عقاقير متنوعة من «حاصرات بيتا».. تحمي القلب

تتعدد استخداماتها من خفض ضغط الدم إلى تحسين حالات عجز القلب

TT

لقد أحدث ظهور أول نوع من عقاقير «حاصرات بيتا» (beta blocker) للقلب في بداية الستينات ثورة في علاج الذبحة الصدرية. وعلى مدى الـ4 عقود الماضية، استخدمت في الكثير من أنواع العلاج ومنها حماية القلب بعد الإصابة بأزمة قلبية والسيطرة على عجز القلب، حيث يتناول ملايين الأميركيين اليوم «حاصرات بيتا».

عمل «حاصرات بيتا»

* توجد بروتينات صغيرة تسمى «مستقبلات بيتا» (beta receptors) على السطح الخارجي لعدد كبير من الخلايا. وهنا 3 أنواع منها: «مستقبلات بيتا1»، التي توجد بكثرة في خلايا القلب، و«مستقبلات بيتا2»، التي توجد بكثرة في خلايا الرئة والأوعية الدموية، وكذلك في خلايا القلب، و«مستقبلات بيتا3» التي توجد في الخلايا الدهنية. ومهمة مستقبلات بيتا هذه هي الارتباط مع الرسل الكيميائية التي يفرزها الجهاز العصبي، واستجابة للإشارات العصبية تلك تزداد ضربات القلب وتُضغط الأوعية الدموية، وتنبسط الممرات الهوائية، ويزيد إنتاج الكلى من البروتين الذي يرفع ضغط الدم.

أما «حاصرات بيتا» فإنها تعوق هذه العمليات من خلال الهيمنة على مستقبلات بيتا ومنع الرسل الكيميائية من الاتصال بتلك المستقبلات. ويبطئ هذا ضربات القلب ويحسن قدرة الإشارات الكهربائية في القلب على التوصيل ويؤدي إلى انبساط الأوعية الدموية ويخفض ضغط الدم.

حالات العلاج

* من يحتاج «حاصرات بيتا»؟ تستخدم «حاصرات بيتا» لعدة أسباب منها:

* الإصابة بالذبحة الصدرية.

* تعافي القلب بعد أزمة قلبية.

* عجز القلب.

* مشاكل ضربات القلب مثل رجفان القلب الأذيني.

* ارتفاع ضغط الدم.

* تضخم عضلة القلب، والأمراض التي لا تتعلق بالأوعية الدموية مثل القلق والرجفة والمياه الزرقاء (الغلوكوما) والصداع النصفي وأمراض أخرى. وبعد أن كانت حاصرات بيتا من أهم عقاقير علاج ارتفاع ضغط الدم، ظهرت عقاقير جديدة أبعدتها عن الساحة مثل مثبطات الأنزيم المحول للأنجيوتنسين ACE inhibitors وعقاقير «ثياسيد» المدرة للبول thiazide diuretics.

أدوية «حاصرات بيتا»

* يمكنك التعرف على «حاصرات بيتا» من خلال اسمها، حيث تنتهي كلها بـ3 أحرف واحدة. ولكل نوع منها طريقة خاصة لمنع عمل مستقبلات بيتا ويفسر هذا أفعالها المختلفة والأعراض الجانبية المختلفة لكل منها.

وتمت الموافقة على استخدام عدد كبير من «حاصرات بيتا» في الولايات المتحدة، وتصنف جميعها تحت 3 مجموعات:

* المجموعة الأولى هي «غير الموجهة» nonselective وهي الأشكال الأولى لـ«حاصرات بيتا» ومنها «بروبرانولول» propranolol الذي يؤثر على كل من مستقبلات بيتا1 وبيتا2. وينبغي على المدخنين أو الذين يعانون من الربو أو أي أمراض أخرى في الرئة توخي الحذر عند استخدام هذا النوع من الحاصرات أو عدم استخدامه بالأساس.

* المجموعة الثانية هي الموجهة للقلب cardioselective. وقد تم عمل عدد من «حاصرات بيتا» منها «أتينولول» atenolol (تينورمين Tenormin) و«ميتوبرولول» metoprolol (توبرول Toprol ولوبريسور Lopressor)، بحيث تثبط فقط «مستقبلات بيتا1» التي توجد في خلايا القلب. ونظرا لعدم تأثير هذا النوع على «مستقبلات بيتا2» التي توجد في الأوعية الدموية والرئة، تعد حاصرات بيتا الموجهة للقلب آمنة لمن يعانون من مشاكل في الرئة.

* الجيل الثالث: تقوم بعض «حاصرات بيتا» بما هو أكثر من تثبيط مستقبلات بيتا، حيث يثبط «لابيتالول» labetalol (نورمودين Normodyne وترانديت Trandate) مستقبلات ألفا أيضا مما يساعد على انبساط الأوعية الدموية. ويحفز «نبيفولول» nebivolol (بستوليك Bystolic) البطانة الداخلية من الأوعية الدموية على إفراز أكسيد النتريك الذي يساعد على انبساط الأوعية الدموية. ويقوم «كارفيديلول» carvedilol (كوريغ Coreg) بالأمرين.

الفاعلية والأمان

* أجريت تحاليل حاصرات بيتا، التي أجريت في إطار مشروع فاعلية الدواء المستقل في جامعة أوريغون للصحة والعلوم من قبل اتحاد المستهلكين، الجهة الناشرة لـ«كونسيومر ريبورتس» (تقارير المستهلكين)، على تقييم مدى فاعلية وأمان وتكلفة الحاصرات.

من حيث الفاعلية، اكتشف باحثو جامعة أوريغون دليلا واضحا لا يقبل الشك بأن تناول «حاصرات بيتا» بعد الإصابة بأزمة قلبية يقلل من احتمالات تكرار الأزمة أو الوفاة المفاجئة. كذلك تطيل هذه العقاقير العمر مع التمتع بصحة أفضل مع عجز القلب. ووجد الباحثون أن «حاصرات بيتا» المختلفة تعمل بشكل أفضل في حالات مختلفة.

من حيث الأمان، من الآمن بشكل عام تناول «حاصرات بيتا»، حيث ليس لها أعراض جانبية خطيرة تهدد الحياة. وكثيرا ما امتنع الأطباء عن وصف «حاصرات بيتا» لمن يعانون من أمراض رئة مزمنة بسبب قلقهم من أن تزيد حالتهم سوءا، لكن الاستخدام المعقول لـ«حاصرات بيتا» قد يقلل من تفاقم مشكلة التنفس ويحسن فرص الحياة. (أرشيف الطب الباطني، 24 مايو/ أيار 2010).

أما من حيث التكلفة، يعد سعر جميع «حاصرات بيتا» منخفضا.

وما يحدد النوع الذي يناسبك هو سبب حاجتك إليه وحالة أوعيتك الدموية أو أي حالة مرضية أخرى، والأعراض الجانبية. ويقدم تقرير «كونسيومر ريبورتس» الصادر في سلسلة «أفضل العقاقير» نصائح تقوم على مدى فاعلية وأمان وتكلفة العقار. ويمكنك تنزيل التقرير من الموقع الإلكتروني health.harvard.edu/176.

جرعات «حاصرات بيتا» = تعتمد الجرعة التي يمكن تناولها من «حاصرات بيتا» على العلاج، حيث يمكن تناولها مرة يوميا، وهي الأقراص ذات المفعول الممتد، وهناك أنواع أخرى ينبغي تناولها مرة صباحا ومرة مساء. وينبغي استشارة الطبيب في حال كان لديك أي تساؤلات.

إن تناول «حاصرات بيتا» ليس مثل تناول الأسبرين أو الكثير من العقاقير التي يتناول الناس الجرعة نفسها منها، فمن المهم البدء بجرعة منخفضة، ثم زيادتها تدريجيا، حيث قد يؤدي البدء بتناول جرعة كبيرة إلى خفض ضربات القلب وضغط الدم إلى حد خطير. ومن الضروري الامتناع عن تناول «حاصرات بيتا» بحرص، حيث من الخطر التوقف فجأة عن تناوله، لأن ذلك ربما يؤدي إلى الإصابة بذبحة صدرية. ويمكنه أيضا أن يؤدي إلى الإصابة بأزمة قلبية أو جلطة أو عدم انتظام ضربات القلب، وإن كان ذلك يحدث في حالات نادرة. ويمكن أن يساعد التقليل التدريجي للجرعة في تفادي هذه المشاكل. أعراض جانبية

* لو كانت «مستقبلات بيتا» لا توجد إلا في خلايا القلب، فإن حاصرات بيتا كانت ستكون علاجا نموذجيا للقلب، لكن نظرا لوجود «مستقبلات بيتا» في الكثير من الأنسجة الأخرى، يمكن أن تكون لهذه العقاقير آثار جانبية غير مرغوب فيها. من الجيد أن «حاصرات بيتا» تستخدم منذ نحو نصف قرن، حيث يمنح هذا الأطباء والباحثين الكثير من الوقت لملاحظة مدى فاعليتها وأمانها الآثار الجانبية التي قد تنتج عنها.

ظهر على الكثيرين ممن تناولوا «حاصرات بيتا» عرض جانبي واحد على الأقل. ورغم أن هذه الأعراض ليست بالخطيرة، يتجه واحد من بين كل 5 أفراد إلى استخدام نوع آخر من «حاصرات بيتا» أو نوع آخر من العقاقير بسبب الآثار الجانبية. ومن أكثر تلك الآثار الجانبية شيوعا:

* الشعور بالنعاس أو الإعياء.

* زيادة الوزن.

* اللهاث وصعوبة في التنفس.

* وخزات أو برودة في اليدين أو القدمين.

* الدوار وألم الرأس.

* اضطرابات النوم أو الأحلام المزعجة.

* اضطرابات المعدة أو الإمساك أو الإسهال.

* الاكتئاب البسيط.

* فتور الرغبة الجنسية.

وكلما كانت الجرعة قليلة، قلت احتمالات حدوث الآثار الجانبية الملحوظة. ونظرا للاختلافات الفردية واختلاف الأدوية، من الضروري تحديد العقار والجرعة المناسبين لتفادي حدوث الكثير من الآثار الجانبية.

في حال ظهور آثار جانبية بعد تناول العقار، لا تتسرع وتتجه لتناول عقار آخر، حيث تختفي الآثار الجانبية أحيانا بمجرد اعتياد الجسم على العقار. وإذا استمرت الآثار الجانبية، فمن الممكن استخدام نوع آخر من «حاصرات بيتا» لعلاج المشكلة.

* «رسالة هارفارد للقلب»، خدمات «تريبيون ميديا» «حاصرات بيتا» والتمرينات الرياضية س: كمبريدج (ولاية ماساتشوستس الأميركية): ريتشارد لي* ج: وصف لي الطبيب دواء «تينورمين» لعلاج ارتفاع ضغط الدم، وعندما أقوم بممارسة التمرينات لا تزداد ضربات قلبي عن 115 ضربة في الدقيقة، رغم أنه ينبغي أن تكون 136. هل هذا بسبب «حاصرات بيتا»؟

رغم بطء معدل ضربات القلب أثناء ممارستك التمرينات الرياضية، فإن من المؤكد أن القلب والشرايين والرئة والعضلات وباقي الأجهزة تستفيد من تلك التمرينات. ويبطئ دواء أتينولول (تينورمين) و«حاصرات بيتا» الأخرى ضربات القلب أثناء الراحة ويحد من سرعة الضربات أثناء التمرينات.

ولا يلاحظ الجسم هذا، لكن تناول العقار يزيد من تعقيد استخدام المعادلات المعيارية لتقدير أعلى معدل لضربات القلب وذلك بطرح مقدار عمرك من مقدار 220 بالنسبة للرجال، ومن 206 بالنسبة للنساء (ضرب العمر في 0.88).

لديك خيارات متعددة أثناء ممارسة التمرينات الرياضية: إما تقليل تقدير أعلى معدل لضربات القلب بحسب مقدار تقليل الأتينولول لمعدل ضربات القلب أثناء الراحة. على سبيل المثال، إذا كان معدل ضربات القلب أثناء الراحة 70 وأصبح 60، اطرح 10 من تقدير أعلى معدل لضربات قلبك بحسب العمر. وهناك طريقة أسهل، هي تطبيق اختبار التحدث، وهو نطق عبارة أو اثنتين بصوت مرتفع أو غناء جزء من أغنيتك المفضلة مع زيادة معدل التنفس عن الطبيعي عند ممارسة مستوى معتدل من التمرينات. إن تمكنت من القيام بذلك فاستمر في التمرينات وزد السرعة، وإن لم تتمكن من ذلك أبطئ السرعة.

وأخيرا، لا يعتقد بعض أطباء القلب أن الـ«أتينولول» من الخيارات الجيدة لعلاج ارتفاع ضغط الدم، حيث لا يبدو أنه يوفر الحماية التي توفرها عقارات علاج ارتفاع ضغط الدم الأخرى لأسباب غير واضحة. ربما لأن تناوله مرة واحدة يوميا لا يكون كافيا. على أي حال، تستطيع التحدث مع الطبيب المعالج لك عن أفضل نوع من «حاصرات بيتا» يناسبك.

* طبيب، محرر مشارك في «رسالة هارفارد للقلب»، خدمات «تريبيون ميديا»