رئيس الوزراء العراقي: ما تحقق في العراق ما زال دون الطموح

المالكي جدد رفضه فرض عقوبات على أي دولة متجنبا الإشارة المباشرة إلى سوريا

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي
TT

بدا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حذرا هذه المرة في التعامل مع الأحداث السياسية التي تعصف بالمنطقة. فبعد يوم من دعوته المباشرة كل دول الجوار الجغرافي للعراق إلى بناء علاقات حسن جوار مع بلاده على أساس تكافؤ الفرص وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، أكد المالكي وقوف العراق إلى جانب ما يحصل في المنطقة من مطالب شعبية في الحياة والحرية، في إشارة ضمنية إلى سوريا.

وكان المالكي قد دعا أول من أمس، وذلك في سياق كلمته في ما سمي «يوم الوفاء»، بحضور نائب الرئيس الأميركي جو بايدن بمناسبة تسليم آخر «القصور الرئاسية» في مطار بغداد إلى الجانب العراقي، إلى إعادة النظر في علاقات العراق مع محيطه الخارجي وذلك بعد أقل من شهرين من انسحاب كامل القوات الأميركية من العراق. ولفت خطاب المالكي الذي شدد فيه على جاهزية القوات العراقية لتسلم الملف الأمني انتباه المراقبين السياسيين، لا سيما لجهة لهجته التي بدت تصالحية مع الجميع، وذلك بقوله «إننا نمد أيدينا إلى جميع الدول الشقيقة والصديقة وبالأخص دول الجوار وندعوها لإقامة أفضل العلاقات على أساس حسن الجوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل وحل المشاكل العالقة بالحوار والطرق السلمية». كما دعا المالكي جميع القوى في الداخل إلى «الوقوف لجانب القوات الأمنية في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها العراق»، مشددا «على ضرورة أن يحافظ الشعب العراقي على هذا الإنجاز الوطني بوحدة الصف ونبذ الخلافات من أجل سلامة الوطن ووحدة أراضيه وسلامته».

وفي السياق ذاته، فإنه جدد أمس الجمعة التأكيد على «الحاجة إلى إجراء عملية استقراء وتقييم للواقع بعيدا عن المؤثرات السياسية». وقال بيان صادر عن مكتب المالكي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه خلال لقائه عددا من المفكرين والأكاديميين المشاركين في المؤتمر الدولي الأول للمجموعة العراقية للبحوث والدراسات الاستراتيجية المنعقد في بغداد أمس «إننا بحاجة إلى عمل تقويمي دقيق لبيان مواطن الضعف والقوة لدينا»، مشيرا إلى أن «بلدان المنطقة عانت ومنذ أمد طويل من هيمنة السياسيين غير المثقفين الذين يحاولون السيطرة والهيمنة عبر الديانة والمعتقد أو عن طريق السلاح والعشيرة».

وأكد المالكي على «ضرورة أن تكون العلاقة ما بين السياسي والمثقف علاقة طيبة ومثمرة، لأن المفهوم السائد يقول إن السياسي يحقد على المثقف لفكره ومكانته، والمثقف يحقد على السياسي لمكانته والسلطة التي يتمتع بها، لذلك تولدت لدينا ثقافة العنف المتبادل». كما شدد على أهمية «الوقوف مع ما ينسجم مع مجتمعنا سواء في الفكر أو الثقافة، والبحث عن كل المشتركات، وهذا الأمر من مسؤولية المفكر والمثقف». ودعا المثقفين إلى «الانفتاح على ثقافات الشعوب الأخرى، شريطة ألا يكون الانفتاح بناء على ما تقتضيه مصلحة الدولة». وأقر المالكي بأن «ما تحقق في العراق لا يزال دون مستوى الطموح، والطريق أمامنا طويل لأن كل شيء في العراق تعرض للتدمير والخراب من جراء سياسات النظام السابق والقرارات الدولية التي فرضت على ذلك النظام سواء من خلال العقوبات الاقتصادية أو الحصار الذي أضر بالشعب العراقي ولم يلحق الأذى بالنظام»، مبينا أن العراق يرفض «أن تفرض عقوبات اقتصادية على أي دولة أخرى أيا كانت الأسباب، لأن هذا الأمر سيلحق الأذى بالشعوب لا بالأنظمة»، في إشارة إلى سوريا وقرار العراق التحفظ على العقوبات التي فرضتها جامعة الدول العربية على دمشق جراء عمليات القمع التي تستهدف المناوئين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وجدد وقوف العراق إلى «جانب ما يحصل في المنطقة من مطالب شعبية نحو التحرر والتغيير، وإننا نرى أن من حق الشعوب أن تحصل على حقوقها لكونها اضطهدت لفترات طويلة». وبينما تجنب المالكي الإشارة إلى ما يجري في سوريا بشكل مباشر على عكس المرات السابقة، فإنه دعا «المفكرين والمختصين بالشأن السياسي إلى استقراء الوضع السياسي في المنطقة لأن التحديات والنزاعات التي تحيط بها كثيرة، لذلك يجب معرفة مستقبل المنطقة لأننا نسعى إلى تحقيق مستوى كبير من التعاون مع جميع دول المنطقة والعالم». وكانت العديد من القوى والكتل السياسية قد انتقدت موقف المالكي وائتلاف دولة القانون الداعم بقوة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، في وقت كان فيه المالكي وقادة ائتلافه قد دأبوا خلال السنوات الماضية على اتهام سوريا بإيوائها قادة حزب البعث وعناصر الأجهزة القمعية للنظام السابق، فضلا عن اتهام دمشق الدائم بتصدير الإرهابيين والأحزمة الناسفة إلى العراق.