مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يدين الانتهاكات «الجسيمة والمنهجية» في سوريا.. ويدعو لتدخل دولي

روسيا تحذر المجتمع الدولي من تدخل غير قانوني.. والمندوب السوري يصر على حل الأزمة السورية داخليا

طفل في سرمين بإدلب يحمل يافطة كتب عليها «لدينا رئيس للبيع من يرغب؟»
TT

أدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بقوة سوريا أمس، بسبب الانتهاكات «الجسيمة والمنهجية» التي ترتكبها القوات السورية وتشمل عمليات إعدام، وقال المجلس إنها ترقى إلى كونها جرائم ضد الإنسانية.

وتبنى المجلس المؤلف من 47 دولة قرارا طرحه الاتحاد الأوروبي بموافقة 37 دولة واعتراض 4 دول منهم الصين وروسيا وامتناع 6 دول عن التصويت. ودعا نص القرار «الهيئات الرئيسية» بالأمم المتحدة إلى النظر في تقرير للمنظمة الدولية توصل إلى أن جرائم ضد الإنسانية ارتكبت، ودعا هذه الهيئات إلى «اتخاذ إجراء مناسب».

دعت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي المجتمع الدولي للتدخل لحماية المدنيين السوريين من حملة القمع الوحشي التي تقوم بها السلطات السورية، لكن سفيري الصين وروسيا انتقدا الدعوة. وقالت بيلاي في كلمتها خلال الجلسة الطارئة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس، لمناقشة الوضع السوري «إن أعداد القتلى في سوريا تجاوز 4 آلاف شخص من بينهم 307 أطفال، وتم اعتقال ما لا يقل عن 14 ألف شخص، خلال 9 أشهر منذ اندلاع الانتفاضة ضد حكومة الرئيس بشار الأسد». وطالبت بيلاي بوقف كافة أعمال القتل والتعذيب وغيرها من أشكال العنف على الفور. وقالت «إن السلطات السورية مستمرة في أعمال القمع وإذا لم تتوقف الآن فإنها يمكن أن تدفع البلاد إلى حرب أهلية شاملة، وفي ضوء فشل السلطات السورية في حماية مواطنيها فإن المجتمع الدولي بحاجة إلى اتخاذ تدابير عاجلة وفعالة لحماية الشعب السوري». ودعت إلى إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وحذرت من الخطر الذي تشكله الهجمات المتزايدة من قبل المنشقين عن الجيش ضد قوات الأمن الموالية للحكومة.

ولم توضح بيلاي الإجراءات التي ينبغي أن تتخذها القوى العالمية لوقف الانتهاكات ضد حقوق الإنسان في سوريا. وكان زعماء غربيون قد تجنبوا في الماضي الإشارة إلى التحرك العسكري على غرار حملة حلف شمال الأطلسي في ليبيا والتي ساعدت في الإطاحة بمعمر القذافي.

وبعد كلمة بيلاي تحدث مبعوثا روسيا والصين اللتين تطوران مشروعات نفطية في سوريا وحذرا من التدخل الأجنبي في سوريا باسم حقوق الإنسان. وعرقلت الحكومتان محاولات دولية لإدانة حكومة الرئيس بشار الأسد مستخدمتين حقهما في نقض قرارات مجلس الأمن الدولي. وقال المبعوث الروسي فاليري لوشينين: «نود أن نحذر من التدخل غير القانوني من جانب قوات خارجية حتى بذريعة حماية حقوق الإنسان. سيكون لهذا عواقب خطيرة لا يمكن معرفة مداها». ودعا لوشينين جميع الأطراف في سوريا إلى وقف العنف.

وأضاف: «نسمع أن قوى خارجية تواصل إذكاء الصراع في سوريا وأنه يتم تنظيم جماعات مسلحة وإرهابية وتزويدها بالسلاح والمال من الخارج».

ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن مصدر عسكري لم تذكر اسمه قوله: إن روسيا سلمت صواريخ مضادة للسفن إلى سوريا بعد أيام من دعوة لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة إلى حظر للأسلحة على دمشق.

وقال مندوب الصين هي يافي إنه رغم شعور الصين بقلق بالغ فإن الرؤى بشأن كيفية حل الوضع شديدة التباعد. وقال: «ينبغي لأعضاء الأمم المتحدة اتباع مبادئ وأهداف الأمم المتحدة والامتناع عن حل الخلافات من خلال القوة أو التهديد بها».

وتأتي الجلسة بعد تقرير أصدرته لجنة مستقلة للتحقيق أجرت مقابلات مع 223 شخصا وشهودا ومنشقين جاء فيه أن قوات أمنية وعسكرية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية من بينها الاغتيالات والاغتصاب والتعذيب.

وقالت إيلين تشامبرلين دوناهو سفيرة الولايات المتحدة لحقوق الإنسان للصحافيين إن «هناك أدلة على تورط» السلطات السورية في تلك «الأعمال الوحشية» وإنه لا يوجد شك في أن العنف متعمد. وأضافت: «إنه منهجي ومتفش ومن المحتمل أنه يصل إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية».

وألقى فيصل خباز سفير سوريا في الأمم المتحدة بجنيف ورئيس وفد بلاده في الجلسة التي تستمر يوما، خطابا غاضبا حظي بدعم الصين وروسيا وكوبا. وقال في إشارة إلى إصلاحات ديمقراطية وعدت سوريا بتنفيذها مطلع العام المقبل أن المشكلة السورية لا يمكن أن يحلها إلا السوريون فقط لأنها مشكلة محلية ووطنية، وأضاف أن الحل لا يمكن أن يأتي عبر أروقة المجتمع الدولي فهي مجرد قرارات تصب الزيت فوق النار، وتدين مسودة قرار معدلة وضعها الاتحاد الأوروبي وجرى التوصل إليها بعد مفاوضات شاقة مع الصين وكوبا وروسيا «الانتهاكات الجسيمة والمستمرة وواسعة النطاق لحقوق الإنسان والحريات الأساسية».

وقال دبلوماسيون إن الهدف هو الاتفاق على رسالة قوية إلى دمشق مرفقة بالدعوة إلى وقف العنف.

وقال الحموي «لقد وقعت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في نفس الفخ الذي وقعت فيه دول أخرى واكتفت بتوجيه انتقادات وتجاهلت ما قدمته الحكومة السورية من حقائق وما أصدرته من تشريعات وقوانين إصلاحية لتحسين واقع الشعب السوري وضمان حياه كريمة لأفراده». وأكد الحموي أن الأزمة في سوريا لا بد من حلها داخليا، وقال: «المشكلة السورية لا يمكن حلها إلا من قبل مواطنين سوريين، فالحل لن يأتي من أروقة المجتمع الدولي لأن تلك القرارات ستسكب المزيد من الزيت على النار». وطالب السفير السوري مجلس حقوق الإنسان بالتزام العدالة والحياد والبعد عن المعايير المزدوجة حرصا على عدم فقدان مصداقيته.

وطالب الناشط السوري رضوان زيادة أثناء الإدلاء بشهادته في الجلسة بأن يتخذ مجلس حقوق الإنسان كل الإجراءات الضرورية لوقف نزيف الدم وحماية المدنيين من النظام السوري وقال «إن الألم يعتصر قلب كل سوري وهو يشاهد تساقط الشهداء يوميا ويراقب المجتمع الدولي سقوط الضحايا دون أن يتخذ الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين وإحالة مرتكبي هذه الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية، بينما تستمر الحكومة السورية في ترديد الأكاذيب عن ما يسمي عصابات مسلحة». وطالب الناشط السوري المجلس بوقف نزيف الدم المستمر وحماية المدنيين من نظام فقد كل شرعيته وتحول إلى عصابة تمتهن القتل.

وحذر زيادة من أزمة إنسانية وصفها بالكارثية في سوريا نتيجة نقص المواد الغذائية والطبية ومنع وصول وقود التدفئة مع استمرار وضع الحواجز الأمنية والعسكرية واعتقال المواطنين بشكل عشوائي. وأضاف: «إنها المرة الأولى في تاريخ المجلس أن يعقد 3 جلسات في أقل من 7 شهور لمناقشة الأوضاع في سوريا لكنه يعجز عن اتخاذ الإجراءات الضرورية لوقف المجازر اليومية وكأنه يرسل بذلك الرسالة الخاطئة إلى الشعب السوري بأن عليه أن يواجه بشكل أعزل آلة حربية تستخدم فيها كل الأسلحة الثقيلة من أجل القضاء على حلمه في بناء دولة تحترم كرامته وحقوقه».