أنا امرأة عمري 53 سنة. منذ فترة عثر لدي على أورام ليفية، إلا أنني تعرضت حديثا لنزف شديد أثناء الدورة الشهرية. وقد أظهر التصوير بالموجات فوق الصوتية وجود أورام ليفية وأورام في الأغشية المخاطية. وقد خيرتني الطبيبة بين ثلاثة اختيارات: التريث وإجراء فحوص بالموجات فوق الصوتية (وهي الفحوص التي كان الجهاز التناسلي لي يخضع لها سنويا منذ فترة)، أو استئصال الرحم نهائيا، أو الخضوع لطريقة جديدة تقضي، كما أتصور، بتجميد الأورام الليفية وأورام الأغشية المخاطية. بماذا تنصحينني؟
كما تعرفين، فإنك الآن قد وصلت بالتأكيد، تقريبا، إلى «طرف» سن اليأس من المحيض الذي يطلق عليه «مرحلة ما قبل سن اليأس» perimenopause، أي الفترة التي تمتد ما بين 4 إلى 8 سنوات قبل الوصول إلى سن اليأس والتوقف تماما عن المحيض. ويختلف شكل وصول كل امرأة إلى سن اليأس عن غيرها من النساء قليلا، إلا أن من الشائع جدا أن تكون الدورة الشهرية في هذه المرحلة غير منتظمة، وأن تتغير كمية الدم النازف عن السابق.
وقد يؤدي التبويض غير الاعتيادي - أي تحرير البويضات من المبيضين - إلى تغيرات هرمونية تتسبب في زيادة سمك بطانة الرحم أكثر من سمكها المعهود، ولذا، فإن نزف المحيض يكون شديدا عند انسلاخها، كما تطول فترته أكثر من السابق.
أورام ليفية ومخاطية إلا أن الأورام الليفية fibroids وكذلك أورام الأغشية المخاطية polyps في الرحم قد تتسبب أيضا في حدوث نزف شديد. والأورام الليفية هي شكل من أشكال نمو العضلات والأنسجة الليفية في جدران الرحم (انظر الشكل). وهي غالبا ما تنشأ لدى النساء بين سن 35 و50 سنة، ويمكن أن تحدث عند موعد المحيض نزفا شديدا وتكون مليئة بالخثرات الدموية، قبل وبعد فترة مرحلة «ما قبل سن اليأس».
أما أورام الأغشية المخاطية، فهي أشكال من النمو في أنسجة بطانة الرحم، وبهذا، فإنها تختلف عن أشكال النمو في أنسجة عضلات جدران الرحم.
ويمكن أن تكون الأورام الليفية والمخاطية أوراما سرطانية، إلا أن ذلك يحدث في حالات نادرة (احتمال 1 من كل 10 آلاف للأورام الليفية، و1 من كل 100 للمخاطية)، كما أن وجودها لدى المرأة لا يزيد من احتمال إصابتها بسرطان الرحم. وهي أورام حميدة، أي إنها، وبخلاف الأورام السرطانية، غير قادرة على نشر خلاياها إلى أنحاء أخرى من الجسم.
وقد يؤدي فقدان الدم بسبب شدة النزف أثناء المحيض إلى ظهور فقر الدم لدى النساء، ولذا ينبغي إجراء تحليل لقياس مستويات خلايا الدم الحمراء. وغالبا ما تؤخذ خزعة من بطانة الرحم رغم أن احتمالات إصابة البطانة بالسرطان ضئيلة. وهذه في العادة طريقة بسيطة يمكن تطبيقها في العيادة لاستخلاص قطعة صغيرة جدا من نسيج الرحم.
وفي ما عدا هاتين الخطوتين، فإن إجراء علاج حاسم لنزف الدم الشديد في مرحلة ما قبل سن اليأس يرتبط بمدى تداخله مع حياة المرأة.. فالنزف لا يعتبر خطيرا إلا إذا أدى إلى حالة فقر الدم، وهو، أي النزف، نادرا ما يعتبر مؤشرا على وجود مشكلة خفية.
خيارات العلاج ولهذا دعيني أتحدث عن الخيارات العلاجية الموجودة (وعددها كبير بحيث سأورد بعضا منها):
* التريث وعدم القيام بأية خطوة ومراقبة الحالة. بما أنك لست بعيدة عن سن اليأس، فإن أي نزف سيتوقف عند توقف الدورة الشهرية تماما. وستتقلص الأورام الليفية أيضا عند الوصول إلى تلك السن.
* تناول حبوب منع الحمل بجرعات صغيرة. إن كان نزف الدم مرتبطا بتغيرات هرمونية تسبب التبويض غير المنتظم، فإن هذه الحبوب ربما تكون مفيدة.
* تنظير الرحم التشخيصي، كما يمكن لك أيضا أن تتحدثي مع الطبيبة النسائية حول إجراء تنظير الرحم التشخيصي hysteroscopy، وهو طريقة للكشف عن داخل الرحم بواسطة أداة مصممة بتقنيات الألياف البصرية تدخل عبر عنق الرحم.
وتقدم طريقة تنظير الرحم التشخيصي مشهدا لداخل الرحم أوضح بكثير مما يقدمه التصوير بالموجات فوق الصوتية. كما يمكن بواسطتها أيضا قطع أورام الأغشية المخاطية في الرحم، وإزالتها. وعندئذ يمكنك الانتظار مع الطبيبة لرؤية ما إذا كانت إزالة الأورام قد أدت إلى التخلص من مشكلة النزف، أو أنها خففتها. كما يمكن بهذه الطريقة إزالة بعض الأورام الليفية التي تنبثق نحو الرحم.
* استئصال الرحم. لقد ذكرت في سؤالك احتمال إجراء عملية استئصال الرحم hysterectomy. وكانت هذه العملية هي الخيار الوحيد للنساء اللاتي توجد لديهن أورام ليفية تسبب لهن الآلام، والنزف الشديد، أو أعراض أخرى. إلا أن استئصال الرحم عملية كبرى وينظر إليها بوصفها الملاذ الأخير لمشكلة يمكن حلها بطرق أخرى.
وإحدى البدائل لهذه العملية طريقة تسمى «قطع التغذية الدموية للشريان الرحمي «uterine artery embolization»، التي تسد إمدادات الدم إلى الأورام. وتحقن هنا دقائق صغيرة في شرايين الرحم تتركز في ما بعد في الأوعية الدموية الأصغر التي تغذي الأورام. والجانب السيئ لها هو أن هذه الدقائق قد تسد أيضا الأوعية الدموية المغذية للمبيضين، الأمر الذي يؤدي إلى تسريع وصول المرأة إلى سن اليأس. كما أن هذه الطريقة غير مفيدة للتخلص من الأورام المخاطية.
تجميد الأورام
* التجميد الذي ذكرته في سؤالك، هو إحدى وسائل القطع التي تستخدم حاليا لعلاج الأورام الليفية والمخاطية. وعملية القطع هذه توقف النزف بعد إزالتها بطانة الرحم endometrium. وتنجح هذه الطريقة لأن بطانة الرحم الواقعة فوق الأورام الليفية هي التي تنزف، وليست الأورام نفسها.
ويمكن إجراء عملية القطع هذه بطرق مختلفة؛ بالتيار الكهربائي، بموجات الميكروويف، بقشط الأنسجة. ولم تتضح بعد أفضلية أية طريقة على الأخرى. وتقدم هذه الطريقة على أنها وسيلة لتحقيق النتائج نفسها التي تحققها عملية استئصال الرحم، من دون استئصاله.
ولكن، وبعد الخضوع لهذه الطريقة، يمكن أن تحدث ندوب سيئة، تزيد من صعوبة الكشف على الرحم. وإن حدث أن تبقى جزء من بطانة الرحم منحصرا داخل الندوب، فإن ذلك قد يقود إلى تجمع الدم في الرحم وإلى مضاعفات خطيرة أخرى. ورغم أن هذه الجوانب ليست شائعة، فإن دراسة تشير إلى أنها قد تحدث في مرات أكثر مما يعتقد.
وختاما، فإن من الطبيعي القول إن عليك مناقشة أي خيار للمشكلة مع الطبيبة، فالمهم هو فهم فحوى تلك الخيارات والتدقيق في أخطارها وفوائدها.
* طبيبة في «جمعية فانغارد الطبية» عضو اللجنة الاستشارية لـ«رسالة هارفارد - مراقبة صحة المرأة» يمكن أن تتسبب الأورام الليفية والمخاطية بالرحم في نزف دم شديد. وهناك ثلاثة أنواع من الأورام الليفية:
* الأورام الليفية تحت المخاطية submucosal fibroids التي تكون متماسة بشكل وثيق مع فجوة الرحم، هي أكثر الأورام تسببا في حدوث الدورة الشهرية الشديدة.
* الأورام الليفية داخل العضلة intramural fibroids التي تنمو في جدران الرحم، تسبب أيضا النزف.
* الأورام الليفية تحت المصلية subserosal fibroids التي تنمو على السطح الخارجي للرحم ولا تتسبب عادة في حدوث النزف.