الموت يغيب شمعون ليفي مدير المتحف اليهودي الوحيد في العالم العربي

كان من أبرز الشخصيات اليهودية المغربية

شمعون ليفي في المتحف اليهودي بالدار البيضاء
TT

غيب الموت في الرباط أمس شمعون ليفي، مدير المتحف اليهودي الوحيد في العالم العربي، بعد أن كان تعرض لنكسة صحية نقل على أثرها إلى المستشفى في العاصمة المغربية، وبقي في غرفة العناية المركزة إلى أن رحل. عاش ليفي (77 سنة) حياة سياسية حافلة، إذ التحق بصفوف الحركة الوطنية لمقاومة الاستعمار الفرنسي وسنه لم تتجاوز 20 سنة، واتخذ موقفا قويا ضد فرنسا ومع استقلال المغرب. وما زال رفاقه في خلية «فرحات حشاد» في محافظة آنفا بالدار البيضاء يتذكرون ذلك المناضل اليهودي الذي يدافع بحرارة عن القضية الفلسطينية وقضايا الطبقة العاملة المغربية. وخلال الثمانينات اهتم ليفي بالشأن المحلي في الدار البيضاء، وتم انتخابه في بلدية عين الذئاب ثم في بلدية سيدي بليوط.

ولد شمعون ليفي في فاس عام 1934 ودرس هناك ثم واصل دراسته العليا في فرنسا والمغرب، عمل أستاذا للتعليم العالي ومديرا للمتحف اليهودي الوحيد في العالم العربي الذي يوجد مقره بالدار البيضاء، وكان من القادة البارزين لحزب التقدم والاشتراكية والأمين العام للطائفة اليهودية بالدار البيضاء، وأحد المساهمين في تعزيز قيم التعايش بين أتباع الديانتين الإسلامية واليهودية، يتقن الحديث بعدة لغات منها العربية والعبرية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية والبرتغالية، شكل اهتمامه بالتاريخ اليهودي في المغرب دافعا أساسيا لإصداره كتابا بعنوان «محاولات في التاريخ والحضارة اليهودية المغربية». ورغم إمكانيته الحصول على الجنسية الفرنسية بموجب قانون كانت فرضته فرنسا على يهود المغرب العربي، فإنه رفض وعاش أزيد من 24 سنة من دون أوراق أو جنسية إلى أن صدر قانون الجنسية المغربية في أواخر عام 1958، واعتبرت فرنسا موقفه من الجنسية الفرنسية سببا كافيا لمنعه من الدخول إلى ترابها، وقال ليفي في هذا السياق «لا أريد الدخول في التفاصيل، وأكتفي بالقول إن الجنسية المغربية تكفيني».

عاش سنواته الأخيرة مبتعدا عن العمل السياسي المباشر بعد أن اختلف مع قيادة حزب التقدم والاشتراكية، وعلى الصعيد الأكاديمي عرف ليفي بكتاباته المقارنة في مجال اللغة، واهتمامه الخاص بالعامية اليهودية المغربية وبالتراث الفكري والثقافي اليهودي المكتوب بالعربية والإسبانية والبرتغالية في المغرب والأندلس. وله عدة أبحاث في مجال علم اللغة الذي يعتبر تخصصه الأساسي بالإضافة إلى مؤلفات وأبحاث في مجالات الثقافة والفن وعلم الاجتماع والتاريخ اليهودي المغربي والأندلسي. وفي عام 1998 أنشأ مؤسسة التراث اليهودي المغربي والمتحف اليهودي في الدار البيضاء. وتعمل المؤسسة في مجال المحافظة على التراث اليهودي المغربي وحمايته من النهب والترحيل إلى الخارج، خاصة إلى إسرائيل.