المجلس الوطني السوري يحذر من وقوع مجزرة في حمص.. ويهيب بالمعنيين حماية المدنيين

إدلبي لـ «الشرق الأوسط»: 10 آلاف جندي وألوية مدرعات يحاصرون حمص.. وحفر خندق عميق جنوب غربي المدينة

TT

حذر المجلس الوطني السوري أمس من «تمهيد النظام السوري لارتكاب مجزرة جماعية في مدينة حمص بهدف إخماد جذوة الثورة فيها و(تأديب) باقي المدن السورية المنتفضة من خلالها». ونبه، خلال بيان أصدره أمس، من «مغبة الإقدام على جريمة كهذه قد يروح ضحيتها أرواح كثيرة»، محملا انطلاقا من «معرفتنا الأكيدة ومعرفة العالم أجمع بمدى وحشية هذا النظام وإمكانية تكراره لجرائم كبرى على غرار جرائم حماه عام 1982، النظام ومن ورائه جامعة الدول العربية والنظام الدولي مسؤولية ما قد يحصل للمدنيين الآمنين خلال الأيام أو الساعات القادمة وتبعات ذلك على المنطقة ككل في المستقبل القريب».

وجاء تحذير المجلس الوطني من ارتكاب مجزرة في حمص، غداة تقرير مفصل أصدرته «لجان التنسيق المحلية في سوريا» منذ يومين، أكدت فيه أن «الشهر الماضي بدأ يشهد ارتفاعا ملحوظا في أعداد الحوادث ذات الطابع الطائفي، والتي تتمثل أساسا في أعمال الخطف والخطف المضاد، وتتم بشكل أساسي عبر سائقي الأجرة من عناصر الأمن والشبيحة، أو عبر دوريات الأمن وحواجزها التي تقوم بتسليمهم إلى الشبيحة، وتهدف إلى مقايضة المختطفين من الجهتين، أو طلب فدية مالية».

ونقلت «لجان التنسيق» عن ناشط في مدينة حمص قوله إن «الخطف على الهوية أصبح على الحواجز الأمنية أمرا مألوفا، حيث يتم خطفنا تحت أنظار المخابرات الجوية وأمن الدولة، وفي حالات كثيرة هم من يقومون بالاختطاف وتسليم المختطفين إلى الشبيحة».

وأوضحت لجان التنسيق المحلية، في التقرير عينه، أن «ما يدعم نظرية ضلوع أجهزة الأمن في جميع أو معظم حالات الاختطاف، أن تسليم المختطفين بعد نجاح عملية التفاوض، يجري في معظم الأحيان عبر عناصر أمنية أو حتى في فروع الأمن نفسها وفقا لشهادات كثيرة حصلنا عليها».

وفي سياق متصل، أفاد المجلس الوطني السوري أن «النظام يسوق تبريرا لجريمته المحتملة هذه أحداث عنف طائفي، عمل جاهدا على إشعال فتيلها بكافة الأساليب القذرة التي تضمنت حرق المساجد وقصفها وقتل الشباب والتنكيل بهم واختطاف النساء والأطفال، كما عمد في خطوة ذات دلالة إلى حرق أنابيب النفط في حي بابا عمرو ليلصق التهمة بما يسميه (العصابات المسلحة) في محاولة من جانبه لسحق المنتفضين السلميين بحجة الحرب على الإرهاب».

ووفق المجلس الوطني، فإن «حشودا عسكرية كبيرة تطوق المدينة حاليا تقدر بالآلاف من الجند ومعها عدد لا حصر له من الآليات العسكرية الثقيلة، كما أقامت قوات النظام أكثر من 60 حاجزا في مختلف أنحاء المدينة داخل حمص وحدها، وهي مؤشرات على حملة أمنية قد تصل إلى درجة اقتحام المدينة بشكل كامل».

وفي هذا الإطار، أكد عضو المجلس الوطني وأحد الناطقين الرسميين باسم لجان التنسيق المحلية عمر إدلبي لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام السوري يسعى لكسر شوكة مدينة حمص، إذ إن أكثر من عشرة آلاف جندي وألوية مدرعات عدة يحاصرون أحياءها، في موازاة إقدام الجيش السوري على حفر خندق عميق جنوب غربي المدينة في بابا عمر وجوبر وتل الشور والسلطانية، حيث تتمركز خلفه دبابات الجيش».

وأشار إدلبي إلى أن «الخبراء العسكريين الذين سألناهم عن معنى هذه الخطوة لم يتبنوا أي سبب تكتيكي واضح حول الهدف منه»، مذكرا بأن مدينة حمص «شهدت 17 عملية اقتحام عسكري كبير منذ بدء التحركات الشعبية، مقابل 20 عملية شهدها ريف حمص، أي في الحولة والرستن وتلبيسة والقصير وتل كلخ».

وكان الجيش السوري دخل إلى مدينة حمص في 19 أبريل (نيسان) الفائت، ولم ينسحب منها منذ ذلك التاريخ، بل على العكس أضاف في كل مرحلة، وفق ما أكده أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط»، تعزيزات أمنية جديدة. وفي حين تقدر منظمات حقوقية سوريا عدد ضحايا الانتفاضة السورية بنحو 5000 قتيل، فإن 1500 منهم سقطوا في مدينة حمص وحدها.

وأفادت لجان التنسيق في هذا السياق أن «المدينة لا تزال منذ أكثر من ستة أشهر تحت احتلال عسكري وأمني مورست خلاله أفظع أنواع الانتهاكات والجرائم، من قصف عشوائي للأحياء والمنازل إلى أعمال القنص والقتل تحت التعذيب والتنكيل بالجثث، وفي الوقت نفسه استمرت المدينة في مظاهراتها السلمية بمختلف أحيائها، بحماية من قبل (الجيش الحر)، الذي بدأ مؤخرا بحماية المتظاهرين سلميا، بالرد على قوات أمن وجيش وشبيحة النظام أثناء تصديهم للمظاهرات واقتحامهم الأحياء والبلدات والاشتباك معهم بالأسلحة الخفيفة التي بحوزة عناصره».

وفي حين لا توجد أعداد دقيقة أو تقريبية للمختطفين من الجهتين، انطلاقا من أن أغلبها لا يتم الإعلان عنه بل يتم التعامل مع الحادثة بالتفاوض عبر الوسطاء، إلا أن لجان التنسيق أكدت أن «الأمور بدأت تأخذ منحى أكثر خطورة خلال الأيام القليلة الماضية، إذ تصاعدت الأمور يوم الاثنين، وحتى ساعة متأخرة من الليل، إلى حد انتشار أنباء مريعة عن حوادث قتل طائفي أودت بحياة (العشرات) من ضحايا التجييش الطائفي الذي يتحمل النظام وحده مسؤوليته، في ظل تضارب وتخبط في المعلومات وسيل من الإشاعات انتشر عبر صفحات (فيس بوك) وعبر المواقع الإلكترونية».

وأوردت لجان التنسيق أسماء أشخاص سقطوا بسبب أحداث طائفية، ممن تمكنت من توثيقها بينهم «ثمانية أشخاص من عائلة شويرتاني، يسكنون منطقة العباسية القريبة من حي الزهراء، واثنان آخران من عائلة العابد».

وفي موازاة دعوة لجان التنسيق المحلية في سوريا كل المعنيين إلى القيام بدور وطني مسؤول للحد من أي ردود فعل قد تنشأ عن هذه الأحداث الطائفية، أهاب المجلس الوطني «بجميع المنظمات العالمية ذات العلاقة ومنظمات حقوق الإنسان التحرك الفوري للضغط في المحافل الدولية من أجل توفير حماية فورية للمدنيين في حمص تحديدا، وفي أنحاء سوريا كافة».