المجلس الوطني وهيئة التنسيق الوطنية يوقعان «اتفاقا أوليا» لمرحلة ما بعد الأسد

جدل حول «التدخل الأجنبي».. وهيثم المناع لـ «الشرق الأوسط»: الخطوة انتصار لقيم الثورة

جانب من مظاهرة في حي الحميدية بحماه لمطالبة لجنة المراقبين بزيارتها
TT

بعد شهرين على طلب الجامعة العربية من المعارضة السورية بكافة أطيافها العمل على توحيد صفوفها والوصول إلى اتفاق في ما بينها للمرحلة الانتقالية، أعلن يوم أمس عن «بروتوكول مشترك» حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، بين المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطنية حمل توقيع كل من رئيسيهما الدكتور برهان غليون وهيثم المناع. لكن وبعد ساعات قليلة من الإعلان عن هذا الاتفاق، رفع عدد من أعضاء المجلس الوطني صوتهم المعارض والرافض لهذه الوثيقة وذلك من خلال التوقيع على عريضة اعتبروا فيها أن البنود التي اتفق عليها تتناقض مع البيان السياسي لاجتماع المجلس في تونس والذي نص على مطالبة المجتمع الدولي بإقامة مناطق آمنة وعازلة لحماية المدنيين، وهو ما يخالف الاتفاق مع الهيئة في بنده الأول والذي ينص على رفض أي تدخل عسكري أجنبي يمس بسيادة واستقلال البلاد، إضافة إلى عدم احترام النظام الأساسي للمجلس الوطني والذي ينص على أن توقيع الاتفاقات يخضع لموافقة الأمانة العامة أولا ولتصديق الهيئة العامة ثانيا. كما اعتبرت العريضة أنه ليس من حق رئيس المجلس أن يتصرف بكامل الكيان السياسي دون الرجوع للهيئة ويحولها إلى كيان تابع لكيان جديد، وهذا يشكل خرقا فاضحا لنظامنا الأساسي.

وفي هذا الإطار، قال وليد البني رئيس مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري والذي كان حاضرا في الاجتماع الأخير بين طرفي الوثيقة، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الاتفاق الذي تم بين المجلس والهيئة هو اتفاق أولي لا يصبح رسميا إلا بعد موافقة الأمانة العامة والهيئة العامة للمجلس، ليتم في ما بعد التوقيع عليه في حضور أمين عام الجامعة العربية، لذا تم تأجيل موعد لقائنا الذي كان مقررا مع نبيل العربي إلى حين أخذ الإجراءات القانونية اللازمة في ما يتعلق بموافقة الأمانة العامة».

من جهته، اعتبر هيثم المناع، رئيس هيئة التنسيق الوطنية، أن هذه الخطوة هي «انتصار لقيم لثورة الديمقراطية وللوصول إلى مجتمع مدني لا طائفي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تشكل هذه الورقة السياسية جزءا من نضالنا ضمن نطاق خطة العمل العربية والتي كان من المقرر أن نقدمها إلى أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي، غدا (اليوم)، وهي ستكون وثيقة عمل المؤتمر السوري العام الذي من المفترض عقده في الأسبوع الأول من عام 2012. ويؤكد المناع أن الاتفاق على هذه الورقة كان من كلا الطرفين، إضافة إلى أطراف وشخصيات أخرى في المعارضة ليست ممثلة في المجلس أو الهيئة للوقوف على ملاحظاتهم اى أن وصلنا إلى اتفاق جامع ومتفق عليه من الجميع. ويلفت المناع إلى أن فريق العمل أو اللجنة التي تولت مهمة النقاشات بين الطرفين كانت مؤلفة من هيثم المناع وعبد العزيز الخير ورجاء الناص وصالح مسلم محمد، من هيئة التنسيق، ومن وليد البني وكاترين التللي وهيثم المالح وأحمد رمضان من المجلس الوطني السوري، لكن الجلسة الأخيرة لهذه المفاوضات التي جرت في القاهرة كانت بحضور رئيس المجلس الوطني الدكتور برهان غليون، إضافة إلى عدد كبير من أعضاء في الهيكلين، وذلك في المرحلة التي تعثر فيها الوصول إلى صيغة نهائية بين الطرفين. وفي ما يتعلق بالغموض الذي يشوب البند الذي يشير إلى الجيش السوري الحر، لا ينفي المناع أن هناك خلافا بين الطرفين في نظرة كل منهما إليه، ويعتبر المناع أن نشاط هذا الجيش يفقد الثورة سلميتها ويؤدي إلى توظيفه بشكل سلبي وعنيف من قبل النظام السوري.

وفي ما يتعلق بأبرز بنود البروتوكول المرتبطة بمرحلة العمل على إسقاط النظام، فقد تم الاتفاق على «رفض أي تدخل عسكري أجنبي يمس بسيادة واستقلال البلاد» من دون أن يعتبر التدخل العربي أجنبيا، ومع التأكيد على حماية المدنيين بكل الوسائل المشروعة في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان.

كما أكد الاتفاق على «صون الوحدة الوطنية للشعب السوري بكل أطيافه وتعزيزها ورفض وإدانة الطائفية والتجييش الطائفي وكل ما يؤدي إلى ذلك. وقد اكتفى الطرفان بالإشارة إلى عمل «الجيش السوري الحر» من خلال القول: «نعتز بمواقف الضباط والجنود السوريين الذين رفضوا الانصياع لأوامر النظام بقتل المدنيين المتظاهرين السلميين المطالبين بالحرية»، من دون التطرق بشكل أوضح إلى كيفية دعم هذا الجيش، لا سيما أن هذا الأمر كان من ضمن نقاط الخلاف التي أخذت حيزا واسعا من النقاشات بين المجلس والهيئة.

وكان للمرحلة الانتقالية الحصة الأكبر من هذا الاتفاق، وقد تم التعريف عنها بما يلي «تبدأ هذه المرحلة بسقوط النظام القائم بكافة أركانه ورموزه مع الحفاظ على مؤسسات الدولة ووظائفها الأساسية، وتنتهي بإقرار دستور جديد للبلاد يضمن النظام البرلماني الديمقراطي المدني التعددي والتداولي وانتخاب برلمان ورئيس جمهورية على أساس هذا الدستور. وحدد الاتفاق الفترة الانتقالية بسنة قابلة للتجديد مرة واحدة، وتعهد بأن تلتزم مؤسسات الدولة في المرحلة الانتقالية بأن يكون الشعب مصدر السلطات وباستقلال سوريا وحماية أسس الديمقراطية المدنية والحريات، وتأصيل فصل السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وحماية أسس الديمقراطية المدنية.

كما تطرق الاتفاق إلى المسألة الكردية من خلال التأكيد على «أن الوجود القومي الكردي جزء أساسي وتاريخي من النسيج الوطني السوري، وهو ما يقتضي إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في إطار وحدة البلاد أرضا وشعبا، الأمر الذي لا يتناقض البتة مع كون سوريا جزءا لا يتجزأ من الوطن العربي».

وقد أشار الاتفاق إلى مساواة المواطنين أمام القانون، واحترام الطقوس الدينية والمذهبية مع نزع القداسة عن العمل السياسي والمدني، إضافة إلى نبذ العنف والوقوف ضد الإرهاب والفساد وإلغاء القوانين والقرارات الاستثنائية الصادرة في ظل الديكتاتورية والعمل لمعالجة آثارها.

كما أعرب الاتفاق عن «التمسك بالتراب الوطني وتحرير الأرض السورية وإقامة علاقات أخوة وتعاون مع الدول العربية وعلاقات متينة ومتكافئة مع الدول الإقليمية»، و«الالتزام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية وميثاق الأمم المتحدة وميثاق الجامعة العربية والشرعة الدولية لحقوق الإنسان».

وبشأن المرجعية القانونية والدستورية لفت الاتفاق إلى أن مؤتمر المعارضة سيشهد انبثاق لجنة مشتركة للعمل الوطني «تنسق مواقف المعارضة وتوحد نشاطاتها السياسية والحقوقية والإعلامية والدبلوماسية والإغاثية وتحترم قراراتها الأطراف المشاركة».

المجلس الوطني السوري

* أعلن عن تأسيسه في 22 أغسطس 2011 من إسطنبول، وقد اختير الدكتور برهان غليون رئيسا له. ويتألف من 230 عضوا، ممثلين من 8 تجمعات وأحزاب سورية، هي: «الإخوان المسلمون»، وتجمع إعلان دمشق وتجمع مستقلي الخارج وتجمع مستقلي الداخل، والتجمع الكردي والآشوريين والحراك الثوري الذي يضم المجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية ولجان التنسيق المحلية، إضافة إلى اللجنة المؤسسة للمجلس الوطني. وتتألف الأمانة العامة لهذا المجلس من 8 شخصيات تمثل كل منها الحزب أو التجمع الذي تنتمي إليه، وهي، برهان غليون وهيثم المالح وأحمد رمضان وفاروق طيفور وعبد الباسط سيدا ومطيع البطين وبسمة القضماني وعبد الأحد سطيفو.

هيئة التنسيق الوطنية

* أعلن عن تأسيسها في شهر مايو 2011 برئاسة هيثم المانع، أي بعد نحو شهرين من اندلاع الثورة السورية، وهي تضم تجمع اليسار السوري وحزب العمل الشيوعي وحزب الاتحاد الاشتراكي والحزب القومي و11 حزبا كرديا إلى جانب شخصيات معارضة.

ويتألف المكتب التنفيذي للهيئة من: ماجد حبو وحسن عبد العظيم وحسين العودات وعارف دليلة ورجاء الناصر وعبد العزيز الخير ومحمد العمار ومنير البيطار وفايز سارة وصالح مسلم محمد وجمال ملا محمود ومحمد موسى وبسام الملك وروزا ياسين وإلياس دبانة ومحمد سيد رصاص.