بانيتا يحث إسرائيل على العودة إلى «طاولة السلام اللعينة»

معبرا عن انزعاجه من عزلتها ويدعوها للتريث في مسألة إيران والتواصل مع مصر وتركيا

وزير الدفاع الأميركي أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس في نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

حث ليون بانيتا وزير الدفاع الأميركي إسرائيل أمس الجمعة على العودة إلى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين. وقال بانيتا بعد التعبير عن انزعاجه من «العزلة الإسرائيلية المتزايدة» إن على إسرائيل والسلطة الفلسطينية العودة إلى «طاولة السلام اللعينة». وحث بانيتا إسرائيل على اتخاذ خطوات دبلوماسية لمعالجة ما وصفه بعزلتها المتزايدة في الشرق الأوسط.

جاءت تصريحات بانيتا هذه التي تعتبر تكرارا لما أدلى به خلال زيارة لإسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي كانت أول زيارة يقوم بها منذ توليه وزارة الدفاع في سبتمبر (أيلول) الماضي في خطاب ألقاه الليلة قبل الماضية، أمام منتدى في مركز سابن لسياسات الشرق الأوسط في واشنطن، وحذر فيه إسرائيل من استغلال الانتفاضات العربية التي تهز الشرق الأوسط، ذريعة للقيام بعمل دفاعي.

وقال باتيتا: «أنا أتفهم وجهة النظر القائلة إن الوقت غير مناسب لمتابعة السلام وإن الصحوة العربية تهدد حلم إسرائيل اليهودية والديمقراطية، الآمنة.. ولكنني لا أتفق مع وجهة النظر هذه». وأضاف أن على إسرائيل أن تتخذ بعض المخاطرة بما في ذلك إعطاء روح جديدة لمفاوضات السلام السقيمة، مع الفلسطينيين. وعندما سأله مدير الجلسة عن الخطوات التي يجب أن تتخذها إسرائيل لدفع المفاوضات قال: «فقط اذهب إلى الطاولة اللعينة»، واستطرد أن المشكلة الآن «هي أننا لا نستطيع أن نجمعهم حول تلك الطاولة اللعينة.. على الأقل أن يجلسوا ويبحثوا خلافاتهم».

ومجددا حث بانيتا إسرائيل حسب ما نقلت وكالتا «رويتر» و«أسوشييتد بريس»، على التحرك قدما من أجل تحقيق السلام مع الفلسطينيين.. وقال: «إن مفاوضات السلام متوقفة منذ أكثر من عام». وأضاف أن من مصلحة إسرائيل بدلا من محاولة إضعاف السلطة الفلسطينية والتقليل من شأنها، أن تسعى إلى تقويتها، والاستمرار في تسليمها أموال الضرائب الجمركية (إسرائيل سلمت بالأمس السلطة مبلغ 200 مليون دولار بعد أن جمدت العملية احتجاجا على نجاح السلطة في الحصول على عضوية منظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة) إضافة إلى مواصلة سبل التعاون الأخرى».

وأكد بانيتا أن الولايات المتحدة ستحمي الأمن الإسرائيلي وستضمن الاستقرار الإقليمي وتمنع إيران من الحصول على السلاح النووي، في المقابل فإن على إسرائيل تقع مسؤولية ملاحقة ومتابعة هذه الأهداف المشتركة، وبناء التأييد الإقليمي للأهداف الأمنية الأميركية والإسرائيلية.

وتابع القول: «أنا أعتقد أن الأمن يعتمد على وجود قوة عسكرية قوية، ولكنه أيضا يعتمد على دبلوماسية قوية.. وللأسف فإن السنوات القليلة الماضية، شهدت تزايد العزلة الإسرائيلية عن شركائها الأمنيين التقليديين في المنطقة». واقترح بانيتا أن تعمل إسرائيل على إصلاح العلاقات مع بلدان مثل تركيا ومصر والأردن، التي تتشاطر جميعها مصلحة الاستقرار الإقليمي.

يذكر أن العلاقات بين تركيا وإسرائيل سارت من سيئ إلى أسوأ في السنوات الثلاث الماضية، وعلى وجه الخصوص منذ الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة أواخر 2008 مطلع 2009 ومواصلة حصارها على غزة. وزاد الطين بلة الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية الذي كان متجها إلى غزة في محاولة لكسر الحصار، وأسفر عن مقتل 9 أتراك.. وتعقدت الأمور أكثر بعد أن رفضت إسرائيل الاعتذار عن الاعتداء ودفع التعويض لأسر الضحايا..

يذكر في هذا السياق أن تركيا كانت أول دولة مسلمة تعترف بإسرائيل وذلك في عام 1949 أي بعد أشهر من إعلان قيامها.

وقال بانيتا إن من مصلحة إسرائيل ومصلحة الولايات المتحدة وكذلك مصلحة تركيا نفسها أن تتصالح تل أبيب مع أنقرة.. وأن على إسرائيل وتركيا أن يفعلا أكثر من أجل إعادة علاقاتهما إلى مسارها.

وبالنسبة لمصر قال بانيتا إن أفضل مسار للولايات المتحدة والمجتمع الدولي هو مواصلة الضغط على مصر للتحول إلى الديمقراطية وضمان التزام أي حكومة في المستقبل بمعاهدتها للسلام مع إسرائيل. وتراقب إسرائيل أيضا عن كثب التطورات في مصر التي ربما يكون الحكام الجدد متأثرين بالمشاعر الجارفة المعادية لإسرائيل بشكل أكبر مما كان عليه الحل في ظل الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك.

وبشأن إيران استخدم بانيتا أقوى لهجة له حتى الآن لشرح المخاوف الأميركية بشأن أي ضربة عسكرية لإيران بسبب برنامجها النووي الذي يعتقد الغرب أنه يهدف إلى صنع قنبلة نووية وهو ما تنفيه إيران وتقول إن تخصيبها لليورانيوم سلمي تماما، معلنا عن قناعته بأن العقوبات الاقتصادية والضغوط الدولية ستؤتي أكلها. وقال إن لديكم دوما الملاذ الأخير.. الخيار العسكري، ولكن يجب أن يظل الملاذ الأخير وليس الأول وقد لا يكون فعالا أيضا.

وحذر بانيتا من أن أي ضربة إسرائيلية لإيران قد تعطل اقتصاديات أوروبا والولايات المتحدة الهشة بالفعل وتؤدي إلى انتقام إيراني من القوات الأميركية وتثير في نهاية الأمر رد فعل شعبيا عنيفا في إيران من شأنه تعزيز حكامها. وأشار بانيتا إلى تقديرات من الإسرائيليين بأن أي ضربة قد لا تكون فعالة، وقد تصيب البرنامج النووي الإيراني بنكسة لمدة عام أو عامين «في أفضل الأحوال».

وحذر بانيتا في نهاية الأمر من سقوط المنطقة في حرب، وقال: «أخيرا أعتقد أن العواقب قد تكون حدوث تصعيد لن يشمل أرواحا كثيرة فحسب ولكن أعتقد أنه قد يلتهم الشرق الأوسط في مواجهة وصراع سنندم عليه».