في أول إشارة ضمنية ضد النظام السوري.. المالكي يدعو الشعوب إلى إيقاف الحاكم الجلاد

لهجة بغداد الداعمة للنظام السوري تراجعت منذ زيارة بايدن للعراق.. وعشية لقاء المالكي أوباما في واشنطن

شهدت منطقة كفر نبودة في مدينة حماة مظاهرات امس (أوغاريت)
TT

في أول رد ضمني على الاتهامات التي وجهتها دول وأطراف داخلية وخارجية ضد الحكومة العراقية لجهة وقوفها إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد، دعا رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، الشعوب إلى تحمل مسؤولياتها في إيقاف الحاكم الجلاد الذي يمارس القسوة ضد شعبه. وقال المالكي، في كلمة ألقاها خلال الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان ببغداد أمس: «على شعوب العالم تحمل مسؤولية إيقاف الحاكم الظالم الذي يمارس القسوة ضد شعبه». وأضاف أن «أخطر انتهاك لحقوق الإنسان هو انتهاك دولة لدولة؛ لأنه يريق الدماء ويذبح آلاف الأبرياء، وعلى الشعوب تحمل مسؤولية إيقاف الحاكم الجلاد الذي يمارس القسوة ضد شعبه».

ويعتبر هذا الموقف هو الأول من نوعه الذي يعد تغيرا واضحا في اللهجة الرسمية العراقية، لا سيما على صعيد قسم كبير من قيادات التحالف الوطني. كان أمين عام الجامعة العربية، نبيل العربي، قد اختتم، مؤخرا، زيارة للعراق التقى خلاها المالكي وعددا من كبار القادة العراقيين، تركزت المباحثات فيها على الأزمة السورية التي يراد للعراق أن يلعب دورا فيها انطلاقا من كونه الآن الأقرب إلى نظام الأسد من بين الدول العربية. لكن لهجة المالكي - التي بدت تصالحية مع أطراف المعارضة السورية التي رفض قسم منها دعوته للحوار معها في بغداد - هي جزء من المتغير الذي حصل في الخطاب الإعلامي والسياسي الرسمي العراقي حيال الأزمة السورية عقب زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى بغداد الأسبوع الماضي.

جاءت تصريحات المالكي هذه عشية بدئه زيارة إلى واشنطن؛ حيث من المفترض أن يلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الاثنين المقبل. ومن المتوقع أن يركز اللقاء على الوضع في سوريا، بهدف إقناع العراقيين بالانضمام إلى الضغوط العربية والأميركية على حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.

وتتسم الجهود الأميركية بالحذر، وذلك خوفا من إغضاب العراقيين مع انسحاب القوات الأميركية من العراق وحرص واشنطن على استمرار علاقات قوية معهم. وقد أشاد بيان البيت الأبيض، يوم الجمعة الماضي، حول اجتماع يوم الاثنين، بجهود القوات الأميركية في العراق. وأشار إلى أن «الرئيس يقدر تضحيات وإنجازات الذين عملوا في العراق، والشعب العراقي، حتى الوصول إلى هذه اللحظة الحاسمة المليئة بالوعود بهدف تأسيس علاقات صداقة دائمة أميركية - عراقية، بينما نحن ننهي الحرب في العراق».

وقال معلقون صحافيون: إن الإشارة إلى «تضحيات الشعب العراقي» القصد منها إرضاء العراقيين بهدف العمل لفتح صفحة جديدة، ولنسيان سنوات الاحتلال الثماني التي قتل خلالها عشرات الآلاف من العراقيين.

وتحدثت الصحافة الأميركية عن أن واشنطن تريد كسب المالكي لتأييد سياستها في سوريا، في الوقت نفسه الذي تريد فيه إقناع المالكي بأن العهد الجديد في علاقات البلدين سيكون على قدم المساواة، وأن نهاية الاحتلال أيضا معناه نهاية الأوامر، وحتى الضغوط.

إلى ذلك، قالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، في المؤتمر الصحافي اليومي، في إجابة عن سؤال إذا كانت واشنطن قد وضعت خططا لحماية المدنيين في حمص، قالت نولاند: «نحن قلقون على مصير المدنيين في حمص وفي سوريا كلها». وقالت إن فشل مجلس الأمن، بسبب فيتو كل من روسيا والصين في اتخاذ «قرارات حاسمة وفعالة»، ساعد على «تشجيع النظام السوري ليفعل ما يفعل وما يريد أن يفعل». وقالت إن الولايات المتحدة تواصل اتصالاتها لإعادة القضية إلى مجلس الأمن. وفي الوقت نفسه، تتشاور مع دول أخرى حول «حماية المدنيين وإرسال المراقبين»، خاصة مع تركيا وجامعة الدول العربية.

كانت نولاند قد قالت إن الرئيس الأسد «يتحمل مسؤولية ما تفعل قوات الأمن الحكومية، وعلى الرغم من أنه قال عكس ذلك على شاشات التلفزيون، فأي رئيس ينفي تحمل المسؤولية على شاشات التلفزيون في حين أن قوات الجيش والأمن التابعة له ترتكب أنواعا مروعة من الفظائع ضد شعبه؟». وأضافت: «نحن نحمله كل المسؤولية هنا».

ورفضت الإجابة عن سؤال إذا كان الأسد «مجنونا»؛ لأنه كان قد قال إن أي حاكم يقتل شعبه لا بد أن يكون مجنونا. وقالت نولاند: «لا أريد التحدث عن حالته العقلية. إننا نحمله المسؤولية عن أعمال العنف».

وقالت إن هناك «علامات تدعو للتفاؤل» عن موقف كل من روسيا والصين. وأشارت إلى «تصريحات متزايدة من جانب الروس عن الحاجة إلى وضع حد لأعمال العنف». وأشارت إلى تصريحات لافروف، وزير الخارجية الروسي، أول من أمس، على ضوء اجتماعات حلف شمال الأطلسي، وإلى أن الصينيين «قالوا أشياء مماثلة خلال اجتماعاتنا معهم في بالي (في إندونيسيا، خلال القمة الأميركية الآسيوية) في الأسبوع الماضي».