشر يوما».