البحرين: رئيس اللجنة الوطنية لمتابعة التوصيات يستقيل من منصبه

برر الاستقالة بهجوم شنته عليه المنابر والصحف للنيل من نزاهته

TT

فجر رئيس اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، أمس، مفاجأة غير متوقعة بطلب إعفائه من اللجنة، حيث رفع خطابا إلى العاهل البحريني، وجه نسخة منه إلى وسائل الإعلام، شرح فيه تاريخه في العمل السياسي وولاءه للأسرة الحاكمة في البحرين.

وفي الجانب الأمني نقلت وكالة أنباء البحرين (بنا) تصريحا لمدير عام الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية، بأنه تم القبض على عدد من المخربين المتورطين في قضية إلقاء الزجاجات الحارقة «المولوتوف» على الدوريات الأمنية، والاعتداء على رجال الأمن صباح يوم الجمعة 30 من ديسمبر (كانون الأول) المنصرم بمنطقة النويدرات.

وأوضح أن المتهمين ذكروا معلومات عن بعض المخربين الذين اشتركوا معهم في عملية الاعتداء، مضيفا أن عمليات البحث والتحري جارية للكشف عنهم، إلى ذلك تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإحالة المتهمين إلى النيابة العامة.

وبالعودة إلى استقالة رئيس اللجنة الوطنية، حيث برر علي صالح الصالح، الذي يشغل منصب رئيس مجلس الشورى، طلب إعفائه من اللجنة بما تعرض له من نقد جارح وتشكيك في نزاهته، حيث قال في رسالة نشرتها وسائل الإعلام البحرينية: «بعد أن ظهرت أصوات من على رؤوس المنابر وفي بيوت الله وبعض أعمدة الجرائد، تشكك في نزاهتي وتطعن في صدقي وأمانتي، بسبب أنني أعدت أربعة موظفين ممن فصلوا من مجلس الشورى أثناء الأحداث وتمت إعادتهم لأسباب إنسانية، وهذا من صميم مسؤوليتي الإدارية كرئيس لمجلس الشورى، وليست له علاقة بأعمال اللجنة الوطنية، وقد كانت تلك الاتهامات أكبر صدمة أتلقاها في حياتي».

وطلب الصالح من العاهل البحريني أن يشكل لجنة من الرقابة المالية والإدارية للتحقيق في تاريخه الوظيفي والكشف عن ذمته المالية وذمم بقية أفراد أسرته، معلنا تحمله لأية مسؤولية حدثت طوال تاريخه الوظيفي مهما صغرت.

وكان الصالح قد عين رئيسا للجنة الوطنية التي شكلها الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2011، وتتشكل من 9 شخصيات سنية و9 شخصيات شيعية، ووضع للجنة فترة زمنية تنتهي بنهاية فبراير (شباط) المقبل، لترفع تقريرا إلى العاهل البحريني بمدى تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق البحرينية المعروفة باسم «لجنة بسيوني».

أمام ذلك تقول الدكتورة سميرة رجب، النائبة في مجلس النواب البحريني، إن تصرف الصالح كان صادما، وقالت إنه رجل سياسي خبر معترك السياسة، وأضافت: «لم يكن متوقعا من الصالح هذا الموقف».

وبينت رجب أن الصالح يعرف أن هناك أطرافا متصارعة في البحرين، وأن هذه الأطراف متعارضة في مصالحها، كما كان يعرف سلفا حجم الضغوط التي سيتعرض لها بسبب المنصب الذي كان يشغله.

وامتدحت رجب شخصية الصالح وقالت إنه أحد الشخصيات التي تدعو إلى إيجاد حلول توافقية من جميع الأطراف، واعتبرت أن ما تعرض له الصالح كان عبارة عن ضغوط سياسية، وقالت: «لم نر هجمة حقيقية على شخصه، وما تعرض له ضغوط من الطرفين المعارضة والمؤيدين للحكومة»، وشددت على أنه كان المتوقع من جميع الذين يغلبون مصلحة الوطن أن يكونوا صبورين وأن يتحملوا الظروف المختلفة.

وعلى الرغم مما كان يمثله الصالح، بحسب الدكتورة سميرة رجب، فإنها تعتقد أن استقالته لن تؤثر على عمل اللجنة، وقالت إن اللجنة ستستمر في عملها، مضيفة أن البحرين مليئة بالكفاءات التي يمكن أن تقود اللجنة خلال الفترة المقبلة.

وانتقدت رجب لجوء الصالح إلى مخاطبة الملك بشكل علني وبث الرسالة مباشرة إلى وسائل الإعلام، وقالت إن موقف الصالح غير مبرر لأن كل القنوات مفتوحة بينه وبين الملك.

بدوره علق الصحافي أحمد المدوب، رئيس القسم السياسي في صحيفة «الوطن» البحرينية، في حديث مع «الشرق الأوسط»، قائلا إن أي شخص يقبل بمنصب عام يعرف أنه سيكون عرضة للنقد، سواء كان نقدا بناء أو هداما، وعليه أن تكون لديه مرونة في تقبل الانتقادات التي تطاله.

وتابع المدوب: «أرى أن الأسباب التي ذكرها الصالح في رسالته غير مبررة للاستقالة»، وأضاف: «لم نلحظ أي حملة تستهدفه، بل على العكس كان قبوله برئاسة اللجنة محل ترحيب وتقدير من الجميع»، وقال إن استقالة الصالح لن تحقق أي هدف سوى هدف المنتقدين له.

وفي السياق ذاته علق رضا الموسوي، نائب الأمين العام لجمعية وعد (إحدى جمعيات المعارضة السياسية في البحرين)، إن استقالة الصالح تأتي في خانة الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، موضحا أن اللجنة التي كان يرأسها الصالح وضعت في غرفة الإنعاش منذ تشكيلها، لأن طريقة تشكيل اللجنة كانت مخالفة لتوصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق، التي نصت على «تشكيل لجنة وطنية لمتابعة التوصيات من شخصيات حكومية مرموقة، ومن الجمعيات السياسية المعارضة، ومن مؤسسات المجتمع المدني، وتقوم اللجنة بمهمة متابعة تنفيذ توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق».

ووصف الموسوي استقالة الصالح بأنها رصاصة الرحمة على اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ التوصيات، وقال إن الصالح تعرض لهجوم من بعض الموتورين نال من نزاهته، واعتبر أن الأزمة التي تعيشها البحرين قادت من سماهم بالموتورين للتشكيك في اللجنة ورئيسها، وقال إنهم لا يرغبون في حل ينهي حالة التوتر التي تعيشها البلاد.

وشدد الموسوي على أن الحل هو العودة إلى توصيات «لجنة بسيوني» وتشكيل لجنة متابعة تنفيذ التوصيات، بحسب التوصية التي خلص لها التقرير.

الجدير ذكره أن الحكومة البحرينية اتخذت قرارات بإعادة نحو 196 من موظفي القطاع العام إلى أعمالهم، حيث سيعودون مع مطلع العام الجديد إلى وظائفهم بعد تعرضهم خلال الفترة الماضية للإيقاف عن مزاولة مهامهم الوظيفية على خلفية أحداث فبراير (شباط) ومارس (آذار) التي شهدها الشارع البحريني.