أعداد كبيرة من المنشقين تتمركز في داعل بدرعا لحماية المظاهرات

معارك مع الجيش السوري في المدينة توقع عشرات الإصابات

TT

تبدو مدينة داعل الواقعة شمال محافظة درعا منكوبة وهي تلملم جراحها، بعد أن قامت عناصر من الجيش السوري المدعومة من قوات الأمن والشبيحة باقتحام البلدة الصغيرة والتمركز في شوارعها الرئيسية، الأمر الذي أدى إلى نشوب اشتباكات وتبادل إطلاق نار مع عناصر منشقة كانت قد التجأت إلى المدينة في وقت سابق آخذة على عاتقها مسؤولية حماية المظاهرات.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أعلن في وقت سابق «أن عشرات الآليات العسكرية التي تضم دبابات وناقلات جند مدرعة اقتحمت بلدة داعل منتصف هذا الأسبوع، كما تم سماع صوت إطلاق رصاص في البلدة إثر اقتحامها». وأشار المرصد إلى «أن 7 جنود سوريين قتلوا خلال معركة مع منشقين من الجيش في داعل وأن اثنتين من مركبات قوات الأمن نسفتا، فيما أصيب 19 آخرون في الاشتباكات، ومن بينهم 4 في حالة حرجة».

وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع أحد الناشطين المتواجدين في البلدة التي غادرها معظم سكانها، سرد تفاصيل اقتحام البلدة، فقال: «فوجئنا صباح الأربعاء بقطع التيار الكهربائي وجميع وسائل الاتصال، ثم وصلت إلى المدينة نحو 20 حافلة عسكرية محملة بالجند المدججين بالأسلحة، إضافة إلى الكثير من سيارات قوات الأمن. وقد أقدم هؤلاء على إطلاق النار بشكل عشوائي ونفذوا حملة اعتقالات واسعة طالت ما يزيد عن المائتي شخص، منهم أطفال».

وعن حصول اشتباكات بين قوات موالية للأسد وأخرى منشقة عنها، لفت الناشط إلى أن «سكان البلدة ظلوا يسمعون دوي إطلاق نار حتى ساعات متأخرة من الليل»، مشيرا إلى «تحصن الكثير من المنشقين في البلدة لغرض حماية المظاهرات التي تخرج فيها مما يجعل أمر حصول اشتباكات مع قوات الأسد المداهمة أمرا حتميا». وفي حين رفض الناشط تأكيد أي معلومة عن عدد الضحايا التي تسببت بها الاشتباكات بين الطرفين لعدم امتلاكه معطيات مؤكدة بهذا الصدد، طالب بحماية بلدته التي يتم ذبحها حسب تعبيره، عبر منح المعارضة منطقة عازلة تؤدي إلى حصول توازن عسكري يمنح المتظاهرين الحماية. كما أشار إلى أن الحملة العسكرية على المدينة التي لا يتجاوز عدد سكانها الـ40 ألف نسمة لم تنته بعد، إذ استمرت عناصر الأمن والشبيحة باقتحام البيوت واعتقال الشبان وتخريب الممتلكات الخاصة، كما قاموا وفقا للناشط السوري بحرق الكثير من المنازل والمزارع انتقاما من الأهالي.

وقد أظهر شريط فيديو تم نشره على صفحة «أخبار داعل الحرة» على موقع «فيس بوك» عناصر الأمن وهم يقومون باقتحام البلدة وترويع أهلها.

وتعتبر مدينة داعل التي تتبع إداريا لمحافظة درعا مهد الثورة السورية وشرارة انطلاقتها كما يسميها الناشطون، واحدة من أكثر البلدات مقاومة للأعداء حيث شهدت في تاريخها الكثير من المعارك الضارية حيث قاد أهلها مواجهات عدة ضد الاحتلال العثماني الذي كان يحتل البلاد آنذاك كانت أشهرها المعركة التي جرت عند محطة القطار عند دور المثاقلة. وتعتبر معركة داعل التي دارت بين الثوار وعناصر جيش الانتداب الفرنسي في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1926 محط فخر عند أهالي البلدة. وآخر مواجهة دارت على أراضي البلدة قبل أن يقوم الجيش الموالي للأسد باقتحامها منذ يومين، كانت سنة 1973 حيث قصفت من قبل الطيران الإسرائيلي في حرب أكتوبر، على أثر وجود عناصر من الفدائيين الفلسطينيين فيها، وتركز القصف آنذاك على مدرسة داعل القديمة وكانت حصيلته أكثر من 70 قتيلا من الأطفال والرجال والنساء والمسنين.