الحريري ردا على نصر الله: ألف خطاب لن يلغي اعتراف الدولة اللبنانية بالمحكمة ومسارها

ميقاتي اعتبر أن لبنان «انتصر» بعد التمويل.. وأبو فاعور يصف قراره بـ«الشجاع»

سعد الحريري
TT

رد رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري أمس على الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مفندا ما جاء على لسانه من مواقف أول من أمس، في بيان مفصل وصفه مقربون من الحريري لـ«الشرق الأوسط» بـ«الناري». وتوجه الحريري في رده إلى نصر الله بالقول: «كيف تغطي قيادة حزب الله وأمينه العام ومجلس الشورى فيه تمويل محكمة يقولون إنها إسرائيلية؟ أوليس من المنطق أن يقال بعد ذلك إن تمويل محكمة، يرددون أنها إسرائيلية، هو خيانة وطنية تقتضي إحالة من يغطيها إلى القضاء اللبناني واتهام من يقبل بالبقاء في حكومة تمولها بأنه شاهد زور؟».

وقال الحريري، في البيان الصادر عن مكتبه الإعلامي أمس: «لقد أخطأت يا سيد (نصر الله) في إطلاق هذا التوصيف بعد أقل من 24 ساعة على صدور قرار التمويل عن حكومة أنت ترعاها، وأخطأت مرة أخرى في وضع القضية موضع مقايضة إدارية وغير إدارية»، مشددا على أن «الحقيقة تبقى أن المحكمة الدولية حصلت على التمويل، وألف خطاب من مثل هذا الخطاب لن يلغي اعتراف الدولة اللبنانية بالمحكمة ومسارها».

واعتبر الحريري أن «السيد حسن بدا منزعجا جدا من تيار المستقبل ومن الحملات السياسية لنواب تيار المستقبل التي حاول أن يضفي عليها لباسا طائفيا ومذهبيا، حاجبا حقيقة أنّها خلاصة لمواقف وطنية تعبّر عن رفض شريحة كبيرة من اللبنانيين لهيمنة سلطة السلاح». ورأى أن «تركيزه على ما يزعم أنّه مذهبية التحركات الشعبية والسياسية في كل من لبنان وسوريا، والربط بينهما في إطار مذهبي بحت، إنّما هو كلام مردود إلى صاحبه وبضاعة فاسدة لن تجد من يشتريها في الربيع العربي».

ولفت بيان المكتب الإعلامي إلى أن «خطاب نصر الله عبّر أيضا، وبمرارة غير مسبوقة وبحرقة غير مسبوقة، عن انزعاجه غير المحدود من الرئيس سعد الحريري». وشدد، في ما يتعلق بالمبادرة السعودية - السورية، على أن «الواقع الذي لا جدال فيه أن الحريري أراد المبادرة على قياس المصالحة الوطنية التي تنقل لبنان من مرحلة الاستئثار بالسلاح وفرض هيمنة السلاح على الحياة الوطنية إلى مرحلة قيام سلطة متوازنة، لا تكون فيها هيمنة لفريق على آخر، ولا أي شكل من أشكال استخدام السلاح في فرض الشروط السياسية».

ووصف الحريري اعتبار نصر الله أن «التمويل يجب أن يتحقق من أموال الهبات العربية وغير العربية وليس من جيوب اللبنانيين»، بأنه «مجرد كلام لا معنى له ولا قيمة قانونية أو دستورية له، لأن التمويل قد حصل وهو ساهم في حصوله». وأشار إلى أن «الانزعاج يندرج أيضا في سياق العتب على الرئيس نجيب ميقاتي وادعاء الصدمة والمفاجأة من خطوة التمويل وطريقته، للانتقال إلى مطالبة رئيس الحكومة بمقايضة تمويل المحكمة بدفتر شروط سياسي وإداري له وللتيار الوطني الحر، وهو دفتر شروط يضع البلاد من جديد في مناخ الاحتقان السياسي الذي يدعي صاحب الخطاب التبرؤ منه».

وكان موضوع تمويل المحكمة الدولية شكل أمس محور الاهتمام على الساحة اللبنانية، حيث صدرت العديد من المواقف أبرزها لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي رأى أن «لبنان انتصر بعد القرار الذي اتخذ بتمويل المحكمة»، مشددا على أن «طي صفحة تمويل المحكمة يشكل حلقة في عمل الحكومة الحافل في الاستحقاقات وهنا يكمن الإنجاز في حكومة اتخذت لها شعار «كلنا للوطن كلنا للعمل».

وأوضح ميقاتي، خلال كلمة ألقاها في افتتاح معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في مجمع البيال، أن «ما تحقق ليس إنجازا بل الإنجاز الحقيقي هو عندما نحقق كل ما يفكر فيه كل شاب وشابة وعندما نمضي جميعا للنهوض بوطننا»، مجددا دعوته «كل القيادات إلى التلاقي والحوار من جديد».

وفي إطار سلسلة الردود على نصر الله، انتقد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع اعتماد نصر الله «على اللامنطق ليُبرر موقفا سياسيا تكتيكيا لا يستأهل هذا الأسلوب»، متسائلا: «كيف لا علاقة لكم بتمويل المحكمة الدولية وأنتم تعلمون أن الرئيس ميقاتي، الذي أتيتم به، سيُقدم على هذه الخطوة؟ ألم يُنسقها الرئيس ميقاتي مع الرئيس نبيه بري مسبقا». ورأى أنه «لو كانت المحكمة كما تدّعون أميركية - إسرائيلية ومسيّسة ألم يكن من المفترض أن تستقيل أكثريتكم فيُصبح الرئيس ميقاتي مستقيلا وبالتالي لا يعود بإمكانه تمويلها، إلا إذا كان موقفكم من المحكمة تجاريًا ووفقا لمصالحكم؟ والجميع يعي أن الرئيس ميقاتي لم يتخذ هذه الخطوة إلا بعد موافقة مباشرة منكم».

من ناحيته، أمل وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور أن «يكون إقرار تمويل المحكمة الدولية فاتحة لصفحة علاقات جديدة بين اللبنانيين»، معتبرا أن «هذا القرار هو خطوة شجاعة من رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وخطوة شجاعة من الحكومة ومن كل القوى السياسية التي وافقت أو غضّت الطرف عن هذا الأمر، تحديدا الرئيس نبيه بري الذي كان له المساهمة الكبرى في الوصول إلى ما وصلنا إليه من إقرار للتمويل». وشدد على أنه «لم ينتصر أحد أو ينهزم أحد، بل انتصرت الحكمة اللبنانية والتفاهم الوطني وأبعدت الفتنة بين اللبنانيين، لأن تمويل المحكمة شئنا أم أبينا هو موضوع يطمئن هواجس شريحة غير قليلة من اللبنانيين ويشعر فئة غير قليلة من اللبنانيين بأن مطلبها في العدالة والحقيقة محترم من باقي الأطراف والقوى».