المفوضية الأوروبية: 2012 اختبار حقيقي لقدرة أوروبا على دعم الربيع العربي

تتعهد بتوفير جميع الطاقات والالتزامات لإنجاح العملية الانتقالية في مصر وتونس

منظر عام لميدان التحرير عقب إعلان المجلس العسكري لسلسلة من الإجراءات التي تسعى لتهدئة الأوضاع في مصر (إ. ب.أ)
TT

قالت المفوضية الأوروبية إنها ستواصل جهودها لدعم أولئك الذين يقاتلون من أجل الحرية والديمقراطية والازدهار، خاصة جيران الاتحاد الأوروبي.

وقال المجلس الوزاري الأوروبي ببروكسل: إن ملف تطورات الأوضاع في منطقة جنوب المتوسط كان أحد الملفات الرئيسية في الاجتماعات الوزارية التي عُقدت ببروكسل خلال اليومين الأخيرين.

وفي الرسالة التي أبلغها رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيه مانويل باروسو، إلى رؤساء البعثات الدبلوماسية الأوروبية في الخارج ونشرتها المفوضية ببروكسل، قال باروسو: «سنساعدهم ونقدم لهم المساعدة على طريق تحقيق الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، وعليهم، من خلال اختياراتهم، أن يحددوا مستقبلهم». وأضاف باروسو: «إن العام المقبل سيكون (اختبارا حقيقيا) لقدرة أوروبا على دعم الربيع العربي بنجاح».

وأوضح باروسو: «أرغب في تأكيد أهمية حشد جميع طاقاتنا والتزاماتنا لدعم انتقال ناجح في ليبيا وتونس ومصر ودول أخرى». ورفض الاتهامات التي وُجهت إلى التكتل الأوروبي الموحد بالبطء في التحرك، وقال: «البعض يتهم أوروبا بأنها لا تتصرف بسرعة، لكنها انتقادات غير عادلة.. لقد كنا أول من تفاعل مع التغييرات التي تجري في شمال أفريقيا ومن خلال استراتيجية شاملة مثل الشراكة من أجل الديمقراطية والازدهار، ولا ينبغي لأحد أن ينكر دور مجتمعاتنا الحديثة والمنفتحة، التي كانت مصدر إلهام لهؤلاء الشباب والنساء للتمرد على الاستبدادية والديكتاتورية».

وبعد أن استنكر أحداث العنف الأخيرة في مصر وسقوط أعداد من القتلى والجرحى، طلب الاتحاد الأوروبي من السلطات المؤقتة في مصر البحث عن طرق سلمية من خلال حوار شامل وبنَّاء مع جميع القوى السياسية والمجتمع المدني، مع توفير الضمانات اللازمة لضمان الحريات الأساسية والديمقراطية وحقوق الإنسان. وجدد المجلس الأوروبي التزامه بدعم عملية الانتقال في مصر، وقال إن هناك دعما ماليا أوروبيا من أجل دعم قدرات الإدارة الانتخابية وخصصت للجنة العليا للانتخابات في مصر، وهي انتخابات تجرى على 3 مراحل وخصص لهذا الغرض مليون و200 ألف يورو، كما أشار المجلس إلى أن الاتحاد الأوروبي أعاد برمجة دعمه للتنمية الاقتصادية المستدامة والتنمية الاجتماعية في مصر، وخصص 132 مليون يورو لبرامج بدأ تنفيذها عام 2011، وهناك 95 مليون يورو ستخصص لبرامج أخرى عام 2012، خاصة ما يتعلق بدعم القطاع الزراعي والطاقة والتدريب المهني والمياه والتجارة. كما أكد المجلس الأوروبي الاستعداد للعمل مع الحكومة التونسية الجديدة، والالتزام باستكمال التفاوض لوضع خطة عمل جديدة مع تونس، بعد أن أعلن التكتل الموحد عن تقديم الدعم المالي لمساعدة تونس في مرحلة التغيير، وخصص مساعدات مالية للفترة من 2011 إلى 2013، وتعهد بتخصيص مبالغ أخرى لإنعاش الاقتصاد التونسي، كما سبق أن عُقدت أول مجموعة عمل مشتركة بين الجانبين في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، وكانت انطلاقة لبدء مفاوضات من أجل إقامة شراكة متميزة، تتناول الأوضاع السياسية ودعم عملية إرساء الديمقراطية، والاندماج التدريجي في السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي.

وقالت المفوضية الأوروبية ببروكسل إنها بصدد التوقيع على اتفاقيات لتعزيز الشراكة والتعاون في مجال تسهيل الهجرة الشرعية بالنسبة للعاملين والطلاب من عدة دول، منها: مصر وتونس والمغرب. وفي بيان صدر عن مقر المفوضية، جاء فيه أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يعزز علاقاته مع دول العالم الثالث لجني أفضل المنافع المتبادلة التي يمكن أن تتحقق من وراء الهجرة. وأشار البيان إلى أن ملف الهجرة من الأولويات القصوى لسياسات الاتحاد الأوروبي، خاصة عقب أحداث الربيع العربي في 2011 في جنوب المتوسط، وشددت المفوضية على ضرورة اعتماد سياسة شاملة ومتماسكة بشأن الهجرة، ولهذا السبب اقترحت المفوضية تعزيز الحوار والتعاون العملي مع الشركاء في مجال الهجرة والتنقل، وأيضا تعميق المقترحات التي وردت في 8 مارس (آذار) الماضي بشأن مبادرة الشراكة والازدهار مع جنوب المتوسط، ووصف البيان المبادرة أو الاستراتيجية الجديدة بأنها تتسق مع النهج العالمي الجديد للهجرة والتنقل، وتركز على استدامة الشراكة وانفتاحها في المستقبل فيما يتعلق بحرية حركة تنقل المواطنين من دول أخرى، ومنهم: السياح، والطلاب، ورجال الأعمال، وزيارة الأقارب، وقالت مفوضة الشؤون الداخلية الأوروبي، سيسليا مالمستروم، من خلال البيان: «إننا نحدد إطارا لاستراتيجية عمل واضحة بشأن الهجرة والتنمية وتعتمد على تعزيز الحوار والتعاون مع الدول الشريكة التي ستشرف على الهجرة من أراضيها». وحدد البيان الأولوية لمصر والمغرب فيما يتعلق بالشراكة في التنقل مع الدول الجارة التي تعتمد على تسهيل وتحسين تنظيم الهجرة الشرعية والتدابير الفعالة لمواجهة الهجرة غير الشرعية وتقديم خطوات ملموسة لتعزيز فوائد الهجرة في مجال التنمية وإبرام اتفاقات في مجال إعادة القبول وتخفيف نظام التأشيرات.

وأوضحت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية، سيسليا مالمستروم، أن «إصلاح الاستراتيجية الأوروبية المتعلقة بالهجرة الشرعية يقضي بالضرورة بتعزيز التعاون مع دول شمال أفريقيا على وجه الخصوص». ونفت مالمستروم إمكانية فرض دوريات بحرية بالمياه الفاصلة بين الدول الثلاث لمنع رحلات الهجرة غير الشرعية. ولفتت إلى وجود احتياج كبير للعمالة الأجنبية بدول أوروبا على الرغم من تفاقم أزمة البطالة لديها، مؤكدة أن قطاع الصحة في أوروبا، على سبيل المثال، يحتاج إلى مليوني عامل خلال الأعوام المقبلة. ودعت المفوضة الأوروبية لتحفيز آليات التحكم في دخول المهاجرين إلى البلدان الأوروبية بدلا من «التنافس على اعتقالهم». وأشارت إلى قرب توقيع اتفاقيات تعاون وشراكة مع مصر والمغرب وتونس بشأن تسهيل هجرة أبنائها إلى أوروبا وتسهيل إجراءات الحصول على تأشيرات السفر ليس فقط للعاملين وإنما للطلاب أيضا. يذكر أن المفوضية الأوروبية خصصت 800 مليون يورو منذ عام 2005 في تطوير برامج الهجرة المقبلة من دول العالم الثالث.