انتحاري «المنطقة الخضراء» يفجر جدلا بين ائتلاف دولة القانون و«العراقية» حول «الهدف الثمين»

بعد إعلان رئيس البرلمان أنه كان مستهدفا.. المالكي يؤكد أنه كان هدف العملية

TT

مات الانتحاري في المنطقة الخضراء، التي لا أحد يعرف كيف تسلل إليها وهي الأكثر أمانا وتحصينا في العراق. لم يترك سوى جثة متفحمة وحمض نووي قد لا يفضي إلى شيء. كان يبحث عن «الهدف الثمين» وقد بدا له أنه اقترب منه عندما انتهت جلسة البرلمان يوم الاثنين الماضي.

المتعجلون من أعضاء البرلمان خرجوا لا يلوون على شيء، ومنهم النائب الكردي مؤيد الطيب الذي كاد يكون ضحية مفترضة لحادث لم يكن يستهدفه. جرح في قدمه فقط بينما مات شخص آخر لا تزال هويته مجهولة وجرح آخرون. الدلائل تشير إلى أن الهدف الثمين هذه المرة هو رئيس البرلمان أسامة النجيفي. فالتفجير وقع عند المدخل الخلفي للبرلمان وفي ساحة وقوف السيارات تحديدا ولحظة خروج الأعضاء. وبينما كان موكب النجيفي المكون من عدد من السيارات السوداء يتهيأ للانطلاق بانتظار خروج النجيفي تم تفجير الانتحاري عن بعد بواسطة الهاتف الجوال ربما لاعتقاد المنفذين أن النجيفي ربما يكون قد استقل إحدى سيارات الموكب.

لكن رئيس الوزراء نوري المالكي وكذلك قيادة عمليات بغداد أعطت رواية مغايرة تماما للرواية التي كان قد أعطاها المتحدث الرسمي باسم رئيس البرلمان الذي حمل الأجهزة الأمنية مسؤولية ما سماه الخرق الأمني بدخول سيارة مفخخة كانت تستهدف النجيفي. وكشف المالكي، الذي كان البرلمان يعتزم استضافته من دون تحديد موعد لذلك، في حديث لوكالة «أسوشييتد برس» أمس أن التحقيقات الأولية تشير إلى أنه كان المستهدف. وأضاف «المعلومات الاستخباراتية الأولية تفيد بأن السيارة كان مقررا إدخالها إلى (منطقة) البرلمان، وأن تركن هناك من دون تفجيرها. كان يفترض أن تفجر السيارة في اليوم الذي أدخل فيه إلى البرلمان». ورجح المالكي أن تكون المتفجرات قد ركبت داخل المنطقة الخضراء. وأضاف المالكي أنه سبق أن تقاسم معلومات مع النجيفي وأنه حذره من محاولة لاغتيال أحدهما وأنه طلب منه أخذ الحيطة. وكشف عن أن قوات الأمن لا تزال تلاحق أربعة أشخاص بشبهة التورط في العملية.

بدورها، قالت قيادة عمليات بغداد في مؤتمر صحافي عقده الناطق الرسمي باسمها اللواء قاسم عطا في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، إن التفجير «كان بواسطة سيارة مفخخة من نوع (دوج) سوداء اللون موديل 2007، تم تفجيرها بواسطة التحكم عن بعد عن طريق الهاتف الجوال». وأضاف عطا أن «منفذي التفجير يتألفون من مجموعتين؛ إحداهما من العاصمة بغداد، والأخرى من الأنبار»، مشيرا إلى أنه «تم التوصل إلى الاتصالات التي أجريت بين الشخص الذي فجر السيارة والمجموعة التي أعدت العملية». كما أكد «وجود معلومات استخبارية تفيد بأن هذه السيارة فخخت خارج المنطقة الخضراء وكانت تستهدف رئيس الوزراء نوري المالكي عند حضوره للبرلمان في إحدى الجلسات المقبلة». وقال إنه «تم العثور على جثة محترقة ومتفحمة قرب مكان التفجير يعتقد أنها تعود للإرهابي الذي فجر السيارة»، لافتا إلى أن «كمية المتفجرات التي كانت تحملها السيارة تقدر بنحو 20 كغم من المواد المحلية الصنع والتي لا تستطيع أجهزة المتفجرات كشفها».

ويتوقع أن تفجر هذه القصة خلافا جديدا بين «العراقية» و«التحالف الوطني» لا سيما عبر الإشارات التي قدمها قياديون في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي والتيار الصدري التابع لمقتدى الصدر بشأن تورط رؤوس كبيرة مشاركة بالعملية السياسية في تفجير البرلمان الذي كان يستهدف في كل الأحوال أحد الأهداف الثمينة. وفي هذا السياق أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي والقيادي بالقائمة العراقية حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الطريقة التي تعاملت بها قيادة عمليات بغداد مع حادثة التفجير في مجلس النواب بدت غريبة إلى حد كبير وخارج سياق ما هو منطقي». وأضاف «إذا تعاملنا مع الأمر على صعيد لجنة الأمن والدفاع البرلمانية فإننا لم نطلع على شيء من نتائج التحقيق علما أنه يهمنا مرتين؛ مرة لأننا لجنة أمن ودفاع برلمانية، والمرة الثانية كون التفجير استهدف البرلمان نفسه هذه المرة». وبشأن ما قاله عطا من أن التفجير كان يستهدف المالكي وليس النجيفي، قال المطلك إن «هذا الأمر غير صحيح وغير معقول لأن استضافة المالكي لم تتقرر بعد ولا يمكن لانتحاري أن يبقى منتظرا رئيس الوزراء أياما كي يستهدفه، والأمر الآخر أن النجيفي كان يروم الخروج وقت التفجير والسيارة التي انفجرت تشبه سيارات موكبه».

وعبر المطلك عن امتعاضه من «الاتهامات التي ساقها الناطق باسم عمليات بغداد بشأن المجموعة التي نفذت العملية بوصفها من محافظة الأنبار»، معتبرا أن «هناك تسييسا للعملية التي هي عملية مدانة في كل الأحوال سواء استهدفت النجيفي أم المالكي أم أي شخصية أخرى».