الضغوط تتصاعد على «الانتقالي» للإعلان عن حقيقة وضع السنوسي

حديث عن خيانات سهلت خسارة المعارك.. وأنصار القذافي يعترفون بأنه أدرك هذا قبل مقتله

عبد الله السنوسي
TT

يتعرض المجلس الانتقالي الليبي إلى ضغوط داخلية متصاعدة لحسم موقفه الرسمي بشأن المعلومات والروايات المتضاربة التي تتعلق بمصير عبد الله السنوسي، صهر العقيد الراحل معمر القذافي ورئيس جهاز المخابرات الليبية السابق، الذي تقول مصادر الثوار إنه معتقل حاليا في مكان آمن على الرغم من نفي المجلس الانتقالي علمه.

وبينما يلتزم المجلس الانتقالي الصمت ويقول إنه لا يملك أي أدلة ملموسة على اعتقال السنوسي، طالب قيادي إسلامي بارز أمس المسؤولين بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي والحكومة الليبية بالشفافية والكشف عن حقيقة اعتقال السنوسي.

وقال الدكتور علي الصلابي في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية، إنه لا يعلم إذا ما كان قد هرب أو أنه ما زال بداخل ليبيا أو في قبضة الثوار، مشيرا إلى أنه لا أحد يعلم شيئا عن هذا الموضوع.

وأضاف «إذا كان قد تم إلقاء القبض عليه مثلما يقول البعض فنحن نريد دليلا قاطعا بالصور ومقاطع الفيديو للسنوسي وهو معتقل».

في المقابل، أكد عبد الله ناكر رئيس مجلس ثوار العاصمة الليبية طرابلس أن السنوسي معتقل حاليا وفي قبضة الثوار بالفعل، نافيا ما تردد عن نجاحه في الهرب إلى خارج ليبيا أو أنه شوهد في منطقة متاخمة للحدود الليبية مع مالي والنيجر.

وأعلن ناكر الذي يتحفظ على الكشف عن مكان السنوسي لأسباب أمنية، أن قوات من الثوار تحقق حاليا مع رئيس جهاز المخابرات الليبية، وأحد أبرز مساعدي القذافي والمقربين منه على الإطلاق، في مكان آمن، معربا عن مخاوفه من محاولة تهريب السنوسي من قبل أتباع النظام السابق.

وأضاف ناكر «لن يتم تصويره أو إجراء مقابلات صحافية معه للمراسلين الأجانب في ليبيا إلا بعد انتهاء التحقيقات معه، لأسباب أمنية قرر الثوار منع أي تصوير أو لقاءات من قبل مراسلي وكالات الأنباء، لكن خلال الأيام المقبلة سنعقد مؤتمرا صحافيا للإعلان عن تفاصيل عملية اعتقال السنوسي».

ووصف ناكر، السنوسي بأنه «رجل خطير»، مشيرا إلى أنه كان بمثابة الصندوق الأسود لنظام الطاغية القذافي، على حد تعبيره.

وكانت قيادات الثوار قد أعلنت بعد يوم واحد من اعتقال سيف الإسلام النجل الثاني للعقيد القذافي في التاسع عشر من الشهر الماضي، أنه تم القبض على السنوسي في منطقة القيرة بمدينة سبها بجنوب ليبيا أثناء اختبائه في منزل ابنة شقيقته، مشيرة إلى أن السنوسي مصاب بجروح جراء الاشتباكات التي جرت معه.

في المقابل، قال مسؤول بالمجلس الوطني الانتقالي لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس لا علاقة له من قريب أو من بعيد بقصة اعتقال السنوسي من عدمها، مشيرا إلى أن قيادات من الثوار تريد أن تتاجر بهذه القضية لحسابات سياسية ضيقة، على حد قوله.

وأضاف: «كلها معلومات لا دليل عليها، إذا كان السنوسي بالفعل في حوزتهم فليقوموا بتسليمه للمجلس الانتقالي باعتباره السلطة الشرعية حاليا في البلاد».

إلى ذلك شن سياسي موال للنظام الليبي السابق هجوما حادا وغير مسبوق على أتباع العقيد القذافي، وقال في تصريحات بثتها وكالة «سيفن دايز نيوز» الموالية لنظام القذافي، إن المأساة الليبية كشفت الكثير من السلبيات المتعلقة بالمنطق الفكري والسلوك الأخلاقي.

ولفت إلى أن الكثيرين فوجئوا بحجم الخيانات التي حدثت سواء في صفوف نظام القذافي، أو حتى في المرحلة التي تلت سقوطه، حيث يخيم عدم الثقة على علاقات الناس سواء الفردية أو الجماعية، معتبرا أن ليبيا ضربت مثالا خطيرا على اللاوطنية التي تقدم البلاد على طبق من ذهب للأجانب كما كشفت الممارسات الميليشياوية وحتى السياسية عن مستوى أخلاقي لا يمكن تصوره خاصة في التعامل مع المخالفين.

وقال المصدر الذي لم تحدد الوكالة هويته وإن كان يعتقد أنه الدكتور موسى إبراهيم الناطق الرسمي السابق باسم حكومة القذافي، «سجّل المختصون قصورا في الأداء العسكري والإعلامي والدبلوماسي وغيره، فمثلا إلى اليوم وبعد مرور أسابيع على نهاية معركة سرت، فإن أنصار القذافي وهم معدودون بالملايين لم يستطيعوا إنتاج وسيلة إعلام أو الاتفاق على هيئة حقوقية أو سياسية أو اجتماعية تنشط في الواقع».

وأضاف «لا نرى اليوم أي اهتمام حتى بملف الأسرى الأوفياء له، بينما تتسرب أخبار عن سعي حثيث من طرف شخصيات خائنة لتعود إلى قيادة الحالة مع ثقة لديها بأن الأيام كفيلة بأن تنسي الناس وأن تجعلهم يقبلون بها».

وتابع قائلا «كان القذافي يعتقد أن أنصاره سيتحركون في حياته، ولعله في آخر أيامه أحس بمرارة الحقيقة، لكن ربما كان يطمع أنهم سيتحركون بعد موته، لكن المشكلة أنه يبدو اليوم أن المقاومة قد انتهت، ورغم ذلك فحتى في المجالات الأخرى البعيدة عن المعركة العسكرية، لا يوجد شيء».

إلى ذلك، نفى محيي الدين المجبري أحد القادة الميدانيين للثوار والذي ورد اسمه في قرار الاتهام الصادر عن السلطات الليبية في قضية اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس رئيس أركان الجيش الوطني الموالي للثوار سابقا، تورطه في هذه العملية، مؤكدا استعداده للمثول أمام التحقيق مجددا لتحقيق العدالة.

ودعا المجبري في تصريحات له أمس إلى أن تكون المحاكمة في هذه القضية التي قال إنها قضية وطن وتمس الرأي العام، محاكمة علنية ونزيهة.

وكانت قبيلة المجابرة قد أعلنت أمس تعاطفها الكامل مع عائلة يونس وقبيلة العبيدات التي ينتمي إليها، واعتبرت أن تاريخ المجبري النضالي أكبر من أن تشوهه أو تمس به تهم باطلة، لكنها حملت أيضا المجلس الانتقالي وجهات الادعاء مسؤولية أي فعل أو اعتداء قد يقع على ابنهم.

يشار إلى أن قادة عسكريين من الثوار، اتهموا رسميا بالتورط في مقتل يونس ومرافقيه نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي في ملابسات غامضة، قد انتقدوا المجلس الوطني الانتقالي، واعتبروا في حشد ضم المئات من مناصريهم مؤخرا في بنغازي، أن الاتهامات التي وجهها لهم المجلس الانتقالي في هذا الصدد، مجرد محض ادعاءات.