«نظرية المؤامرة» تنتقل من السياسة إلى الفن في العراق.. وتبادل اتهامات بين الفنانين

مدير السينما والمسرح لـ «الشرق الأوسط»: 38 شركة تتنافس على إعمار مسرح الرشيد

TT

لم يسلم حتى الفن المسرحي والسينمائي في العراق من هيمنة «نظرية المؤامرة» والتي بات التمثيل الأوضح لها بالقيام بالاعتصامات والمظاهرات التي سادت المشهد العراقي بعد عام 2003. عشرات الفنانين أطلقوا صرخة احتجاج واسعة ورفعوا لافتات تندد بما اعتبروه بيع مؤسستهم العريقة «دائرة السينما والمسرح» عبر تحويلها للعمل وفق مبدأ التمويل الذاتي (الخصخصة).

ولأن تهمة «البعث» باتت هي الأخرى تطال كل شيء فقد وصف بعض ممن التقتهم «الشرق الأوسط» فكرة التمويل الذاتي هذه بـ«المشروع البعثي». كما امتدت صرخة الاحتجاج أيضا إلى التشكيك في نزاهة الانتخابات التي دعا لها مدير الدائرة الفنان شفيق المهدي وطالب البعض بإعلان بطلانها.

وأيدت نقابة الفنانين العراقيين ما ذهب إليه الفنانون وخشيتهم من تحول الفن العراقي إلى فن تجاري رخيص يسعى لكسب الأموال بأي طريقة بحجة تمويله، وقال الفنان صباح المندلاوي نقيب الفنانين لـ«الشرق الأوسط»: «نعرف أن التمويل الذاتي يفتح الأبواب على مصاريعها للمسرح التجاري، المسرح الهابط والرخيص، المسرح الذي عانينا منه في سنوات الحصار وفي فترات سابقة، والآن في ظل عراق جديد من المفروض أن تكون توجهاتنا وطموحاتنا مركزة نحو الأفضل والأحسن والأبهى».

أما الفنان فلاح إبراهيم فقال إنه لا يعرف «لماذا يطالبوننا بالتربح، هذه الدائرة أساسا وجدت من أجل صناعة فن حقيقي، هذه الدائرة تسند الفنان الحقيقي والتجربة المسرحية الحقيقية والتجربة السينمائية الحقيقية»، مشيرا إلى أن «من يريد أن يحقق الربح المادي لسنا ضده، لكن عليه أن يجد منفذا آخر غير دائرة السينما والمسرح».

وشاركته الرأي الفنانة سمر محمد بمطالبتها الدولة بإسناد الفنان العراقي قائلة «صحيح أننا موظفون ولكن من غير الممكن في هذا الظرف أن يعيش الفرد العراقي براتب قدره 300 ألف دينار (نحو 250 دولارا)، معتبرة التمويل الذاتي بمثابة «إجحاف بحق الفنان إذا ما بقيت دائرة السينما والمسرح تعمل بنظامه، والآن حتى الإنتاج المسرحي أقل بكثير مما مضى بسبب التمويل الذاتي سيئ الصيت». من جانبه، قال الفنان عزيز خيون، إن «ما نتقاضاه من رواتب هي في الحقيقة منحة من وزارة المالية، ومطلبنا بتحويل الدائرة إلى التمويل المركزي ليس وليد اليوم، هذا المطلب من قبل عام 2003 واستمر بعد هذا العام أيضا، مع كل المديرين العامين الذين جاءوا إلى الدائرة، لأن التمويل الذاتي عقبة كبرى أمام أي طموح جمالي وهذه الدائرة معنية بالجمال، في العراق ككل وليس في بغداد فقط». وأضاف أن «مهمة المسرح الوطني هي تقديم حياة مسرحية متجددة غير متراجعة ولا تستطيع أن تنهض بهذه المهمة إلا الحكومة والدولة».

أما الفنان شفيق المهدي المدير العام للسينما والمسرح فقد دافع عن ساحته إزاء تلك الاتهامات قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن «دائرة السينما والمسرح تعمل بنظام التمويل المركزي منذ عام 2008 لكنها من غير مجلس إدارة وهذا مخالف لقانون الدولة العراقية، يجب أن يكون في كل مديرية عامة مجلس إدارة يخطط بإدارة المدير العام، ومجلس الإدارة مكون من تسعة أشخاص يمثلون القاعدة العامة للفنانين والموظفين في الدائرة، ولأجل ذلك فكرنا بالانتخابات لأجل تقويم أداء العمل ولا أعرف لماذا ربطها الفنانون بموضوع التمويل الذاتي». وحول موقفه من موضوع التمويل الذاتي قال «أنا أولا أعتبر دائرة السينما والمسرح أعظم مؤسسة فنية في العراق لمدى تأثيرها في الناس، وكذلك أنا أؤيد نظام التمويل المركزي، وهو أفضل للفنانين ولأجل ذلك عملنا دراسة قبل أربع سنوات حول الأمر ورفعناها إلى مجلس شورى الدولة ولا أعرف سبب تأخر البت فيها»، موضحا أن «دائرة السينما والمسرح ليست وحدها التي تعمل بنظام التمويل الذاتي، هناك دوائر أخرى تحت قبة وزارة الثقافة تعمل وفق هذا الأساس». وتابع «إننا نعلم أن الفن المسرحي اليوم انحسر تأثيره كثيرا بسبب الخراب الذي عم معظم المسارح في العراق لكننا تلقينا وعدا جادا هذه المرة من وزارة الثقافة لأجل إعادة إعمارها قريبا وتحديدا في الخامس عشر من الشهر الحالي ستعلن عن أسماء 38 شركة في مناقصة لأعمار مسرح الرشيد وبقية المسارح في بغداد».