هل تقزمنا؟

موفق النويصر

TT

السؤال بالأعلى ليس المقصود به مستوى الكرة السعودية فحسب، فتلك قصة ما زالت فصولها تسرد يوما بعد آخر، ولعل آخرها قد يكون احتمال عدم وصولنا لنهائيات أولمبياد لندن 2012، كما غبنا عن نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، واحتمال غيابنا عنها للمرة الثانية على التوالي في 2014 بالبرازيل.

ولكن، ما أقصده في السطور التالية هو نوعية اللاعبين السعوديين ممن تمتلئ بهم أنديتنا الرياضية، وبنيتهم الجسمانية الآخذة في التقزم جيلا بعد جيل، ومقارنة ذلك بباقي دول الجوار، فضلا عن دول القارة الأكبر في العالم (آسيا).

ولعل من تابع مباراتي المنتخبين السعودي والتايلاندي الأخيرتين، يستطيع أن يلمس الفرق في أحجام وبنية لاعبي المنتخبين، لصالح الفريق التايلاندي بالطبع، على الرغم من أن البناء الجسمي لأبناء القارة الآسيوية كان دائما ما يميل إلى صالح «الغرب» على حساب أبناء الشرق.

المفارقة أن برنامج «كورة» الذي يقدم عبر قناة «روتانا خليجية» عرض قبل أيام تقريرا مصورا عن فريق النصر السعودي، استعرض فيه عددا من مبارياته في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي مع مختلف الأندية المحلية، مظهرا جانبا مشرقا من لاعبي الكرة السعودية في تلك الحقبة، وقد تميزوا بالفراعة في الطول، واكتناز العضلات، فضلا عن اللياقة البدنية العالية، في مقابل لاعبين حاليين أشبه ما يكونون «ناشئين» عند مقارنتهم بلاعبي تلك المرحلة.

الغريب أن إهمالنا لجوانب مهمة في كرة القدم خلال الـ25 عاما الماضية، مثل أندية الحواري، ودوري المدارس، وعدم الاهتمام بالتغذية السليمة، والعمل على البناء الجسمي السليم، وإعطاء الفرصة تلو الفرصة لـ«النجوم» على الرغم من انخفاض مستوياتهم على حساب الأسماء الشابة الجديدة، كلها تسببت في الانتكاسة التي تعانيها الكرة السعودية حاليا.

وإن نجحت محاولات «الإنعاش» التي تقوم بها الرئاسة العامة لرعاية الشباب ممثلة في اتحاد الكرة، فإنها تظل محاولات يائسة للعودة بقطار الكرة إلى المسار الصحيح، غير أن واقع الأمر يؤكد أن خروج القطار عن قضبانه لا مفر منه، سواء اليوم أو غدا، عطفا على المعوقات التي تعترض طريقه.

واقع الحال يحتم علينا العمل على خطتين متوازيتين، الأولى قصيرة المدى عبر المشاركة في الفعاليات والمناسبات الرياضية المهمة، والابتعاد قدر الإمكان عن الأخرى التي لا تعود علينا بالفائدة، مع عدم التعويل كثيرا على تحقيق نتائج باهرة فيها، كون «الشق أكبر من الرقعة» كما يقول المثل الشعبي الشهير.

والثانية طويلة المدى، تبدأ من العودة إلى قرار قديم يسمح بإنشاء ملاعب كروية في الأحياء السكنية، لتكون ملتقى أبناء الحي الواحد لممارسة اللعبة، مع تفعيل دوري المدارس بين أبناء المنطقة، ومن ثم الدفع بالكشافين المميزين للتنقيب عن المواهب الرياضية وجلبها للأندية، لصقلها والاهتمام بتكوينها البدني والنفسي منذ وقت مبكر. نظرا لأن الكرة الحديثة أصبحت لا تعتمد فقط على المهارة الفنية التي لا تغيب عن الكثير من لاعبينا، بل بات التكوين البدني القوي، والطول الفارع، واللياقة البدنية العالية هي مقومات اللاعب المميز.

لا يخالجني شك أن مشروعا من هذا النوع قد يستغرق سنوات طويلة قبل أن يؤتي ثماره، ولكن ما أخشاه أن يصيبنا السأم من طول الانتظار فنتخلى عنه عند تحقيق أي بطولة لم تكن لتتحقق دون استخدام المسكنات الآنية.

[email protected]