نازحون سوريون لـ «الشرق الأوسط» : نعيش خوفا على أهالينا.. والقتل والتدمير لمعاقبة السكان

تلكلخ محاصرة منذ 3 أيام والوضع «مأساوي» فيها

TT

تواصل قوات الأمن السورية «حملة أمنية شرسة» على مدينة تلكلخ السورية الحدودية القريبة من لبنان، حيث لم تتوقف منذ 3 أيام عمليات القصف العشوائي على الأحياء الداخلية ولا يزال إطلاق النار الكثيف من مختلف الأسلحة يزنر المدينة الصغيرة، التي تبعد عن حمص 45 كلم ويصل تعداد سكانها إلى 80 ألف نسمة. وبحسب ناشطين التقت بهم «الشرق الأوسط» في زيارة صباح أمس إلى منطقة وادي خالد الحدودية، «تشهد تلكلخ حصارا بشعا لمعاقبة سكانها بسبب انشقاق 20 عسكريا من الجيش السوري ولجوئهم إلى ربوع أهلها».

وبدا النازحون السوريون خائفين من التحدث عن وضع تلكلخ، ويخشون على مصير أقاربهم المحاصرين في الداخل، لا سيما أنهم لا يستطيعون الاتصال بهم بسبب الحصار الخانق ومنع الاتصالات.

إلا أن أحدهم روى لـ«الشرق الأوسط» ما يجري هناك من «محاولات قتل وقمع وتخريب»، حيث أكد أن «قوات الأمن والشبيحة التابعين للأسد يقومون بسرقة بيوت السكان وحرقها لإخفاء أعمالهم المشينة، ومن بينها بيت الشيخ عبد الرحمن عكاري، أحد وجهاء تلكلخ البارزين»، مشيرا إلى أن «الأمن يقوم بفرض حظر تجول متواصل على المدينة، حيث يمنع الأهالي من الخروج من بيوتهم لشراء الطعام والخبز الذي أصبح شبه مفقود من البيوت»، موضحا أن «القناصة يتربصون بالمارة ويقتلونهم في محاولة أمنية مشددة لإرهاب السكان وحثهم على تسليم المنشقين من الجيش». يروي الناشط، الذي استطاع ليلة البارحة الهرب إلى لبنان عبر البقيعة ولجأ إلى بيت أحد أقاربه في وادي خالد، على الرغم من تشديد القوات السورية رقابتها للحدود قصة هروبه قائلا «هربت مع بعض رفاقي ليلا رغم القصف العنيف الذي تتعرض له تلكلخ وجزء من الأراضي الحدودية بين لبنان وسوريا واستطعنا عبور الحدود رغم كل المخاوف من انفجار أحد الألغام بنا»، موضحا «تمكنا من الهرب بعد سير دام لساعة إلى أن وصلنا إلى بيت أحد أقاربي الذين قاموا باستقبالنا»، مضيفا أن «الأهالي لا يستطيعون الهرب إلى لبنان بسبب تشديد القصف ومحاصرة الدبابات لكل المنافذ وانتشار الحواجز الأمنية حتى داخل البساتين، لذلك يموت الكثيرون في البيوت لعدم استطاعة الأهالي إنقاذهم وتأمين العلاج لهم».

وأكد الناشط الذي رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» أن «حكاية تلكلخ بدأت مع انشقاق بعض أفراد الجيش ولجوئهم إلى أهالي القرية، حيث علمت قوات الأمن والجيش من المخبرين بوجودهم هناك، فجهزت العدة لاقتحام يعتبر الأشد على هذه المدينة»، مشيرا إلى أن «تلكلخ عاشت ليلتين من أشد الليالي شراسة، إذ قامت فيها قوات الأمن بقطع الكهرباء والاتصالات والماء، مما دفع معظم الأهالي للنزوح إلى القرى القريبة الآمنة، وبعدها احتشدت قوات الجيش مع الشبيحة من القرى المجاورة وقاموا باقتحامها، فقابلهم الجنود المنشقون برد عنيف، فنشبت معركة بين قوات الأمن والجيش والشبيحة وأعداد تعد بالعشرات من الجيش السوري الحر، ولم تردنا أي أنباء عن نتيجة هذه المعركة»، مضيفا: «ومع منتصف نهار أمس قامت قوات الجيش بتهديد سكان مدينة تلكلخ عبر المكبرات والمخبرين، الذين يتعاملون معهم، بأن الجيش مستعد لتدمير تلكلخ رأسا على عقب فيما لو لم يسلم الضابط والعساكر المنشقين أنفسهم خلال ساعات».

وشرح الناشط أن «قوات الجيش قامت بقصف عشوائي على تلكلخ وأطلقت النار بشكل مكثف من رشاشات 500 واستشهدت هند حمادي وابنتها الصغيرة من جراء قذيفة مدفعية أصابت منزلها، وأتت من بعدها تعزيزات تضمنت عددا كبيرا من الدبابات ومضادات الطيران (الشيلكا)، وتبع ذلك سقوط قذيفة دبابة أخرى على منزل لآل حمادي، نتج عنه إصابة كل من كان في المنزل بجراح عميقة، وأصيبت زوجة صاحب المنزل وأطفالها الخمسة وقد تم نقلهم إلى مستشفى خارج المدينة بسبب رفض المستشفى الوطني بتلكلخ استقبالهم، ثم علم السكان أن العناصر المنشقة قامت بانسحاب سمي بـ(الانسحاب التكتيكي) حرصا على سلامة المواطنين، ولكي لا يمنحوا قوات الجيش والشبيحة ذريعة للتنكيل بهم، وعلى رغم ذلك لا يزال الجيش وقواته يرهبون السكان ويحاصرون بيوتهم». وأوضح الناشط أن «قوات الجيش والشبيحة فتشوا البيوت بمرافقة المختار ودخلوا كل حي من الأحياء بحثا عن مطلوبين أو لعلهم يجدون شيئا من السلاح، ورافق ذلك قيام الشبيحة بإطلاق النار على البيوت لمنع الناس من النزول إلى الشوارع للتظاهر».

من جهته، يؤكد أبو ياسر (مسؤول تنسيقية اللاجئين السوريين في لبنان) لـ«الشرق الأوسط» على أن «عدد العائلات النازحة وصل منذ يومين (بدء الحصار) إلى 50 عائلة»، مشيرا إلى أن «عدد الجرحى الذين تم إدخالهم إلى لبنان وصل إلى 12 جريحا بسبب عدم قدرة الأهالي والناشطين من مساعدة الجرحى لإسعافهم».

يشار إلى أن تلكلخ يربطها بوادي خالد معبر مائي يشهد حركة عبور من وإلى البلدين، فالمنطقة في الأساس متداخلة جغرافيا إلى حد أن وادي خالد كانت ممرا للعابرين من اللاذقية باتجاه حمص والعكس. كما أن سكة حديد تمر عبر وادي خالد كانت تربط الساحل السوري بمحافظة حمص.