اقتصاديون مصريون غير قلقين من تقدم «الإخوان» ويخشون «السلفيين»

طالبوهم بتوضيح رؤيتهم وحلولهم لمشاكل البلاد الاقتصادية خلال المرحلة المقبلة

سائح في أحد محلات الصرافة في وسط القاهرة امس (رويترز)
TT

أبدى اقتصاديون مصريون تفاؤلهم بأداء الانتخابات التشريعية، رغم أنها أفرزت في مرحلتها الأولى فوز الأحزاب الإسلامية، منها حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي، وأشاروا إلى أن تقدم «الإخوان» لا يقلقهم، بل هناك بعض الأمور تدعو خلال الفترة للتفاؤل إذا تقلدوا حكم البلاد.

ورغم أن مجلس الشعب القادم لن تكون له سلطة كبيرة على البلاد، بعد تصريحات المجلس العسكري الذي يحكم البلاد حاليا، بأن مجلس الشعب القادم لن يكون مخولا له تشكيل حكومة جديدة، وستكون إحدى وظائفه الأساسية هي تأسيس لجنة لإعداد الدستور الجديد للبلاد، إلا أن الإقبال الكبير من قبل الناخبين على الإسلاميين يعكس مدى وجودهم وتأثيرهم في الشارع المصري الذي مر خلال الأسبوع الماضي بأول انتخابات ديمقراطية، لم تشهد تجاوزات كبيرة بحسب مراقبين.

تقول بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية، إن مؤشرات المرحلة الأولى من الانتخابات تشير إلى شعبية كبيرة للأحزاب الإسلامية، خاصة حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، مشيرة إلى أن بقية الأحزاب التي تضم الصفوة المصرية أظهرت تلك الانتخابات بُعدها الكامل عن المصريين وانفصالها عنهم.

وترى بسنت أن الإخوان المسلمين لهم سمعة طيبة في الغرب، خاصة مع الولايات المتحدة الأميركية، فهذا يعني أنه لا توجد بوادر أو مؤشرات على حدوث صدامات مع الغرب خلال المرحلة المقبلة.

وأشارت بسنت إلى أنها تتخوف من الإسلاميين المتشددين، في إشارة منها إلى حزب النور السلفي الذي أحرز تفوقا كبيرا خلال المرحلة الأولى، وخاصة أن تلك الفئة من الشعب المصري ليست لديها خبرة في العمل السياسي والاقتصادي أو حتى الاجتماعي، فصعودها إلى سدة حكم البلاد، يعني أن البلاد ستكون في أيدي فئة ليست لديها خبرة أو رؤية، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى خريطة للنجاة.

وأضافت بسنت إلى أن حزب الحرية والعدالة يضم بين قياداته خبرات واسعة ستكون قادرة على تقديم تجربة جديدة، وتابعت: «الاقتصاد سيكون على رأس أولوية الحزب، وستتوجه الأحزاب الإسلامية إلى تطبيق الاقتصاد الإسلامي، وهذا في حد ذاته يدعو للتفاؤل، فهذا الاقتصاد يدعو إلى عدالة في التوزيع والقضاء على الفساد، وضمان حقوق وواجبات كافة الشعب، وهذا ما تحتاج إليه مصر خلال الفترة القادمة».

وتابعت بسنت أن الاقتصاد الإسلامي هو الاقتصاد الحقيقي الذي يعمل على تنمية المجتمع، كما أنه لا يشجع الاقتصاد الوهمي أو الذي يفيد فئة محدودة دون غيرها، مشيرة إلى أن في الولايات المتحدة الأميركية مؤسسات وبنوكا تعمل على غرار مبادئ الاقتصاد الإسلامي وتمول فقط المشاريع التي يكون لها مردود على الاقتصاد ككل.

وتتوقع بسنت، التي عملت في مؤسسات وبنوك أميركية على مدار ثلاثين عاما، أن تقدم مصر نموذجا اقتصاديا جديدا وجيدا خلال الفترة المقبلة، في وقت تمر به دول العالم الكبرى بأزمة اقتصادية كبرى بسبب سياسات اقتصادية خاطئة.

بينما يري إيهاب سعيد، رئيس قسم البحوث بشركة «أصول» لتداول الأوراق المالية، أن مجرد وجود مجلس شعب منتخب أيا كانت توجهاته سيكون أولى علامات الاستقرار السياسي الذي تحتاجه البلاد، وبالتبعية سينعكس ذلك على الاقتصاد ككل وبصفة خاصة على البورصة، مشيرا إلى أنه لا يتوقع أن تتضرر البورصة من وصول الإسلاميين في الحكم، أو على الأقل خلال المرحلة الحالية وحتى وضوح سياسات هذا المجلس وخططه المستقبلية للنهوض بالاقتصاد المصري.

وقال محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إن جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الجديد «الحرية والعدالة» يواجه تحديا كبيرا إذا هيمن على مقاليد الأمور، وهذا التحدي يتمثل في الاقتصاد المتردي بعد ثورة 25 يناير، ولكنه أشاد بخبرة «الإخوان» الاقتصادية الكبيرة.

وأضاف أن هناك الكثير من الأسئلة تدور في أذهان المصريين بعد تأسيس جماعة الإخوان لحزب «الحرية والعدالة»، خاصة بالنسبة للوضع الاقتصادي وما هي خطط «الإخوان» الاقتصادية للنهوض بالبلاد ووضعها على طريق النمو.

وأشار عادل إلى أن التحول الديمقراطي لمصر يعتمد بشكل كبير على ما إذا كانت الحكومة الجديدة يمكنها إنقاذ الوضع المالي للبلاد ووضعها على مسار للنمو، وإبداع طرق لإصلاح الاقتصاد، وهذا أمر ضروري لتحسين الحياة، على عكس العديد من التجمعات السياسية الأخرى المصرية.

وأضاف عادل أن جماعة الإخوان المسلمين لديها بعض الخبرة الاقتصادية وعلى غرار كل الأطراف المصرية الأخرى بعد الثورة، يريد حزب العدالة والحرية أن يضيق الفجوة بين اقتصاد السوق الحديث والقديم من خلال دعم اقتصاد السوق الحرة ولكن بخلفية إسلامية، ولكنه أبدى تخوفه من عدم وجود سياسة اقتصادية واضحة الخطوات ينتهجها «الإخوان»، رغم أن لديهم كوادر ذوي خبرات عالية في مجال الاقتصاد، لهذا فإن السؤال الذي يطرحه المستثمر الأجنبي وحتى المواطن العادي يتمحور حول خطط «الإخوان» الاقتصادية.

وأكد أن «عدم إبداء قيادة الإخوان الاهتمام الكافي بالاقتصاد يشكل قلقا لدى المستثمرين بقدر المواقف الآيديولوجية والدينية»، مضيفا أن «التفكير الإبداعي حول الإصلاحات الاقتصادية والقدرة على تطبيقها أمر ضروري لتحسين مستوى المعيشة».