المعارضة اليمنية: تشكيل اللجنة العسكرية قبل تشكيل الحكومة

ستة قتلى في تعز والسلطة تطالب الأطراف الراعية للمبادرة الخليجية بلجنة تحقيق

محتجون يمنيون في مسيرة في العاصمة صنعاء أمس تندد بأعمال العنف في مدينة تعز (رويترز)
TT

قتل ستة يمنيين السبت في القصف والاشتباكات المستمرة في مدينة تعز جنوب صنعاء، بينما ربطت المعارضة بين ولادة حكومة الوفاق الوطني وتشكيل اللجنة العسكرية، التي تأخر تشكيلها بموجب اتفاق نقل السلطة. في حين فوض الحزب الحاكم الرئيس اليمني ونائبه في اختيار أعضاء حكومة الوفاق المزمع تشكيلها.

وقالت حورية مشهور، الناطق باسم المجلس الوطني في اليمن: «من المفترض أننا أعلنا أسماء أعضاء اللجنة العسكرية التي يفترض أن يرأسها نائب رئيس الجمهورية، لأنه وحسب الآلية المزمنة للمبادرة الخليجية يكون تشكيل اللجنة العسكرية بعد خمسة أيام من توقيع الاتفاقية، ثم يأتي تشكيل الحكومة بعد مضي أسبوعين من التوقيع على المبادرة»، وأضافت مشهور: « نحن في المعارضة رفعنا أسماء العسكريين السبعة الذين يمثلوننا في تركيبة اللجنة العسكرية، غير أن النائب لم يعلن عن تشكيل اللجنة إلى الآن»، وقالت مشهور: «عدم تشكيل اللجنة يدل على تلكؤ الطرف الآخر في تنفيذ ما اتفق عليه»، وقالت مشهور: «من مهام اللجنة العسكرية إعادة هيكلة القوات المسلحة وتوحيد قيادتها، غير أن مهام اللجنة حاليا ستكون في إعادة استتباب الوضع الأمني، وسحب المظاهر المسلحة من المدن، وإعادة الوحدات العسكرية إلى ثكناتها، حتى يتسنى التمهيد لتنفيذ الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية».

وفي السياق ذاته، فوض حزب المؤتمر الشعبي العام، كلا من الرئيس علي عبد الله صالح، ونائبه القائم بصلاحياته الرئاسية، عبد ربه منصور هادي، لاختيار مرشحيه لعضوية حكومة الوفاق الوطني، وفقا لما سمته بالمعايير المقرة من قبل اللجنة العامة للحزب الحاكم.

جاء هذا خلال ترؤس صالح ونائبه اجتماعا للجنة العامة للحزب الحاكم، صباح اليوم (السبت)، وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية إن الاجتماع وقف أمام تطورات الأوضاع بمدينة تعز.

واتهم قادة الحزب الحاكم خلال اجتماعهم حزب الإصلاح المعارض، واللواء علي محسن صالح، بالدفع بمجاميع إرهابية متطرفة من تنظيم القاعدة، من خارج مدينة تعز للقيام بأعمال إرهابية في المدينة، وقالت إن ما يحصل في تعز يعتبر اختبارا لمصداقية المعارضة في تنفيذ المبادرة الخليجية. ودعا قادة الحزب الحاكم للتشاور مع الأطراف الإقليمية والدولية الراعية للمبادرة الخليجية، وطالبها بإرسال لجنة لتقصي الحقائق، في تعز، واتهموا المعارضة بمحاولة إسقاط المبادرة. ودعا قادة الحزب الحاكم سفراء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وسفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي الراعية للاتفاق إلى التوجه إلى مدينة تعز للاطلاع على حقيقة الواقع ميدانيا.

وطالبت اللجنة العامة من وصفتهم بـ«الأخوة في أحزاب اللقاء المشترك غير المتورطين في أعمال العنف والجرائم والأضرار التي لحقت بمدينة تعز وسكانها لتحديد موقفهم مما يحدث في هذه المدينة». وأقرت اللجنة العامة دعوة اللجنة الدائمة للمؤتمر للانعقاد يوم الأربعاء المقبل 7 ديسمبر (كانون الأول) 2011 للوقوف أمام المستجدات الراهنة، ومن ثم لتسمية عبد ربه منصور هادي مرشحا عن المؤتمر الشعبي العام مرشح التوافق الوطني للانتخابات الرئاسية المبكرة. كما وقفت اللجنة العامة أمام المعايير والأسس العامة لاختيار مرشحي المؤتمر الشعبي العام وحلفائه في حكومة الوفاق الوطني.

وفي الشأن الأمني قالت وكالة الأنباء اليمنية إن «لجنة التهدئة» في تعز اجتمعت برئاسة المحافظ، حمود خالد الصوفي، وبحضور ممثلي أحزاب المعارضة، وأقرت «وقف إطلاق النار فوريا ونهائيا اعتبارا من الساعة الثانية بعد ظهر اليوم السبت»، وذلك امتثالا لأوامر نائب الرئيس اليمني.

وأقرت اللجنة «سحب أفراد الوحدات العسكرية ومعداتها الثقيلة، وكذا سحب المسلحين من جميع المواقع والمناطق بصورة متزامنة وفي ساعة محددة»، استنادا إلى إطار زمني تضعها اللجنة. ولم يتضح بعد على الأرض ما إذا كان وقف النار يسري فعلا.

وقامت القوات الموالية للرئيس اليمني علي عبد الله صالح بقصف المدينة الأكبر في اليمن من حيث عدد السكان منذ ليل الأربعاء، واشتبكت بشكل متواصل مع مسلحين معارضين قاوموها لمنعها من السيطرة على وسط المدينة، مما أسفر حتى الآن عن مقتل 31 شخصا.

كما شهدت العاصمة اليمنية مظاهرة كبيرة تضامنا مع تعز ورفضا لمنح الرئيس علي عبد الله صالح الحصانة التي حصل عليها بتوقيعه على المبادرة الخليجية لانتقال السلطة في اليمن.

وأفادت مصادر طبية وشهود بأن ثلاثة أفراد من عائلة واحدة قتلوا في القصف الذي نفذته القوات الموالية، بينما قتل ثلاثة مسلحين معارضين لصالح بالرصاص، خلال اشتباكات مع القوات الموالية للرئيس. ونقلت الجثث الست إلى مستشفى الروضة الميداني في وسط تعز الذي تسيطر عليه المعارضة.

وبذلك تكون حصيلة أعمال العنف في المدينة منذ ليل الأربعاء قد ارتفعت إلى 31 قتيلا إضافة إلى عشرات الجرحى. وباتت تعز اليوم النقطة الساخنة في اليمن. وجاء تصاعد العنف على الرغم من إعلان نائب الرئيس، عبد ربه منصور هادي، ليل الجمعة - السبت أنه يطلب من الأطراف وقف النار وتشكيل لجنة مشتركة لسحب المسلحين والجيش «فورا» من تعز.

وأفادت وكالة الأنباء اليمنية بأن هادي، الذي يمسك بالسلطات التنفيذية بموجب اتفاق نقل السلطة في اليمن، «وجه محافظ محافظة تعز وأحزاب اللقاء المشترك (المعارضة) بسرعة وقف إطلاق النار في مدينة تعز».

كما وجه بـ«تشكيل لجنة لسحب القوات العسكرية وقوات الميليشيات المسلحة، والعمل من أجل استتباب الأمن والاستقرار في مدينة تعز، وعلى أن تكون اللجنة مشتركة من الجانبين وتشرف على سحب القوات فورا وعلى الجميع الالتزام بهذا».

وكان رئيس الحكومة المكلف والقيادي المعارض محمد سالم باسندوة هدد بـ«إعادة النظر في الموقف» ما لم يقم نائب الرئيس بالتدخل لوقف القصف على تعز. لكن المعارضة تطالب خصوصا بتشكيل اللجنة العسكرية التي تنص عليها المبادرة الخليجية لانتقال السلطة، التي يفترض أن تقوم برفع المظاهر المسلحة من اليمن وبإعادة هيكلة القوات الأمنية والعسكرية المنقسمة. وبحسب الآلية التنفيذية للمبادرة، كان يفترض أن تشكل هذه اللجنة من قبل نائب الرئيس بعد خمسة أيام من التوقيع على الاتفاق في الرياض، في 23 نوفمبر (تشرين الثاني).

وكانت المعارضة والحزب الحاكم توصلا الخميس لاتفاق حول تقاسم الحقائب في حكومة الوحدة، وسط تأكيدات بأن ولادة الحكومة ستكون ميسرة، وستتم يوم الأحد كحد أقصى، لكن أحداث تعز قد تكون أعادت خلط الأوراق.

وينتقد السكان علنا تدفق الإمدادات العسكرية للقوات الموالية لصالح من المناطق المحيطة لتعز التي تقع على بعد 270 كيلومترا جنوب صنعاء. وقال شهود إن البعض قام بإغلاق الطرق لوقف تدفق التعزيزات للقوات الموالية لصالح في المدينة. وأضاف الشهود أن سكانا ببلدة تقع على بعد 30 كيلومترا جنوب تعز، بينهم نساء وأطفال، نفذوا اعتصاما على الطريق الرئيسي لعرقلة وصول قافلة عسكرية تتجه إلى تعز من محافظة لحج الجنوبية.