نجيب الغضبان لـ «الشرق الأوسط»: العقوبات الاقتصادية تمثل رسالة إلى رجال الأعمال لحسم أمرهم

قال إن دمشق ستلعب دورا حاسما في إسقاط النظام

كتيبة اسامة بن زيد من الجيش السوري الحر التي تبنت عملية خان شيخون ضد الأمن والشبيحة ردا على قتلهم للمدنيين (أوغاريت)
TT

رغم حرص النظام السوري على إظهار أن ما يجري على أرضه لا يزال بعيدا عن مرمى العاصمة، لما لمحافظة دمشق من أهمية كمركز اقتصادي وسياسي، ودورها المحوري في بداية نهاية النظام، فإنه يبدو أن الاحتجاجات التي بقيت خجولة في المناطق الشامية طوال الأشهر التسعة الماضية بدأت في الأيام الأخيرة تأخذ مكانها في مجريات ثورة إسقاط النظام. فمن حي الميدان وساحة الحجاز، إلى الحجر الأسود وجامع الحسن وحي القدم وحي الزاهرة، إضافة إلى منطقة مزة التي شهدت مظاهرة لافتة في موقعها في 15 أغسطس (آب) الماضي، حيث تجمع عدد كبير من المتظاهرين على مقربة من طريق القصر الجمهوري.. كلها مناطق دمشقية تحدى أهلها الخوف وعمليات القمع المحكمة التي تشنها القوى الأمنية ضدهم وقالوا كلمتهم التي قد تكون فاصلة في المرحلة المقبلة، وإن كان هناك من يؤكد أن كل متظاهر في العاصمة يوازي 3 متظاهرين في أي منطقة سورية أخرى نظرا للوجود الأمني المكثف الذي زادت حدته في الأيام الأخيرة بحسب الناشطين السوريين، لا سيما في محيط السفارات والمراكز الكبيرة.

وفي هذا الإطار، يعتبر عضو الأمانة العامة في المجلس الوطني السوري نجيب الغضبان، أن «هناك اعتقادا شائعا في ما يتعلق بوضع العاصمة ودورها في الثورة السورية»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «دمشق تنقسم إلى محافظتين، الأولى دمشق والثانية ريف دمشق التي تحرك أبناؤها بشكل قوي وواضح وخسرت العشرات منهم، وهي كادت تنافس بتحركاتها درعا وأهم المدن السورية التي كانت لها بصمة في الثورة». ويرى الغضبان أن النظام السوري «مدرك بشكل واضح لوضع العاصمة وحساسيته وذلك نظرا إلى الوجود الدبلوماسي والسياسي فيها، إضافة إلى الوجود الأمني الكثيف الذي يعمل منذ اللحظة الأولى لاندلاع الثورة على عدم تحويلها إلى ميدان تحرير ثان».

ويؤكد الغضبان على أهمية دمشق في «بداية نهاية النظام السوري»، ويقول «إذا استمررنا في تحركاتنا السلمية وفي استكمال مسيرة النظام التي مما لا شك فيه أن الدمشقيين لن يقفوا فيها على الحياد، ستلعب دمشق دورا حاسما في ثورة إسقاط النظام نظرا لأهميتها الاستراتيجية ودورها الاقتصادي والسياسي في سوريا».

وفي حين يشير إلى سبب آخر يسهم إلى حد كبير في وقوف الثورة السورية وتحركاتها في دمشق عند حد معين حتى الآن، وهو ما يعرف بالـ«البورجوازية الدمشقية»، فإنه يؤكد أن هناك عددا كبيرا من رجال الأعمال الدمشقيين يدعمون الثورة بشكل سري من خلال تقديم المساعدات المادية واللوجيستية للمواطنين السوريين وللمناطق المنكوبة.

وعن إمكانية تغير موقف رجال الأعمال من الثورة، بعد العقوبات الاقتصادية التي فرضتها جامعة الدول العربية على سوريا والتأثيرات السلبية التي ستنعكس عليهم، يعتبر الغضبان أن «هذه العقوبات هي بمثابة الرسالة إلى رجال الأعمال كي يحسموا أمرهم في المدى القريب، مع إدراكهم أن المجتمع العربي والدولي فقد ثقته في النظام ولن يتعامل معه بعد الآن، لتبقى في ما بعد قضية الانتقال إلى المرحلة التالية وهي الانطلاق من دعم رجال الأعمال الصامت للثورة إلى الدعم المعلن لها».

ويشير الغضبان إلى أن الواقع الطائفي للعاصمة السورية يتوزع بين أغلبية سنية، وأقلية مسيحية، إضافة إلى وجود علوي لا بأس به وهو مرتبط بشكل أساسي بمن يخدمون النظام والأجهزة الأمنية التي تعمل على قمع أي تمرد عسكري قد يقوم في المنطقة، وهم في معظمهم في منطقة مزة.

وفي ما يتعلق بدور المجلس الوطني في تحريك عجلة الثورة الدمشقية بشكل أسرع، يقول الغضبان «نحن على تواصل مستمر مع عدد كبير من رجال الأعمال الدمشقيين، وهم يعبرون لنا بشكل واضح عن اهتمامهم بتحركاتنا، ويطلعون منا على تحركات المجلس الوطني ورؤيته المستقبلية لسوريا، كما نطلع منهم على هواجسهم وتطلعاتهم، ويبدون تجاوبا واضحا في هذا الإطار».

وفي هذا السياق، يؤكد «يهمنا كمجلس وطني أن نرسل رسالة إلى طبقة النفوذ الاقتصادي في دمشق بأن وضعها في مرحلة ما بعد سقوط النظام لن يتغير بل على العكس من ذلك، سيكون هناك مكان للفرص المتكافئة ونمو لأعمالهم بعيدا عن الاحتكارات على طريقة رامي مخلوف، وسنعمل معا على تقدم سوريا».

من جهته، يؤكد محمد أبو عمر، عضو المجلس الأعلى للثورة السورية، أن التحركات في دمشق وريف دمشق شملت تقريبا معظم المناطق الدمشقية، ويقول «نعتبر أن دمشق هي في صلب الثورة وليست خارجها، وكل مناطقها شاركت في التحركات باستثناء المرجة وحامولا، نظرا لطابعهما التجاري». ويشير أبو عمر إلى أن «الجيش النظامي السوري قام في اليومين الأخيرين بحملة اعتقالات ومداهمات لعدد كبير من البيوت بشكل عشوائي، كما قام أول من أمس بفرض حصار على منطقة داريا وعلى مدارسها حيث أجبر الطلاب على الخروج للمشاركة في مظاهرة تأييد للنظام». وعن إمكانية توسع دائرة الاحتجاجات الدمشقية في المرحلة القادمة، يؤكد أن «الدمشقيين بشكل عام لا سيما منهم رجال الأعمال هم من مناصري الثورة، وهذا يظهر واضحا من خلال المساعدات المادية السرية التي يقدمونها للثورة»، معتبرا أن الأمر سيتحول إلى علني في الفترة القريبة المقبلة.