تضارب حول حقيقة اعتقال السنوسي.. ومصادر تتحدث عن الهروب الغامض لمدير مكتب القذافي إلى الخارج

مسؤول ليبي لـ «الشرق الأوسط»: ضقنا ذرعا بتصريحات عائشة.. ونطالب الجزائر مجددا بتسليمها

المقاتلون الليبيون يتظاهرون في ميدان الشهداء في طرابلس أول من أمس ضد الرئيس السوري بشار الأسد (رويترز)
TT

أصر عبد الله ناكر، رئيس مجلس ثوار العاصمة الليبية، طرابلس، على روايته لـ«الشرق الأوسط» بشأن اعتقال الثوار لعبد الله السنوسي، صهر العقيد الراحل معمر القذافي ورئيس جهاز المخابرات الليبية السابق، نافيا أن يكون السنوسي قد هرب إلى خارج ليبيا.

وكانت وكالة أنباء «شينخوا» الصينية قد نقلت، أمس، عن مسؤول ليبي، وصفته بأنه رفيع المستوى، أن السنوسي المطلوب لدى محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، شوهد أمس على الجانب الآخر في منطقة السلفادور على الحدود الليبية مع مالي والنيجر.

وفي ما لم يوضح المصدر كيفية تمكن السنوسي من الهروب خارج ليبيا، أشار إلى أنه ستتم ملاحقته حتى يتم تسليمه للعدالة.

لكن رئيس مجلس ثوار طرابلس قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إنه لا صحة إطلاقا لهروب السنوسي، وأكد أنه معتقل حاليا في قبضة الثوار الذين يتحفظون عليه في مكان آمن تمهيدا لنقله إلى مدينة الزنتان.

وقال عبد الله ناكر لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة الليبية: «بالتأكيد هو لن يهرب، إنه معتقل الآن، وقريبا ستظهر له صور تؤكد صحة معلومتنا، المسألة فقط مسألة وقت لا أكثر».

وأوضح ناكر أن السنوسي سيحاكم في ليبيا ولن يسلم إلى أي جهة خارجية على غرار الموقف الذي اتخذه الثوار والمجلس الوطني الانتقالي بشأن محاكمة سيف الإسلام القذافي على الأراضي الليبية على خلفية الاتهامات الموجهة إليهما بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين العزل والتورط في قتل الشعب الليبي.

وجرى الإعلان عن اعتقال السنوسي بعد يوم واحد من إلقاء القبض على نجل القذافي الفار منذ مقتل والده وشقيقه قبل نحو شهر، في منطقة أوباري، جنوب ليبيا.

من جهة أخرى أبلغ مسؤول في المجلس الانتقالي الليبي «الشرق الأوسط» أن المجلس بصدد تقديم مذكرة رسمية إلى الحكومة الجزائرية يطالب فيها مجدا بتسليم عائشة، ابنة القذافي، المقيمة في الجزائر منذ بضعة أسابيع برفقة والدتها وشقيقيها محمد وهانيبال القذافي، إلى المجلس على خلفية التصريحات الأخيرة التي دعت فيها الليبيين إلى الانتفاضة ضد المجلس الانتقالي الذي وصفته بأنه يضم عملاء حضروا إلى ليبيا على متن طائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وأكد المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، أنه لم يعد بمقدور المجلس تجاهل غضب الرأي العام الليبي تجاه ما صدر من تصريحات لابنة القذافي مؤخرا بمناسبة مرور 40 يوما على مقتله مع ابنه المعتصم في مدينة سرت على أيدي الثوار.

وأضاف: «على السلطات الجزائرية أن تنأى بنفسها عن موضع الشبهة وأن تبادر إلى تسليم عائشة»، لافتا إلى أنها انتهكت قواعد حق اللجوء السياسي الذي منحته لها الجزائر بشكل سافر ومستفز.

ولفت إلى أن إعلان الجزائر على لسان عمار بلاني، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الجزائرية، شجبها لتصريحات عائشة، لا يكفي لتهدئة الرأي العام الليبي، داعيا الجزائر إلى التجاوب مع مطالب المجلس بشأن تسليم أبناء القذافي لمحاكمتهم مع الالتزام بتوفير محاكمات عادلة ونزيهة لهم.

وكان بلاني قد أعاد التذكير بتصريحات وزير الخارجية الجزائري، مراد مدلسي، التي أكد فيها أن وجود أسرة القذافي في ضيافة الجزائر، مؤقت ولبعض الوقت، لافتا إلى أن بلاده «لن يفوتها استخلاص النتائج من هذا الخرق الجديد لواجب التحفظ المفروض على أفراد هذه العائلة في الجزائر».

وأضاف: «نحن نشجب هذه التصريحات غير المقبولة مثلما نشجب بشدة انتهاك السيدة عائشة القذافي للمرة الثانية قواعد الضيافة التي منحت لها لأسباب إنسانية في الجزائر».

وكانت عائشة القذافي قد وجهت مؤخرا رسالة إلى الليبيين عبر قناة «الرأي» الفضائية التي تبث من العاصمة السورية، دمشق، والمملوكة للمعارض العراقي مشعان الجبوري، تهاجم فيه المجلس الانتقالي وتحث الشعب الليبي على الثورة ضده.

إلى ذلك قالت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن بشير صالح، مدير مكتب العقيد القذافي وأحد أبرز معاونيه المقربين، قد تمكن بالفعل من الهرب إلى خارج ليبيا في ظروف وملابسات غير معلومة.

وكشفت المصادر النقاب عن أن صالح ربما قد يكون أبرم اتفاقا سريا مع أجهزة مخابرات غربية لمنحه حق اللجوء السياسي مقابل الإدلاء بمعلومات عن المكان الذي كان يختبئ فيه القذافي في مدينة سرت الساحلية قبل مقتله بعد قليل من اعتقاله، بالإضافة إلى معلومات أخرى حول الأموال الليبية المهربة إلى الخرج والحسابات السرية للأرصدة المالية التي كان نظام القذافي يحتفظ بها في الخارج.

واختفى بشير صالح عن الأنظار قبل انهيار نظام القذافي واجتياح الثوار لمعقله الحصين في باب العزيزية بطرابلس قبل نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، علما بأنه لم يظهر مطلقا في طرابلس منذ اندلاع الثورة الشعبية ضد القذاف في السابع عشر من شهر فبراير (شباط) الماضي.

وزار صالح قبل اختفائه عدة دول عربية، من بينها تونس والجزائر وموريتانيا، في مهمة وصفت بأنها غامضة، بينما يقول المعارضون للنظام السابق إن صالح كان مكلفا ببيع كميات كبيرة من الذهب لتمويل حملة القذافي العسكرية ضد معارضيه قبل مقتله وسقوطه. ويتهم مسؤولون ليبيون صالح بمحاولة إجراء اتصالات خارجية لتهريب عدة أطنان من سبائك الذهب وسيولة مالية كبيرة بالعملة الصعبة.

ولم يعلن المجلس الوطني الانتقالي الذي يتولى السلطة حاليا في ليبيا أي معلومات أو يكشف عن إشارات تحدد مصير صالح أو الجهة التي هرب إليها، بينما تقول مصادر ليبية غير رسمية إن مدير مكتب القذافي متهم بالمسؤولية عن ضياع ملايين الدولارات قبل هروبه.

وسبق أن أعلنت مصادر ليبية معلومات عن اعتقال صالح في مزرعة بطرابلس وهو متنكر في زي سوداني، بعد ساعات قليلة بعد انهيار نظام القذافي، وهو ما اتضح لاحقا عدم صحته.

وكان بشير صالح، المولود عام 1946 في واحة تراغن النائية جنوب ليبيا، يترأس في السابق شركات الاستثمارات الليبية في القارة الأفريقية.