بينما كان نظام الرئيس التونسي الديكتاتور بن علي يغلق كل الأبواب أمام العالم لمنع وصول حقيقة ما يحدث خلال أحداث ثورة الياسمين، كانت هي تحاول فتح نوافذ مختلفة لنقل حقيقة القمع العنيف الذي تمارسه أجهزة الأمن ضد شعبها عبر تجولها بين المدن التونسية لإيصال الحقيقة.. إنها المدونة التونسية لينا بن مهني، التي تم ترشيحها لجائزة نوبل للسلام لعام 2011.
وتعمل بن مهني كأستاذة للغة الإنجليزية بجامعة تونس إلى جانب كونها ناشطة في مجال حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير والتدوين، حيث عرفت بمعارضتها الشديدة لسياسة حجب المواقع على شبكة الإنترنت، وقامت بن مهني بالتدوين حول أحداث «الحوض المنجمي» في 2008، ثم شاركت في فعاليتي «سيب صالح» و«نهار على عمار» التي تم تنظيمهما من قبل مدونين تونسيين للاحتجاج على حجب مواقع الإنترنت في تونس مثل مواقع قناة «الجزيرة» و«يوتيوب»، وأيضا شاركت في فعاليات «اليوم الوطني» لحرية التدوين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2004، وتدون بن مهني باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية منذ عام 2007 في مدونتها «بنية تونسية»، التي تتمتع بجماهيرية واسعة في تونس، مما جعلها عرضة للحجب مرات عدة أثناء حكم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي.
وخلال السنوات القليلة الماضية، ساهمت بن مهني في حملات عدة لإطلاق سراح بعض الطلبة المسجونين على خلفية أنشطتهم السياسية، كما شاركت في أغلب المظاهرات التي نظمت في العاصمة، وفي تحركات المحامين وفي اعتصام القصبة .
اللافت أن شخصية لينا المعارضة والثائرة لها طابع وراثي، فوالدها صادق بن مهني كان من القادة اليساريين الذين عارضوا الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، وتم زجه في السجن في السبعينات وتعرض لعمليات تعذيب، كما كان أيضا عضوا في جماعة «آفاق» اليسارية.
وشاركت لينا بن مهني بمجهود وافر خلال أحداث الثورة التونسية، حيث قامت بإرسال عشرات الفيديوهات تتعلق بالمظاهرات التي عمت تونس لمختلف القنوات الإخبارية منها برنامج «مراقبون» على قناة «فرانس 24 العربية»، وهي نفس القناة التي أعلنت من خلالها عن اعتقال السلطات التونسية للمدون والناشط التونسي سليم عمامو في 6 يناير (كانون الثاني) الماضي.
وفي التاسع من يناير، توجهت بن مهني إلى مدينة الرقاب بولاية سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية حيث قامت بتصوير القتلى في المستشفى المحلي بها وتضع الصور في مدونتها لتتناقلها وسائل الإعلام العالمية على الفور مما أكسب الثورة التونسية تعاطفا واسعا في كل أنحاء العالم.
ومع تأسيس الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال في مارس (آذار) الماضي، سارعت بن مهني للالتحاق بها لكن بعض الصحافيين انتقدوا عضويتها معللين ذلك بأنها لم تدرس في معهد الصحافة وعلوم الأخبار، لكنها ما لبثت أن قدمت استقالتها من الهيئة في 27 مايو (أيار) الماضي لرغبتها في الحفاظ على استقلاليتها الإعلامية.
النشاط الإعلامي الملحوظ لها جعلها تحصد الجوائز الواحدة تلو الأخرى، فعلى الرغم من عدم فوزها بجائزة نوبل للسلام لعام 2011 التي رشحت لها مع ناشطين آخرين من «الربيع العربي»، فإنها حصلت على جائزة أفضل مدونة في مسابقة «البويز» من قبل الإذاعة الدولية الألمانية «دويتشيه فيله» في يونيو (حزيران) الماضي، كما صنفتها جريدة «Daily Best» الأميركية ضمن قائمة ضمت 17 مدونا كأشجع مدونين في العالم في 17 فبراير (شباط) الماضي، بالإضافة إلى فوزها بجائزة الصحافة العالمية من جريدة «الموندو» الإسبانية.