أحزاب ليبرالية تراجع موقفها وتطالب بنظام «شبه رئاسي» بدلا من البرلماني

بعد التقدم الواضح الذي أحرزه التيار الإسلامي في الانتخابات البرلمانية

مصرية تنظر إلى رسم جداري يمثل الملازم أول محمود صبحي الشناوي الذي عرف باسم «قناص العيون» المتهم بتصفية عيون الثوار من الشباب في مظاهرات شارع محمد محمود (أ.ب)
TT

بعد النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية المصرية، التي كشفت عن تقدم واضح لأحزاب التيار الإسلامي، راجع عدد من الأحزاب الليبرالية، على رأسها «الوفد» و«المصريين الأحرار»، موقفها من النظام السياسي للدولة الذي ستطبقه في الدستور الجديد المزمع كتابته العام المقبل، فبعد أن كانت تنادي بتطبيق نظام برلماني، تطالب الآن هذه القوى بتطبيق نظام شبه رئاسي (مختلط)، على الأقل في الفترة المقبلة، حتى لا تنفرد الأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة الجديدة.

وحصل التيار الإسلامي على أغلبية تتعدى 65 في المائة في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، فقد فاز تحالف حزب الحرية والعدالة («الإخوان») بـ36.6 في المائة من نسبة القوائم، و36 مقعدا فرديا، في حين حصل حزب النور السلفي على 24.3 في المائة من القوائم وعلى 6 مقاعد فردية، مقابل فوز التيار الليبرالي بسبعة مقاعد فردية، وحصل تحالف «الكتلة» الليبرالي على 14.3 في المائة في القوائم.

وقال عضو الهيئة العليا لحزب الوفد عصام شيحة، إن الأحزاب الليبرالية تدرس حاليا تغيير موقفها من النظام البرلماني، حيث ترى أن النظام الأمثل خلال السنوات المقبلة هو النظام الرئاسي المختلط الذي يعطي صلاحيات للحكومة، لكنه يوازن بين السلطات الثلاث «التشريعية والتنفيذية والقضائية». وينص برنامج حزب الوفد الصادر في عام 1978 في الجانب السياسي للدولة على أن يكون نظام الحكم جمهوريا برلمانيا، رئيس الدولة فيه يملك ولا يحكم، وأن يكون حكما بين السلطات وليس مالكا لها.

وقال شيحة «الفترة الانتقالية التي تمر بها مصر حاليا يجب أن يعين الرئيس الحكومة وأن تكون الحكومة مسؤولة عن السياسات الداخلية في حين يركز الرئيس على السياسات الخارجية والأمن»، موضحا أن مطالبهم بالنظام المختلط حاليا تأتي لتدارك التغيرات السياسية في المرحلة الانتقالية حيث تخشى القوى الليبرالية أن تنادي بنظام برلماني خالص ثم تأتي قوى أو تيار معين يحصل على أغلبية برلمانية فينفرد بلجنة وضع الدستور وتشكيل الحكومة وبالتالي يسيطر على جميع السلطات ويخل بموازين الدولة وبمبادئ ترسيخ الديمقراطية.

وحول الأسباب التي دفعتهم للمطالبة بالنظام البرلماني من الأساس قال شيحة إن المشكلة كانت في النظام السابق الذي رسخ مناخا عاما يملك فيه كل السلطات في ظل أقدم دولة مركزية بالتاريخ.

وحول المرسوم الذي أصدره المجلس العسكري الأسبوع الماضي لمنح حكومة الإنقاذ الوطني التي يرأسها الدكتور كمال الجنزوري كامل الصلاحية، ومدى أن يكون ذلك تطبيقا عمليا للنظام الرئاسي البرلماني قال شيحة إن هذا الأمر يتعلق بالممارسة العملية لأن هناك وزارات سيادية لم تتعود على تلقي تعليمات من المسؤولين.

وأصدر المجلس العسكري الأربعاء الماضي مرسوما بقانون فوض فيه الاختصاصات المخولة لرئيس الجمهورية إلى رئيس الوزراء باستثناء تلك المتعلقة بالجيش والقضاء.

وفي حزب المصريين الأحرار، الليبرالي، الذي يقود تحالف الكتلة المصرية، التي حصلت على المركز الثالث في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية، قال عضو المجلس الرئاسي للحزب أحمد خيري، إن الحزب يتمسك بنظام شبه رئاسي في الفترة الحالية نتيجة لعدم استقرار الأوضاع.

وأوضح خيري الذي تم اختياره ضمن تشكيل المجلس الاستشاري، أن النظام الحزبي في مصر والنظام الانتخابي لا يؤهلنا لتطبيق النظام البرلماني حاليا لأنه يحتاج إلى استقرار سياسي وحياة حزبية قوية، وقال إنه يجب أن يكون الرئيس هو الذي يشكل الحكومة وعلى البرلمان أن يراقب أداءها. وأوضح خيري أن الحزب يعكف حاليا على وضع تصور للدستور لتقديمه إلى لجنة وضع الدستور التي سيتم تشكيلها بعد الانتخابات البرلمانية. ولم يتحدث برنامج الحزب عن نظام سياسي محدد لكنه تبنى ما سماه بالطريقة المدنية لإدارة الدولة التي تدعو للفصل بين الدين وشؤون إدارة الدولة.

في المقابل تمسكت الأحزاب الإسلامية بضرورة أن يكون للبرلمان سلطة الموافقة على تشكيل الحكومة من عدمها سواء كان النظام السياسي برلمانيا أو شبه رئاسي، وقال المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة الدكتور أحمد أبو بركة، إن برنامج الحزب يرى أن النظام البرلماني هو الأنسب لأنه يحقق الفصل بين السلطات المختلفة مع الحفاظ على التوازن فيما بينها، لكنهم يرون أن المرحلة الحالية تستوجب تطبيق نظام رئاسي برلماني لمدة خمس سنوات على الأقل. وكان المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، قد قال في تصريحات تلفزيونية الأسبوع الماضي إن الأفضل أن يتم تطبيق النظام المختلط بين الرئاسي والبرلماني.