تزايد انعدام الثقة بين البنوك الأوروبية

أصبحت تحتفظ بسيولة غير مستخدمة فاقت 400 مليار يورو

TT

انعدمت الثقة بين البنوك الأوروبية في الوقت الحالي بشكل أكثر من أي وقت مضى، حسب الأرقام والبيانات التي صدرت عن المصرف المركزي الأوروبي ونشرت في بروكسل، والتي قالت إن حجم المبالغ «المعطلة» التي لا يتم استخدامها من جانب البنوك وصل إلى 412 مليار يورو، كما أن الأشهر الأخيرة قد عرفت توترا في الأسواق البنكية خاصة في ما يتعلق بإقراض البنوك لبعضها بعضا، ومشاكل السيولة التي كادت تعصف ببنوك أوروبية ومنها بنك «دكسيا» البلجيكي الفرنسي في أكتوبر الماضي.

وقالت وسائل الإعلام في بروكسل إن الأرقام الصادرة عن المصرف المركزي الأوروبي تؤكد على أن الثقة لم تتحسن بين البنوك، بل على العكس، لدرجة أن المصرف الأوروبي المركزي يعمل كوسيط في قروض قصيرة الأجل. وأشارت إلى أن الودائع النقدية لدى البنوك وصلت في يونيو (حزيران) 2010 إلى 384 مليار يورو، وأن المركزي الأوروبي قدم مؤخرا للمصارف 489 مليار يورو في شكل قروض ذات آجال استحقاق ثلاث سنوات. وحسب ما جرى الإعلان عنه، تهافتت مصارف منطقة اليورو على البنك المركزي الأوروبي لأخذ نصيبها من عملية القروض الضخمة التي قدمها البنك للمصارف الأوروبية، والتي تمتد لثلاث سنوات. والقيمة الإجمالية لهذه القروض وصلت لأربعمائة وتسعة وثمانين مليار يورو، وستشمل خمسمائة وثلاثة وعشرين مصرفا.

ويرى خبراء في الاقتصاد أن «طريقة منح البنك المركزي هذه الأموال للبنوك المعنية تبدو غريبة، فهي كمن يضع أموالا في حاوية القمامة. وإذا خرجت هذه المصارف من البنك المركزي وهي تعتقد أنها مطالبة بشراء مزيد من السندات أو تعزيز رؤوس أموالها فهي بذلك واهمة. على البنوك أن تعتمد على نفسها وأن تقول للجميع إن إمكانياتها الذاتية تكفيها، وإنها تتمتع بالصلابة الضرورية». المركزي الأوروبي قرر مساعدة المصارف، لكن هل ستكون هذه الخطوة كافية لإنهاء أزمة الديون في منطقة اليورو؟ الإجابة هي «لا»، حسب العديد من المحللين الاقتصاديين الذين يقولون «الاتحاد الجبائي في الدول المعنية لن يتم اعتماده في الفترة المقبلة على الأقل. في المقابل ستتواصل التجاذبات والمشاكل السياسية بشأن هذه الأزمة وهذه هي المشكلة الحقيقية». هذه القروض ستسعى المصارف الأوروبية إلى اعتمادها في شكل آليات لتعزيز القروض للخواص وللشركات، إضافة إلى تحسين عائداتها لنهاية العام، ولن يمكن للبنك المركزي الأوروبي الوقوف على نتائجها قبل بضعة أشهر كما يقول مهتمون بالشأن الاقتصادي الأوروبي.

يحدث ذلك فيما فشلت محاولات من جانب أطراف أوروبية ومؤسسات مالية دولية في إقناع الحكومة المجرية بوقف مساعيها لتمرير خطة تتعلق بإعادة هيكلة المصرف المركزي المجري، وذلك عشية طرح الحكومة للخطة على نواب البرلمان لإقرارها على الرغم من تعرضها لانتقادات من جانب المفوضية الأوروبية ببروكسل وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، واتخذ صندوق النقد الدولي موقفا مماثلا، كما سبق للمعارضة المجرية أن عبرت عن موقفها الرافض لخطط الحكومة ونظمت اعتصاما أمام مدخل البرلمان، وانتهي الأمر بتدخل الشرطة لفض الاعتصام. وأظهرت المفوضية الأوروبية القلق من خطة الحكومة المجرية، ونددت بعدم التنسيق في هذا الأمر مع المصرف المركزي الأوروبي، وقالت إن المقترح الحكومي يجعل المفوضية تشعر بالقلق من إمكانية أن يعمل المركزي المجري بشكل مستقل، خاصة أن خطة الحكومة تضمن متابعة الدولة والحكومة لعمل الجهاز المصرفي، كما عبر صندوق النقد الدولي عن موقف مماثل في وقت سابق، وقال ديفيد هاولي، المتحدث باسم المؤسسة النقدية الدولية، إن بحثا لخطط الحكومة المجرية قد جرى وركز حول مدى استمرار استقلالية العمل في المركزي المجري، وحسب مصادر بروكسل وجه رئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروسو رسالة رسمية لرئيس الحكومة المجرية طالبه فيها بالتخلي عن تمرير مشروعي قانونين مثيرين للجدل، يتعلق الأول بإعادة النظر في التشريعات الداخلية لعمل المصرف المركزي المجري، والثاني بشأن السياسات الضريبية للدولة. ويرمي رئيس الحكومة المجرية من وراء هذا الإجراء إلى جعل السياسات النقدية والمالية تحت رقابة صارمة من البرلمان وبأغلبية الثلثين حيث يتمتع بتأييد واسع داخل المجلس النيابي. إلا أن المفوضية ترى أن هذا الإجراء يهدف إلى منع المعارضة المجرية من جهة والمؤسسات الأوروبية من جهة أخرى من مراقبة الأداء المالي للدولة.

وسيصوت البرلمان المجري على قانون إعادة إصلاح عمل المصرف المركزي. ويهدف رئيس الحكومة المجرية إلى تجنب أي ضغوط من المفوضية أو من صندوق النقد الدولي لاستعمال الاحتياطي المالي لبلاده في حالة فشل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي تم تعليقها رسميا. وكان فيكتور أوربان دخل العام الماضي في مواجهة حادة مع المؤسسات الأوروبية بسبب إقدامه على تعديل مثير للجدل لقانون الصحافة. يشار إلى أن المجر لا تنتمي لمنطقة اليورو، لكنها بحاجة إلى موافقة المفوضية الأوروبية للحصول على دعم صندوق النقد لدولي. واعتقلت الشرطة المجرية، يوم الجمعة الماضي، رئيس الوزراء السابق للبلاد فيرينك جيوركساني وعددا من السياسيين المعارضين، وذلك بعد أن حاولوا شن حملة احتجاجية ضد الحكومة الحالية أمام مقر البرلمان. وذكرت شبكة «إيه بي سي نيوز» الأميركية أن الشرطة قامت باعتقال جيوركساني واثنين من النواب البرلمانيين التابعين للائتلاف الديمقراطي الذي يقوده بالإضافة إلى أكثر من عشرة نواب آخرين تابعين لائتلاف «السياسة قد تكون مختلفة».

وقد قام النواب المعارضون بالتجمع أمام مدخل السيارات الخاص بمبنى البرلمان وقاموا بتقييد أنفسهم بالسلاسل في أعمدة المدخل، وذلك قبل أن تتدخل الشرطة وتقتادهم باستخدام سياراتها. وفي الحادي والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أعلن الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي أن المجر تقدمت بطلب للحصول على مساعدة مالية من الاتحاد الأوروبي، ورفض أماديو التفاج، المتحدث في المفوضية الأوروبية، الإعلان عن المبالغ التي طلبتها بودابست، واكتفى بالإشارة إلى أن الأمر قيد البحث حاليا. وأشار بيان أوروبي إلى أن المجر أرسلت طلبا مماثلا إلى صندوق النقد الدولي، وأن السلطات المجرية أعربت في طلبها عن أنها تريد الاستفادة من الدعم الأوروبي كإجراء وقائي وعلاجي للأوضاع التي تمر بها البلاد، وقالت المفوضية إنها ستدرس الطلب المجري بعد التشاور مع بقية الدول الأعضاء في التكتل الأوروبي الموحد، وأيضا مع صندوق النقد الدولي، وأشار بيان المفوضية إلى أن الطلب المجري للحصول على مساعدة مالية تزامن مع عودة وفد أوروبي، كان يقوم بمراقبة لبرنامج متصل بميزان المدفوعات والمساعدات الأوروبية للمجر، واستمرت المهمة أسبوعين. وتواجه دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي وأيضا أعضاء في منطقة اليورو، أزمة تتعلق بالعجز في الموازنة، وسقطت في دوامة ما يعرف بأزمة الديون السيادية، التي بدأت من اليونان وأعقبتها آيرلندا والبرتغال، وهناك مخاوف الآن من انتقال العدوى إلى إيطاليا وإسبانيا.