مصادر لـ«الشرق الأوسط»: أمام الأسد فرصة واحدة قبل تدويل الملف.. وهي القبول بدخول مبعوثين مراقبين

اجتماعات تحضيرية بين المعارضة والجامعة العربية عشية لقاء الرباط اليوم

TT

رفض مجلس التعاون الخليجي أمس دعوة سوريا لعقد قمة عربية طارئة، مما يجعل من المستبعد إلى حد بعيد أن توافق جامعة الدول العربية على عقد القمة. وكانت سوريا دعت أول أمس لعقد قمة طارئة في محاولة، على ما يبدو، لوقف قرار تجميد عضويتها بالجامعة العربية بسبب قمعها العنيف للمتظاهرين.

وأفادت «وكالة أنباء الشرق الأوسط»، أن نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية قال إنه أرسل الطلب السوري إلى أعضاء الجامعة الاثنين والعشرين وإنه لا بد من موافقة 15 دولة لعقد القمة.

ولكن عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي قال إن المجلس الذي يضم ست دول يواصل دعمه لجهود الجامعة العربية لوضع حد لإراقة الدماء في سوريا.

وفي حين شددت بسمة قضماني المتحدثة باسم المجلس الوطني السوري المعارض، على رضوخ النظام السوري لقرارات الجامعة، أو اللجوء للأمم المتحدة، قالت مصادر عربية مطلعة في العاصمة المصرية القاهرة لـ«الشرق الأوسط» أمس إن عدة دول من أعضاء الجامعة العربية بدأت في بحث تجميد أرصدة أفراد من نظام الحكم في سوريا، تنفيذا لقرار الجامعة العربية بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على نظام بشار الأسد بسبب استمراره في أعمال القمع ضد الشعب السوري طيلة نحو ثمانية أشهر.

وأضافت المصادر أنه أصبح أمام الأسد فرصة واحدة قبل نقل ملف سوريا إلى الأمم المتحدة، وأن هذه الفرصة هي قبول النظام في دمشق بدخول مبعوثين مراقبين من منظمات المجتمع المدني للقاء مع النشطاء والمعارضين في المدن السورية الملتهبة سواء كان أولئك النشطاء داخل السجون أو خارجها.

وعن حجم الأموال السورية في المصارف العربية، قالت المصادر إنه لا يوجد إحصاء محدد بها، لكنها ربما تبلغ عدة مليارات من الدولارات، إضافة إلى شركات ومكاتب وغيرها «مما يعتمد عليه النظام السوري في تعضيد حكمه وقمع شعبه».

وشهدت القاهرة التي يقع فيها مقر الجامعة العربية تحركات متسارعة بين أطراف سورية - عربية وسورية - سورية، واستقبل مسؤولون في الجامعة أطرافا من المعارضة السورية، للتنسيق حول ما سيتم اتخاذه في الاجتماع المقرر اليوم للجنة الوزارية العربية المعنية بالشأن السوري التي ستلتقي على هامش اجتماع عربي - تركي في المغرب، وأيضا لحث أطراف المعارضة السورية على سرعة تقديم رؤاها لعملية انتقال السلطة مستقبلا.

وتوقعت المصادر عدم تحقيق النظام السوري الاستجابة المطلوبة بشأن «تمكين المبعوثين المراقبين من لقاء الناشطين الداعين لإسقاط حكم بشار». وتستعد المعارضة لعقد مؤتمر كبير لها في القاهرة قريبا، وقالت بسمة قضماني عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري والمتحدثة باسم المجلس في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» الليلة الماضية إنه يجري التحضير لمؤتمر للمعارضة في القاهرة.. «نبحث حاليا تحديد حجم هذا المؤتمر والمدعوين له، ومن المقرر أن يحضره كل أطراف المعارضة التي تتفق على وضع آليات لانتقال سلمي للسلطة».

وأجرى معارضون سوريون مباحثات غير رسمية مع أعضاء في المعارضة السورية بالقاهرة مساء أول من أمس، وقالت قضماني: «إذا لم يتعاون النظام مع المبعوثون المراقبين، وهم من منظمات المجتمع المدني ممن كان لهم لقاء أخيرا مع الأمين العام للجامعة العربية، فعلى الجامعة أن تتوجه إلى المجتمع الدولي ومجلس الأمن، ونحن نأمل أن يظل الأمر في حدود الجامعة العربية». وزادت قائلة إن «أي تعاون من النظام السوري سيعطي الجامعة مجالا تخفف به من الضغط، لكن إذا لم يتعاون النظام، فأعتقد أن الجامعة جاهزة للتصعيد».

وفي ما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية والسياسية التي فرضتها الجامعة العربية، قالت قضماني: «لا شك أن هناك حسابات لأفراد من النظام السوري في بنوك بالدول العربية وودائع في هذه البنوك للنظام السوري، ويمكن أن تجمد، وبدأت بعض الدول بحث التجميد بالفعل».

وفي الرباط، قال الطيب الفاسي الفهري وزير الخارجية المغربي، إن الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب الذي يعقد اليوم بالرباط سيخصص لبحث التدابير التي ستتخذ لتنفيذ القرار الصادر عن الجامعة العربية والمتعلق بتعليق عضوية سوريا في الجامعة، وأضاف أنه من الصعب التنبؤ بالقرار الذي سيصدر، وأنه يرحب بأي وفد سوري لحضور الاجتماع. بيد أنه أشار إلى أن قرار جامعة الدول العربية واضح واتخذ بالأغلبية الساحقة. وتم الاتفاق على جميع بنوده سواء تلك المتعلقة بإمكانية سحب سفراء الدول العربية من سوريا، أو تجميد مشاركة الوفود السورية في جميع المؤسسات التابعة للجامعة العربية. وأضاف الفاسي الفهري خلال لقاء صحافي مشترك مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو، عقب اجتماع تحضيري للمنتدى الرابع للتعاون العربي - التركي الذي يعقد اليوم في الرباط، أنه سيتم اليوم الاستماع إلى نبيل العربي الأمين العام للجامعة لمعرفة الخطوات التي ستتخذ في تنفيذ قرار تعليق عضوية سوريا الذي من المقرر أن يشرع في تنفيذه اليوم.

وأوضح الفاسي الفهري، أن على الجامعة العربية أن تلعب دورا «استباقيا» أفضل، وأن تمنح صلاحيات لتناول الملفات بجدية ورؤية منسجمة حتى تكون بجانب الشعوب وتشجع انتقال السلطة، حتى لا يتكرر ما حدث في تونس وليبيا ومصر. وأضاف أنه لا يمكن الاستمرار في التعامل الأمني مع مطالب الشعوب.

من جانبه، قال أحمد داود أوغلو، وزير الخارجية التركي، إن تركيا تدعم قرار الجامعة العربية والتدابير التي ستتخذها، واعتبرها خطوة صحيحة، وأضاف: «نريد فرض عقوبات مؤثرة على النظام السوري دون أن تضر بالشعب»، مشيرا إلى أن بلاده ستتعاون بشكل كامل مع الجامعة العربية في جميع الخطوات التي ستقوم بها.

وأوضح أوغلو أن «سوريا بلد شقيق وصديق وأن سعادة المواطنين السوريين ورخاءهم مهم جدا لتركيا التي تجمعها بسوريا حدود طويلة وتربط بين الشعبين علاقة قرابة». وأضاف: «إذا عطست سوريا تصاب تركيا بالزكام، لذلك لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي تجاه ما يقع في هذا البلد، حيث النظام لا يريد أن يصغي لمطالب الشعب، ويخطو خطوات إيجابية».

وأشار أوغلو إلى أن الجامعة العربية منحت فرصة أخيرة للنظام السوري، إلا أنها لم تستغل؛ بل حدث قتل للمواطنين خلال شهر رمضان وفي عيد الفطر كذلك، وأضاف: «كنا نتمنى أن ينعم السوريون بعيد الأضحى، إلا أن النزف استمر في هذا العيد أيضا»، وقال إن الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب اليوم سيبحث سبل وقف هذا النزف.

وتعليقا على الاعتداء على سفارات عدد من الدول العربية في سوريا، قال أوغلو إنه من الواجب على الدولة المستضيفة حماية السفارات والقنصليات الأجنبية الموجودة على أراضيها مهما كان الأمر. وانتقد إحراق العلم التركي واعتبره عملا «خاطئا جدا». وقال إن اعتذار وليد المعلم، وزير الخارجية السوري عن الاعتداء على السفارات أمام الصحافيين غير كاف، والمطلوب، برأيه، أن يوجه الاعتذار إلى المراجع السياسية التركية.